عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سعد والنحاس وسراج الدين.. عاشوا حكماء وماتوا زعماء

بوابة الوفد الإلكترونية

سعد زغلول قاد كفاح القوى الوطنية فى إجراء انتخابات يناير 1924

زعماء رحلوا بأجسادهم وبقيت ذكراهم خالدة.. جمعهم حب الوطن.. والتفاف الأمة حولهم.. وسطروا تاريخاً مشرفاً سيظل خالداً أبد الدهر شاهداً على عظمة كفاحهم وانحيازهم دائماً للأمة.. ولم يكن طريقهم مفروشاً بالورد.. بل عانوا الكثير.. من اضطهاد واعتقال.. سواء من الاحتلال أو النظم المصرية.. نظير مبادئهم والوقوف على ثوابتهم.. وكان النصر حليفهم لإخلاصهم وصدقهم فى حبهم للوطن ولإيمانهم بقضيتهم. وتركوا لنا صرحاً شامخاً وحزباً عريقاً.. حق لنا أن نفتخر به.. وحق علينا أن نحفظه بين أهداب عيوننا.. ليظل حزب الوفد.. ضميراً للأمة.. وزعيماً للسياسة المصرية.. وحق على الأجيال الحالية أن تدرس سيرتهم لترتوى من وطنيتهم.

سعد باشا زغلول

ولد سعد فى قرية إبيانة التابعة لمركز فوة سابقاً (مطوبس حالياً) مديرية الغربية سابقاً (محافظة كفر الشيخ حالياً). ومن سجلات شهادته التى حصل عليها فى الحقوق بأنه من مواليد يونيو 1860 كان والده رئيس مشيخة القرية وحين توفى كان عمر سعد خمس سنوات فنشأ يتيماً هو وأخوه أحمد زغلول، من أسرة ريفية.

تلقى تعليمه فى الكتاب ثم التحق بالأزهر عام 1873. تعلم على يد السيد جمال الدين الأفغانى والشيخ محمد عبده والتف مثل الكثير من زملائه حول جمال الدين الأفغانى، ثم عمل معه فى الوقائع المصرية. انتقل إلى وظيفة معاون بوزارة الداخلية لكنه فصل منها لاشتراكه فى ثورة عرابى. اشتغل بالمحاماة لكن قبض عليه عام 1883 بتهمة الاشتراك فى التنظيم الوطنى المعروف بـ«جمعية الانتقام».

بعد ثلاثة أشهر خرج من السجن ليعود إلى المحاماة وسعى وقتها إلى تعلم اللغة الإنجليزية. تزوج من ابنة مصطفى فهمى باشا، رئيس وزراء مصر. تعلم الفرنسية ليزيد من ثقافته.

توظف سعد وكيلاً للنيابة وكان زميله فى هذا الوقت قاسم أمين. ترقى حتى صار رئيسًا للنيابة وحصل على رتبة الباكاوية، ثم نائب قاضٍ عام 1892حصل على ليسانس الحقوق عام 1897

انضم سعد زغلول إلى الجناح السياسى لفئة المنار، التى كانت تضم أزهريين وأدباء وسياسيين ومصلحين اجتماعيين ومدافعين عن الدين، واشترك فى الحملة العامة لإنشاء الجامعة المصرية وكان من المدافعين عن قاسم أمين وكتابه «تحرير المرأة». فى عام 1906، تم تعيينه ناظرًا للمعارف ثم عين فى عام 1910 ناظراً للحقانية.

وفى عام 1907 كان سعد أحد المساهمين فى وضع حجر الأساس لإنشاء الجامعة المصرية مع كل من: محمد عبده، ومحمد فريد، وقاسم أمين، وتم إنشاء الجامعة فى قصر جناكليس (الجامعة الأمريكية حالياً) وتعيين أحمد لطفى السيد كأول رئيس لها.

ساهم سعد أيضًا فى تأسيس النادى الأهلى عام 1907 وتولى رئاسته فى 18 يوليو 1907.

أصبح سعد نائبًا عن دائرتين من دوائر القاهرة، ثم فاز بمنصب الوكيل المنتخب للجمعية. بعد الحرب العالمية الأولى تزعم المعارضة فى الجمعية التشريعية التى شكلت نواة «جماعة الوفد» فيما بعد وطالبت بالاستقلال وإلغاء الحماية.

