عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الست خيرية..فى مهمة إنسانية

خيرية محمود الخياط
خيرية محمود الخياط

«خيرية محمود الخياط» عندما تشاهدها للوهلة الاولى تشعر بالراحة والطمأنينة، هادئة الطبع، رغم علامات الزمن التى بدت على وجهها بفعل التقدم فى العمر لكن تبدو عليها علامات الرقى وجمال الروح قبل الوجه،  اصطحبت فى يدها طفلًا هادئًا فقد أخذ طبعها، لا يمكن ان تتخيل سوى انه ابنها،  جاءت من الاسكندرية عروس البحر المتوسط تنشد الحل والأمان للطفل وحتى تروى الحكاية التى جاءت من اجلها،  نظرت للطفل فترك المكان واختفى حتى تنهى المهمة التى جاءت من اجلها،  قالت انها وهبت حياتها لتربية «شريف سعيد» نعم هذا اسم الطفل، وكانت المفاجأة لنا انه ليس ابنها رغم تشابه الطبع والملامح،  نعم أنه ابنها بالتبنى تولت رعايته حتى صار عمره الان 13 عاما، كانت له خلالها نعم الام لم تبخل عليه بجهدها أو مالها رغم أنها ام  لشاب وفتاة فى الفترة الاخيرة أصابها تعب  السنوات  وتقدم العمر وتراكمت الأمراض وزادت قائمة الأدوية التى تتعاطاها بانتظام؛ للسيطرة على الأمراض التى تعانى منها، فقد تجاوز عمرها الـ٦٧ عاما،  ولانها سيدة تؤمن بقرب الأجل وتغيرات الحياة،  لم تقلق على ابنيها ولكن كل ما يؤرق راحتها فى هذا العمر هو مستقبل هذا الطفل الذى جلبته من دار الايتام منذ ١٣ عاما،  وما ينتظره اذا ما وفاتها المنية، هل سيكون مصيره الشارع،  او العودة الى دار الايتام مرة اخرى،  وهل سيتحمل تلك الحياة بعد الاستقرار والحياة الكريمة التى يعيشها معها منذ تفتحت عيناه على الحياة فهو لا يعرف امًا غيرها ولا بيتًا غير بيتها.  

من الإسكندرية إلى القاهرة حضرت السيدة الستينية بوجه بشوش، ورغم عناء السفر ومشقته على من هم فى نفس سنها إلا أنها تحملته، وراحت تجوب الأرض دون ملل حتى وصلت إلى جريدة الوفد تبحث عن ضالتها لتأمين مستقبل كريم لطفل شاء قدره ان يلقى فى دار للايتام ولا يعرف من تسبب فى هذا المصير ولكن شاء القدر ايضا ان يضع سيدة حنونًا لتتولى رعايته وتربيته والانفاق عليه واخذته من دار الايتام لمنزلها وربته وسط أولادها

بعكاز تتكيء عليه وبابتسامة توزعها على المارة، وكأنها ملاك من السماء، وبملابس منمقة  جلست على كرسى تشد ظهرها عليه لعلها تستريح قليلًا من الوقت بعد عناء السفر ولكن يحذوها الامل فى ان تصل الى ما جاءت اليه مهما كلفها الامر.

روت الحكاية فى بساطة وهدوء وكانها لم تفعل شيئا، كل ما ترجوه هو الاطمئنان على الامانة التى حملتها على كاهلها بعد وفاتها.

قبل 12 عاما تطوعت «خيرية» للعمل فى «دار العفاف» للأيتام بالإسكندرية لتساعد فى تربية الأطفال، وذلك بعد وفاة زوجها وإصابتها بحالة حزن، وعلى مدار عامين عملت بهما داخل تلك الدار لم تدخر وقتا أو جهدا فى مساعدة الأطفال الذين حرموا من نعمة الأب والأم وكانت لهم بمثابة الاثنين، وقبل مغادرتها الدار قررت تبنى أحد الأطفال، شعرت انها لا تستطيع تركه فى الدار فهى ارتبطت به عاطفيا  كان عمره فى ذلك الوقت 8 أشهر، رغم أن لها ولدًا وبنتًا يكبراه بعدة أعوام، ولكنها اصرت على اخذه وبالطريق المعروف للتبنى وباشراف من وزارة التضامن.

«اتعلقنا ببعض ومقدرتش أسيبه» قالتها السيدة الستينية خلال حديثها مع الوفد التى جاءت إليه تحمل حافظة ملونة بين بيديها مليئة بالأوراق التى تخص مرضها وتبنيها الطفل شريف حتى أصبح فى الصف الأول الإعدادي.

وواصلت السيدة الستينية بأنها لا تملك فى تلك الحياة إلا معاش زوجها تنفق منه على أسرتها الصغيرة، وأن مديرية الشئون الاجتماعية تتابع الطفل من خلال موظفة تمر

عليها شهريا، وواصلت أنه فى أإحدى المرات طلبت منها الموظفة أن تفتح حسابا للطفل وتضع فيه مبلغا من المال يعينه على مواجهة الحياة، دون أن تشارك فيه وزارة التضامن الاجتماعى «قالتلى افتحيله حساب فى البنك بمبلغ من معاكي» ووصفت السيدة ذلك الطلب بالغريب عليها، ولكنها لم تقف عند هذا الامر واستمرت فى رعايتها لشريف.

وذكرت الحاجة خيرية أنها تعانى من عدة أمراض مزمنة، وتخشى على مستقبل الطفل الذى كبر أمام عينيها وكأنها حملته فى أحشائها كوالدته، خاصة أنها لا تملك شقة يمكن أن يقيم فيها الطفل المتبنى بعد وفاتها، وان الشقة التى تقيم بها هى ملك اولادها،  وقالت لن اكذب على نفسى او الطفل،  بعد وفاتى لن يكون له مكان فى الشقة ولن يجد الرعاية التى يلقاها الان من جانب اولادى،  

«خايفه عليه بعد وفاتى يتشرد أو او تتم إعادته الى دار الايتام،  سوف يضيع فى الطرقات ولن يجد من يرعاه او يحافظ على مستقبله » استكملت السيدة المسنة حديثها قائلة بأنها تتمنى مساعدتها من قبل المسئولين بالدولة او اهل الخير فى  توفير شقة له خاصة بعد قرارات الدولة الأخيرة بتوفير شقق سكنية لأبناء دور الأيتام بعد تجاوزهم عمر الـ18 عاما.

بعيون الأم وبقلب حنون واصلت قائلة إنها تصاب بحالة من الخوف والرعب كلما دار بمخيلتها بأنها ستفارق الحياة ويعود شريف لدار الأيتام ويفقد الحياة الكريمة التى يعيشها بصحبتها هى وابنيها، او يكون مصيره الشارع، لقد اصابها السهد والغم بسبب الهاجس الذى سيطر عليها بسبب قلقها على هذا الطفل الذى حرم من حب ورعاية الام والاب الحقيقيين ورزق بهذه الام البديلة ولكن تقدم العمر بها وشعورها بدنو الأجل يشعرها بالرعب.

وطلبت فى نهاية كلامها شقة سكنية باسم طفل التبنى شريف سعيد، كما أبدت استعدادها لتحمل أقساط بسيطة نظير تلك الشقة فى حال طُلب منها ذلك، نتمنى ان تجد هذه السيدة من هو اكرم منها ويتبنى طلبها الإنسانى الذى تسعى وراءه رغم مرضها وكبر سنها كى توفر حياة كريمة حرمته الحياة ووالداه منها عند ولادته.  حكاية الطفل شريف والست خيرية التى تحمل الكثير من اسمها نضعها امام المسئولين ونتمنى ان يلبوا الرغبة الاخيرة لسيدة تسعى لايجاد شقة متواضعة ومستعدة للمساعدة فى ثمنها على قدر امكانيتها، للحفاظ على طفل يتيم من الضياع بعد موتها.