رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فضل الاستعانة بالله ومنزلتها

بوابة الوفد الإلكترونية

الاستعانة بالله من صفات المؤمنين وقد أمر الأنبياءُ أقوامهم بالاستعانة بالله وحده، قال- سبحانه-: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف: 128]، وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالاستعانة بالله وحده فقال -عليه الصلاة والسلام-: “إذا استعنت فاستعن بالله“(رواه الترمذي).

 

قال الصنعاني -رحمه الله-: “وَقَوْلُهُ: “إذَا اسْتَعَنْت فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ” مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة: 5]؛ أَيْ: نُفْرِدُك بِالِاسْتِعَانَةِ، أَمَرَهُ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَسْتَعِينَ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ فِي كُلِّ أُمُورِهِ أَيْ إفْرَادُهُ بِالِاسْتِعَانَةِ عَلَى مَا يُرِيدُهُ وَفِي إفْرَادِهِ -تعالى- بِالِاسْتِعَانَةِ فَائِدَتَانِ: فَالْأُولَى أَنَّ الْعَبْدَ عَاجِزٌ عَنْ الِاسْتِقْلَالِ بِنَفْسِهِ فِي الطَّاعَاتِ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ لَا مُعِينَ لَهُ عَلَى مَصَالِحِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ إلَّا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فَمَنْ أَعَانَهُ اللَّهُ فَهُوَ الْمُعَانُ، وَمَنْ خَذَلَهُ فَهُوَ الْمَخْذُولُ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: “احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُك وَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ“، وَعَلَّمَ -صلى الله عليه وسلم- الْعِبَادَ أَنْ يَقُولُوا فِي خُطْبَةِ الْحَاجَةِ: “الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ“.

 

فَالْعَبْدُ أَحْوَجُ إلَى مَوْلَاهُ فِي طَلَبِ إعَانَتِهِ عَلَى فِعْلِ الْمَأْمُورَاتِ وَتَرْكِ الْمَحْظُورَاتِ وَالصَّبْرِ عَلَى الْمَقْدُورَاتِ، قَالَ سَيِّدَنَا يَعْقُوبُ -صلى الله عليه وسلم- فِي الصَّبْرِ عَلَى الْمَقْدُورِ: (وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) [يوسف: 18]”.

 

وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-: “بقدر ما يركن الشخص إلى غير الله -تعالى-، بطلبه، أو بقلبه، أو بأمله، فقد أعرض عن ربه إلى من لا يضره ولا ينفعه“.

 

أيها الأحبة: ولعظم هذه العبادة وأهميتها فإن الله أفردها من بين سائر العبادات، وتعبد المسلم بها في كل ركعةٍ يصليها؛ فإنه يقرأ قوله -تعالى-: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، وفي هذه الآية اجتمع أمران عظيمان عليهما مدار العبودية؛ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) تبرؤ من الشرك، (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) تبرؤ من الحول والقوة، وتقديم المعمول هنا يفيد الحصر؛ فالمعنى لا نعبد إلا إياك ولا نستعين إلا بك، قال ابن تيمية -رحمه الله-: “تأملت أنفع الدعاء؛ فإذا هو سؤال العون على مرضاته، ثم تأملته فرأيته في الفاتحة (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)”.

 

يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-: “وتقديم العبادة على الاستعانة من باب تقديم العام على الخاص، واهتماماً بقديم حقه الله -تعالى- على حق عبده، وذكر الاستعانة بعد العبادة مع دخولها فيها؛ لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله -تعالى-، فإنه إن لم يعنه الله لم يحصل له ما يريد

من فعل الأوامر واجتناب النواهي“(تفسير السعدي).

 

فالعبادة هي الغاية التي خلق الناس لأجلها، والاستعانة هي الوسيلة إليها، فإذا لم يعن الله عبده على طاعته، ولم يطلب العبد إعانته على ذلك؛ لا تحصل منه تمام العبادة، ولذلك علَّم النبي -عليه الصلاة والسلام- معاذاً دعاءً يحافظ عليه بعد كل صلاة مكتوبة، يطلب العون من ربه في أداء عبادته، فعنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَذَ بِيَدِي يَوْمًا، ثُمَّ قَالَ: “يَا مُعَاذُ! وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ” فَقَالَ مُعَاذٌ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكَ، فَقَالَ: “أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ؛ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ“(رواه أحمد).

 

قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: “وأما الاستعانة بالله -عز وجل- دون غيره من الخلق؛ فلأن العبد عاجز عن الاستقلال بجلب مصالحه ودفع مضاره، ولا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله -عز وجل-، فمن أعانه الله فهو المعان ومن خذله فهو المخذول، وهذا تحقيق معنى قول: “لا حول ولا قوة إلا بالله”؛ فإن المعنى لا تحول للعبد من حال إلى حال ولا قوة له على ذلك إلا بالله، وهذه كلمة عظيمة وهي كنز من كنوز الجنة، فالعبد محتاج إلى الاستعانة بالله في فعل المأمورات، وترك المحظورات، والصبر على المقدورات، كلها في الدنيا وعند الموت وبعده من أهوال البرزخ ويوم القيامة، ولا يقدر على الإعانة على ذلك إلا الله -عز وجل-، فمن حقق الاستعانة عليه في ذلك كله أعانه”.