رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحفاد «القصبجى» يواصلون نسج كسوة الكعبة بأحجام مختلفة

بوابة الوفد الإلكترونية

قبل حوالى 100 عام كانت كسوة الكعبة تصنع فى مصر حيث يشترك فى نسجها وتطريزها أمهر فنانى العالم الإسلامى، ومن بين هؤلاء أسرة عثمان القصبجى، التى استمرت لسنوات متعهدة نسج الحرير وزخرفته وطلاءه بالذهب والفضة، ليخرج المحمل فى موكب مهيب حتى يصل إلى أرض الحرمين، انطلاقا من محله فى خان الخليلى وسط القاهرة، الذى لا يزال يمارس فيه مهنة التطريز حتى الآن.

تحت مروحة فى حجرة واسعة بالقاهرة الإسلامية، يطرز أحمد عثمان عبدالحميد القصبجى قطعة قماش سوداء راسما حروف آية قرآنية بخيوط الذهب، على غرار أجداده الذين كانوا يصنعون كسوة الكعبة.

ويروى «القصبجى» -فى تصريحات صحفية- قصة عائلته مع كسوة الكعبة، مؤكدا أن جده قد عُهد إليه أعوام 1924 و1925 و1926 برئاسة مصلحة كسوة الكعبة، وظلت الكسوة تنسج وتطرز على يديه لسنوات، كما كان يصنع البدل الملكية للملك فؤاد والملك فاروق، والشارات العسكرية للجيش والشرطة المصريين وحتى بعض الجيوش العربية.

ويوضح «القصبجى» أن جده استخدم الحرير الطبيعى فى كسوة الكعبة كما هى العادة، وقال: «كانت سعادتنا الحقيقية وقت انتهاء العمل وخروج الكسوة من دار الكسوة وحملها على الجمال، وسعادة الناس بخروج المحمل واستقباله بالعطور والورد والحلوى, كانت أجواء جميلة جدا».

ويضيف «القصبجى» الحفيد صاحب الـ50 عاما، أن «كسوة الكعبة كانت قماشا حريريا يطرز بسلوك من الفضة المطلية بالذهب، لأن الفضة يسهل العمل بها مع القماش, العمل فى هذا الوقت كان صعبا للغاية ويحتاج صبرا، فتطريز سنتيمترات قليلة كان يحتاج يوما كاملا من العمل بإتقان ويتطلب صبرا وتحملا وهى أشياء نفتقدها الآن».

ويتحدث «القصبجى» بفخر قائلا: «صنعت النياشين العسكرية فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وأبى كان يصنع هذه النياشين فى عهد الرئيسين الأسبقين جمال عبدالناصر وأنور السادات، بينما كان يعمل جدى فى العهد الملكى على صناعة هذه النياشين والبدل العسكرية والملكية».

ويبلغ إجمالى مساحة كسوة الكعبة 658 مترا مربعا، ويطرز بالأحجار الكريمة، وكانت الكثير من الدول تتنافس على إرساله كهدية، ومنذ القرن الثالث عشر تولى فنانون مصريون مهمة صناعته وتطريزه، لكن فى عام 1927 انتقل إلى مكة المكرمة، حتى بات منذ عام 1962 يصنع بالكامل هناك.

والآن ينفذ «القصبجى» والعاملون معه نماذج مصغرة لكسوة

الكعبة، وأخرى بالحجم الطبيعى حسب الطلب، لكن غلاء المواد الأولية جعله يستبدل بعضها بأخرى أقل سعرا، ويبدأ سعر قطعة صغيرة من نسخة كسوة الكعبة بحوالى 100 جنيه لكن قد يصل سعر بعض المنتجات المصنوعة إلى آلاف الدولارات مثل النسخ المقلدة من باب الكعبة، التى يؤكد «القصبجى» بفخر أنه لا يمكن تمييزها عن النسخ الأصلية فى مكة المكرمة.

ويعانى «القصبجى» والعاملون فى مهنة التطريز عموما، تأثر حرفتهم بالأزمات العالمية، مثل جائحة كورونا والحرب فى أوكرانيا التى قللت أعداد السائحين، لكنه لا يزال يحافظ على هذه الحرفة التى يعتبرها إرثا عائليا، ويخشى قلة عدد من يقبلون على تعلمها مع ظهور مهن أخرى أكثر جذبا للشباب.

ومنذ بدء جائحة كوفيد-19، لم يعد يبيع أكثر من «قطعتين فى الشهر»، فى حين أنه قبلها كان يبيع قطعة كل يوم, ورغم ذلك، يحافظ على تراث عائلته فى مشغله الذى تنتشر فيه أقمشة داكنة تضيئها آيات قرآنية مطرزة بخيوط الذهب.

ووسط موظفيه الذين يحنون ظهورهم وهم منكبون على التطريز، يؤكد «القصبجى»، الذى تعلم حرفة أجداده طفلا عندما كان يهرب من المدرسة لمشاهدة والده وهو يعمل، أنه «يريد البقاء لحرفته ولذلك ينقل بأمانة أسرارها».

ويؤكد «القصبجى» أنه لم يعد يتبقى اليوم إلا قرابة عشرة مطرزين حقيقيين، لكنه مصمم على الحفاظ على التراث فى مصر، حيث قرر جده الأكبر أن يستقر وأن يمارس مهنة التطريز بعدما غادر مسقط رأسه فى تركيا قبل قرن ونصف القرن.