تسبب غياب زغلول إلى الاضطرابات فى مصر، مما أدى فى نهاية المطاف إلى الثورة المصرية فى عام 1919م. لدى عودته من المنفى، قاد زغلول القوى الوطنية المصرية حتى إجراء الانتخابات فى 12 يناير 1924م، حيث أدت إلى فوز حزب الوفد بأغلبية ساحقة، وبعد ذلك بأسبوعين، شكلت الحكومة الوفدية برئاسة سعد زغلول.

فى أعقاب اغتيال السير لى ستاك، سردار والحاكم العام للسودان، فى 19 نوفمبر 1924م وتصاعد المطالب البريطانية اللاحقة التى شعرت أن سعد زغلول صار شخصاً غير مقبول، استقال زغلول. وعاد لاحقاً إلى الحكومة فى عام 1926م حتى وفاته فى عام 1927م.

مصطفى باشا النحاس

ولد مصطفى النحاس فى 15 يونيو 1879 فى سمنود، محافظة الغربية، تلقى تعليمه الأساسى فى كتاب القرية فى سن السابعة وانتقل مصطفى النحاس إلى مدينة القاهرة، والتحق بالمدرسة الناصرية الابتدائية بالقاهرة، وحصل منها على الشهادة الابتدائية، ثم التحق عام 1892 بالمدرسة الخديوية الثانوية، ثم التحق بمدرسة الحقوق (كلية الحقوق الآن) عام 1896.

يُعد دخول مصطفى النحاس الحياة السياسية مرتبطًا بإعلان الرئيس الأمريكى وودرو ويلسون للمبادئ الأربعة عشر التى أُذِيعت بعد الحرب العالمية الأولى. حينما نادى الرئيس الأمريكى بحق الشعوب الصغيرة فى تقرير مصائِرها، أثر هذا فى وجدان النحاس الذى كان يكن شعورًا عدائيًا تجاه الاحتلال البريطانى لمصر. كان النحاس وقتها يعمل قاضيًا بمدينة طنطا، ويلتقى ببعض أصدقائه فى القاهرة بمكتب المحامى أحمد بك عبداللطيف من المؤيدين لفكر الحزب الوطنى. شغل المجموعة التفكير فى آلية لإيصال صوت مصر للعالم، وكان هذا هو الفكر السائد لدى المجموعات السياسية فى هذا الوقت. بدأت المجموعة فى التواصل مع سعد زغلول، نائب رئيس الجمعية الشرعية حينها. قرر النحاس الذهاب بنفسه لإقناع فهمى بذلك فغنم النحاس بموافقته، وأخبره بأن هناك نية لتشكيل وفد مصرى يتحدث باسم مصر، وهناك توجه بدمج كافة فصائل المجتمع فى هذا الوفد، حتى لا يتهم الوفد بالحزبية.

بدأ سعد زغلول بتشكيل الوفد، وسعى إلى ضم عناصر من الحزب الوطنى من اختياره تجنبًا لأية صراعات، لذا أخُتير مصطفى النحاس وحافظ عفيفى فى 20 نوفمبر 1918 ضمن أعضاء الوفد السبعة.

أصبح النحاس الساعد الأيمن لسعد زغلول. عُين النحاس فى يوليو 1920 سكرتيرًا للجنة الوفد المركزية فى القاهرة ورافق زغلول إلى لندن فى أكتوبر 1920. نُفِى مصطفى النحاس وسعد زغلول ومكرم عبيد وآخرون عام 1921

ترأس النحاس باشا حزب الوفد عقب وفاة سعد زغلول وبموافقة غالبية الأعضاء على ذلك، وكان سكرتير الوفد صديقه وشريكه مكرم عبيد.

فى يونيو 1940م أعلنت إيطاليا الحرب على الحلفاء منضمة إلى ألمانيا، وساءت العلاقة بين السفارة البريطانية ووزارة على ماهر باشا المؤيدة للمحور. وفى 22 يونيو 1940 وجهت السفارة البريطانية إنذاراً للملك بأنه لا سبيل للتعاون مع على ماهر باشا ولوحت صراحة بإنزال الملك عن العرش ووضعه تحت الرقابة حتى لا يهرب. طلب الملك تشكيل وزارة ائتلافية وأوفد وكيل الديوان الملكى عبدالوهاب طلعت إلى الزعيم مصطفى النحاس وكان فى كفر عشما بالمنوفية. رفض الزعيم مصطفى النحاس الاشتراك فى وزارة ائتلافية حتى لو كان رئيساً لها، وطالب بتأليف وزارة محايدة يكون أول عمل لها حل مجلس النواب وإجراء انتخابات حرة.

شهدت بداية عام 1941 أزمة حادة فى السلع التموينية وبدأت طوابير الخبز حيث كان الناس يهجمون على المخابز للحصول عليه ويتخطفون الخبز من حامليه، وأوشكت الأزمة أن تصل حد المجاعة. ووصلت قوات روميل فى الصحراء الغربية إلى العلمين بجوار الإسكندرية فخرجت المظاهرات فى 2 فبراير 1942 بتدبير القصر تهتف بحياة روميل وعجز حسين سرى عن مواجهة الموقف فقدم استقالته.

فى مساء اليوم حاصرت القوات البريطانية قصر عابدين واجتمع قائدها جنرال ستون بالملك الذى قبل الإنذار ودعا لاجتماع القادة السياسيين وأعلن أنه كلف النحاس بتأليف الوزارة ورفض النحاس وظل الملك يلح عليه مناشداً وطنيته أن ينقذ العرش ويؤلف الوزارة ولم يكن هناك مفر من أن يقبل النحاس تشكيل الوزارة مسجلاً ذلك للتاريخ فى خطاب قبوله تأليف الوزارة حديث الملك: «وبعد أن ألححت على المرة تلو المرة والكرّة بعد الكرّة أن أتولى الحكم وناشدتنى وطنيتى واستحلفتنى حبى لبلادى من أجل هذا أنا أقبل الحكم إنقاذاً للموقف منك أنت».

فى 5 فبراير 1942م أرسل الزعيم مصطفى النحاس احتجاجا إلى السفير البريطانى فى خطابه المشهور استنكر فيه تدخل الإنجليز فى شئون مصر جاء فيه: «لقد كلفت بمهمة تأليف الوزارة وقبلت هذا التكليف الذى صدر من جلالة الملك، بما له من الحقوق الدستورية وليكن مفهوماً أن الأساس الذى قبلت عليه هذه المهمة هو أنه لا المعاهدة البريطانية المصرية ولا مركز مصر كدولة مستقلة ذات سيادة يسمحان للحليفة بالتدخل فى شئون مصر الداخلية وبخاصة فى تأليف الوزارات أو تغييرها».

رد السفير البريطانى مايلز لامبسون على الزعيم مصطفى النحاس بخطابه قائلا: لى الشرف أن أؤيد وجهة النظر التى عبر عنها خطاب رفعتكم المرسل منكم بتاريخ اليوم وإنى أؤكد لرفعتكم أن سياسة الحكومة البريطانية قائمة على تحقيق التعاون بإخلاص مع حكومة مصر كدولة مستقلة وحليفة فى تنفيذ المعاهدة البريطانية المصرية من غير أى تدخل فى شئون مصر الداخلية ولا فى تأليف الحكومات أو تغييرها.

فى يوم 8 من أكتوبر عام 1951 وقف الرئيس مصطفى النحاس على منصة مجلس النواب، وقد احتشدت القاعة بالنواب والشيوخ الذين حضروا ليستمعوا للبيان الذى سيلقيه رئيس الحكومة. حيث تحدث النحاس شارحًا تفاصيل المفاوضات التى أجرتها حكومته مع الجانب البريطانى لتحقيق الجلاء عن مصر وتوحيد شطرى الوادى (مصر والسودان) تحت التاج الملكى، إلى أن قال «حضرات الشيوخ والنواب المحترمين: لقد انقضى وقت الكلام وجاء وقت العمل، العمل الدائم المنتج الذى لا يعرف ضجيجًا أو صخبًا، بل يقوم على التدبير والتنظيم وتوحيد الصفوف لمواجهة جميع الاحتمالات وتذليل كل العقبات، وإقامة الدليل على أن شعب مصر والسودان ليس هو الشعب الذى يكره على ما لا يرضاه أو يسكت عن حقه فى الحياة. أما الخطوات العملية التالية فستقفون على كل خطوة منها فى حينها القريب، وإنى لعلى يقين من أن هذه الأمة الخالدة ستعرف كيف ترتفع إلى مستوى الموقف الخطير الذى تواجهه متذرعة له بالصبر والإيمان والكفاح وبذل أكرم التضحيات فى سبيل مطلبها الأسمى. يا حضرات الشيوخ والنواب المحترمين: من أجل مصر وقعت معاهدة سنة 1936 ومن أجل مصر أطالبكم اليوم بإلغائها.. ».

وقد زلزل إلغاء المعاهدة كيان بريطانيا؛ فقد اجتمع فى اليوم التالى هربرت موريسون وزير خارجية بريطانيا بكل مستشارى الوزارة وحضر الاجتماع بريان روبرتسون قائد القوات البرية فى الشرق الأوسط وأصدر الوزير بيانًا يحتج فيه على إلغاء المعاهدة.

