مفهوم السحر والشعوذة
السحر من السبع الموبقات كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف عالم البشر وجود السّحر والشعوذة منذ القدم، بدايةً بالاعتقاد بوجود عالم الشرّ خلف العالم الأصلي، مرورًا بمفهوم خرق قوانين الطبيعة والفيزياء، وصولًا إلى تصنيف بعضها ضمن قوانين علمية، ويُعرّف السّحر بأنّه توظيف قدرات وعمليات معيّنة ضمن نطاق محدود أو غير محدود دون إحداث تغيير أو خرق بالطبيعة مؤدية بدورها لتحقيق غاية ما، أو تغيير حالة شيء معين، بينما الشعوذة أو ما يُعرف بالسحر الأسود فهي كما يراها البعض أنها استحضار عالم الجنّ والشياطين للمساعدة في الحصول على شيء ما من عالم البشر.
وقال تعالى " وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)".
القول في تأويل قوله تعالى : { واتبعوا ما تتلوا الشياطين يعني بقوله : { واتبعوا ما تتلوا الشياطين } الفريق من أحبار اليهود وعلمائها الذين وصفهم الله جل ثناؤه بأنهم نبذوا كتابه الذي أنزله على موسى وراء ظهورهم , تجاهلا منهم وكفرا بما هم به عالمون , كأنهم لا يعلمون . فأخبر عنهم أنهم رفضوا كتابه الذي يعلمون أنه منزل من عنده على نبيه صلى الله عليه وسلم , ونقضوا عهده الذي أخذه عليهم في العمل بما فيه , وآثروا السحر الذي تلته الشياطين في ملك سليمان بن داود فاتبعوه ; وذلك هو الخسار والضلال المبين . واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله : { واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان } . فقال بعضهم : عنى الله بذلك اليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر