عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدكتور إبراهيم البيومي يكشف فضل الأمّ في الإسلام

الدكتور ابراهيم البيومى
الدكتور ابراهيم البيومى إمام وخطيب مسجد السيدة زينب

 دعا الإسلام إلى برّ الوالدَين والإحسان إليهما، إلّا أنّه أولى الأمّ اهتمامًا خاصًا، وقد دلّ على ذلك ما ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أبُوكَ)، [وقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ اللهَ يُوصِيكمْ بِأمَّهاتِكمْ -ثلاثًا-، إنَّ اللهَ تعالَى يُوصيكُمْ بآبائِكمْ -مرَّتيْنِ-، إنَّ اللهَ تعالَى يُوصيكُمْ بالأقْرَبَ فالأقْرَبَ). 

بهذا بدأ الدكتور إبراهيم البيومى إمام وخطيب مسجد السيدة زينب حديثه حول فضل الأم:


 ذكر الأم ثلاثَ مراتٍ في كلا الحديثَين يدلّ على ثلاثة أمور: أولها أنّ برّ الأم والإحسان إليها مقدّمٌ على برّ الأب، وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء، وثانيها أنّ نصيب الأم من البرّ وحسن الصلة أعظم، فهو يعادل ثلاثة أمثال نصيب الأب، وثالثها أنّه في حالة تعارض أمر الوالدَين واستحالة الجمع بين أمريهما فإنّ طاعة الأم أَوْلى من طاعة الأب. ويعود سبب أحقّيّة الأم في تقديم برّها وحسن صلتها على الأب انفرادها بتحمّل ثلاثة أمور؛ وهي صعوبة الحمل الذي يستمر تسعة أشهر، والولادة، والرّضاعة، ثمّ لا تنفكّ تُشارك الأب في التربية، وتدعو بالخير والتوفيق لِأبنائها سرّاً وجهراً، وألّا يصيبهم مكروه يُذيب قلبها ويُحزنه.


 ويروي أن رجلًا كان بالطواف حاملًا أمه يطوف بها، فسأل النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" هل أديت حقها؟ قال: «لا، ولا بزفرة واحدة» !.. أي زفرة من زفرات الطلق والوضع ونحوها.

 

 وبر الأم يعني: إحسان عشرتها، وتوقيرها، وخفض الجناح لها، وطاعتها في غير المعصية، وإلتماس رضاها في كل أمر، حتى الجهاد، إذا كان فرض كفاية لا يجوز إلا بإذنها، فإن برها ضرب من الجهاد.

 

 ومن الأحاديث النبوية الدالة على مكانة الأم في الإسلام قصة الرجل الذي جاء إلى النبي "صلى الله عليه وسلم" فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك، فقال: «هل لك من أم؟» قال: نعم، قال: «فالزمها فإن الجنة عند رجليها».

 وقد كانت بعض الشرائع تهمل قرابة الأم، ولا تجعل لها اعتبارًا، فجاء الإسلام يوصى بالأخوال والخالات، كما أوصى بالأعمام والعمات، ومن الأحاديث الدالة على ذلك أن رجلًا أتى النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" فقال: إني أذنبت، فهل لي من توبة؟ فقال: «هل لك من أم؟» قال: لا، قال: «فهل لك من خالة؟»، قال: نعم، قال: «فبرها».

 

 ومن عجيب ما جاء به الإسلام أنه أمر ببر الأم، حتى وإن كانت مشركة؛ فقد سألت أسماء بنت أبي بكر النبي "صلى الله عليه وسلم" عن صلة أمها المشركة، وكانت قدمت عليها، فقال لها: «نعم، صلي أمك».

ومن رعاية الإسلام للأمومة وحقها وعواطفها أنه جعل الأم المطلقة أحق بحضانة أولادها؛ تقديرًا لمكانة الأم في الإسلام، وأولى بهم من الأب، حيث قالت امرأة يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينتزعه مني! فقال لها النبي "صلى الله عليه وسلم": «أنتِ أحق به ما لم تنكحي».

 

 وأوضح الدكتور إبراهيم البيومى إمام وخطيب مسجد السيدة زينب:

 والأم التي عني بها الإسلام كل هذه العناية، وقرر لها كل هذه الحقوق، واجب عليها أن تحسن تربية أبنائها، فتغرس فيهم الفضائل، وتبغضهم في الرذائل، وتعودهم على طاعة الله، وتشجعهم على نصرة الحق، ولا تثبطهم عن الجهاد، استجابةً لعاطفة الأمومة في صدرها، بل تغلب نداء الحق على نداء العاطفة.

 ولقد رأينا أمًا مؤمنة كالخنساء في معركة القادسية تحرض أبناءها الأربعة، وتوصيهم بالإقدام والثبات في كلمات بليغة رائعة، وما إن انتهت المعركة حتى نعوا إليها جميعًا، فما ولولت ولا صاحت، بل قالت في رضا ويقين: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم في سبيله!!

 أدام الله أمهاتنا، وأعاننا على طاعتهن ورعايتهن وبرهن، ورحم الله الأمهات الراحلات وأسكنهن فسيح جناته؛ جزاء ما قدمن من تضحيات.


لكن التوصية بالأم لا تعني إهمال الأب والتعامل معه بغلظة كما يفعل بعض الأبناء، نعم الإسلام أوصى بالأم وبرها يتقدم بر الأب.. لكن الحرص على بر الأمهات لا ينبغي أن يكون على حساب الآباء، فالإسلام أمر ببر الوالدين، والله عز وجل وصى ببرهما معاً فقال في ثلاث آيات قرآنية صريحة: «وبالوالدين إحسانا»، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أوصى ثلاث مرات ببر الأم والإحسان إليها في مقابل التوصية مرة واحدة ببر الأب فليس معنى ذلك أن نتعامل مع الأب بجفوة وقسوة ونتقرب من الأم ونحاول إرضاءها كما يفعل بعض الأبناء.