ألغت الحكومة البريطانية الإجازات لجميع قوات جيش الاحتلال. وفى الخرطوم طافت دبابات الجيش البريطانى فى الشوارع لإرهاب السودانيين فقابلوها بالهتافات بسقوط الاحتلال. وتعتبر هذه هى الثورة المصرية الثانية بعد ثورة 1919.

قام مجلس قيادة حركة 1952 باعتقال النحاس بطريقة مهينة وبدون علم الرئيس محمد نجيب، الذى كان معارضاً لذلك، حيث قام بشطب اسمه من كشوف الاعتقال، والتى قدمت إليه من الضباط الأحرار لعلمه بوطنيته ومواقفه المشرفة السابقة وكذلك لاحتكاكه به.

فؤاد باشا سراج الدين

الذى قال: لا للملك والاحتلال وعبدالناصر والسادات

فهو حالة متفردة بين السياسيين، فلا يوجد سياسى مصرى عاش تجربة سياسية وشخصية كالتى عاشها، ولم يخض أحد معارك وانتصر فيها بعدد المعارك التى خاضها، فقال (لا) للملك فاروق، وقال (لا) للاحتلال الإنجليزى، وقال (لا) لثوار يوليو مجتمعين، ثم قال (لا) للرئيس عبدالناصر وللرئيس السادات؟.

ولد فؤاد سراج الدين فى 2 نوفمبر 1910، وكانت مصر وقتها على أعتاب واحدة من أعظم ثورات التاريخ الحديث (ثورة 1919)، التى اندلعت فى طول البلاد وعرضها بسبب نفى زعيم الأمة سعد زغلول ورفاقه خارج مصر، ووقتها هتفت مصر كلها لسعد زغلول ورفاقه، من هنا ارتوى فؤاد سراج الدين، بحب الوفد وزعيمه سعد زغلول، ارتوى بهذا الحب وهو ما زال فى المهد صبياً.

كان رجل الأرقام القياسية، فهو أصغر نائب دخل البرلمان، حيث صار عضواً بالبرلمان وعمره لم يتجاوز 26 عاماً، وهو أيضًا أصغر الوزراء سنا إذ تولى وزارة الزراعة عام 1942 وتولى 5 وزارات مختلفة، وهو أمر لم يتكرر أبداً، وخلال توليه المسئولية فى الوزارات الخمس، له إنجازات غيرت وجه الحياة فى مصر:

أ- فهو الذى أصدر قوانين العمال عام 1943، وهو الذى أصدر قانون النقابات العمالية وقانون عقد العمل الفردى، وقانون الضمان الاجتماعى، وهو الذى أصدر قانون الكسب غير المشروع، وهو الذى أصدر قانون تنظيم هيئات الشرطة. وهو الذى اقترح فكرة مجانية التعليم التى طبقتها حكومة الوفد فى الخمسينيات من القرن الماضى، وهو الذى كان وراء إلغاء الوفد لمعاهدة 1936 وبدء الكفاح المسلح فى منطقة القناة ضد الاحتلال الإنجليزى، وهو الذى مول وساند الفدائيين فى منطقة القناة فى الفترة من 1951 حتى 25 يناير 1952، وهو الذى فرض ضرائب تصاعدية على كبار ملاك الأراضى الزراعية عندما كان وزيراً للمالية عام 1950، وهو الذى أمم البنك الأهلى الإنجليزى وحوله إلى بنك مركزى، وهو الذى أعاد أرصدة الذهب المصرى من الولايات المتحدة الأمريكية إلى مصر، ولأنه كان وطنياً، ووفدياً جسوراً، حقق رقماً قياسياً لم يقربه أحد غيره (رقم قياسى فى عدد مرات الاعتقال)، حيث تم اعتقاله 9 مرات، أولها كان فى عام 1944 حيث تم تحديد اقامته فى مسقط رأسه بقرية كفر الجرايدة، عقب إقالة حكومة الوفد التى كان يتولى فيها وزارة الزراعة وكان آخرها فى سبتمبر 1981 وبينما كان عمره 71 عاما تم اعتقاله فى سجن طرة بقرار من الرئيس السادات آنذاك.

سراج الدين: كان بطل معركة القناة.. وقال «لا» للملك والاحتلال أصدر قوانين العمال والضمان الاجتماعى والكسب غير المشروع وأعاد أرصدة الذهب من أمريكا

مصطفى النحاس قال لمجلس النواب فى معركة المعاهدة:

من أجل مصر وقعت معاهدة 36 ومن أجل مصر أطالبكم بإلغائها