رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

360 مليون جنيه خسائر تقليد العلامات التجارية سنوياً

بوابة الوفد الإلكترونية

تحديات عديدة تواجه الاقتصاد المصرى فى مقدمتها الغش التجارى وتقليد المنتجات بكافة أنواعها وأشكالها، فقد تفنن معدومو الضمير فى خداع المستهلك باستخدام أسماء شركات كبرى للترويج لمنتجاتهم التى اتخذوا من مصانع بير السلم ابؤراًب لصناعتها، حتى وصل حجم العلامات المقلدة لنحو 14 ألف علامة مضروبة تغزو الأسواق، وأصبحت أسواقنا أرضاً خصبة لانتشار تلك البضائع المحلية والعالمية، فازداد إقبال البسطاء على شرائها، ووقع الكثيرون منهم ضحايا لمنتجات قد تودى بحياتهم، وهذا ما دفع وزارة التموين لإنشاء أرشيف إلكترونى للعلامات التجارية للحد من فوضى الغش التجارى، وتلك الخطوة يراها الخبراء بداية لتصحيح الأوضاع لكنها لن يكتب لها النجاح إلا بمزيد من الرقابة الجادة.

تشير البيانات الصادرة من وزارة التموين إلى وجود 500 ألف علامة تجارية مسجلة فى مصر، وأن 90% من منظومة التجارة فى مصر عشوائية وغير منظمة، فضلا عن أن هناك 3 ملايين منشأة مسجلة فقط، فى حين يوجد 5 ملايين غير مسجلة وتعمل تحت «بير السلم», ويقدر الخبراء حجم خسائر تقليد العلامات التجارية بنحو 360 مليون جنيه، وتتنوع السلع المغشوشة والمقلدة مجهولة المصدر من منتجات غذائية أدوات منزلية، وقطع غيار سيارات وأدوات كهربائية، وملابس ومستلزمات طبية ومستحضرات تجميل وأدوية، وتعتبر الصين أولى الدول المصدرة للسلع المغشوشة تليها تركيا ثم سنغافورة والمغرب، وتشير البيانات إلى أن عدد المستوردين فى مصر يصل لنحو 800 ألف مستورد، يستوردون مختلف المنتجات من الخارج، وباعتراف الخبراء فإن جميع المنتجات الصينية الرديئة التى تدخل للسوق المحلى تتم عن طريق التهريب، وطبقا للإحصائيات فإن إجمالى استيراد مصر للسلع الصينية يقدر بما يزيد على 60 مليار جنيه سنويا، هذا فضلا عما يتم تهريبه وإدخاله للأسواق من الصين وتركيا.

وبما أن المنتج الأرخص هو الذى يجذب أنظار المستهلك، فقد حرص اغلب المستوردين على استغلال تلك الذريعة، وقاموا باستيراد سلع غذائية، ومنتجات وبضائع مقلدة أغرقت الأسواق، ولا شك أن هوس شراء الماركات من قبل بعض الفئات وخاصة الشباب كان وراء انتشار السلع المقلدة بغض النظر عن جودة المنتج، فيقع العديد من المستهلكين ضحايا للسلع المضروبة، حيث يتفنن معدومو الضمير فى تقليد المنتج الأصلى بتغيير بعض الأحرف، ويظهر هذا بوضوح فى المنتجات المحلية، خاصة قطاع الملابس والأحذية والأغذية أيضاً، كما يستغل أصحاب مصانع بير السلم غياب الرقابة، ويقومون بتقليد العلامات التجارية للمنتجات والأغذية مع الحرص على استخدام نفس ألوان المنتج الأصلى مع تغيير بسيط فى الأحرف لتضليل المستهلك، وتحتل المواد الغذائية المرتبة الأولى فى تقليد علاماتها التجارية، تليها الأجهزة الكهربائية وقطع غيار السيارات، والتى يصل حجم الغش فى العلامات التجارية فيها وتغيير الماركات إلى ٣٥٪ ومع الأسف فإن أصحاب هذا النوع من الاقتصاد العشوائى لا يخضع لأى التزامات تجاه الدولة ولا يلتزم أصحابها بدفع ما عليهم من ضرائب نظرا لأن عملهم يتم فى الخفاء، فضلا عما يسببه هؤلاء من خسائر للاقتصاد المصرى.

ومؤخرا أكد الدكتور إبراهيم عشماوى مساعد أول وزير التموين للاستثمار ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، أن الجهاز يعد تشريعاً يجرم التقليد والغش التجارى لحماية العلامة التجارية الأصلية بالتنسيق مع جهاز حماية المنافسة، كما أطلق الجهاز تطبيقاً على الهواتف المحمولة، للتأكد من تقليد المنتجات من عدمه من خلال إرسال كود المنتج على التطبيق والرد عليه إذا كانت حقيقية أو مغشوشة.

وتعد مصر من أوائل الدول التى اهتمت بتسجيل العلامة التجارية وصدر أول قانون لحماية العلامة التجارية سنة 1939, وفى عام 1952 وقعت مصر على اتفاقية مدريد للتسجيل الدولى للعلامات التجارية، وعلى الرغم من وجود القوانين التى تعاقب على الغش التجارى، إلا أن تلك القوانين تعد غير رادعة فى الوقت الذى نحتاج فيه لتكاتف جهود الجهات المعنية لضبط مروجى السلع والبضائع المقلدة، فقد نصت المادة 113 من القانون 82 لسنة 2002 المعروف بقانون حماية الملكية الفكرية، على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهرين وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين كل من زور علامة تجارية تم تسجيلها طبقا للقانون أو قلدها، وكل من استعمل بسوء قصد علامة تجارية مزورة أو مقلدة، كل من وضع بسوء قصد على منتجاته علامة تجارية مملوكة لغيره، وكل من باع أو عرض للبيع أو التداول منتجات عليها علامة تجارية مزورة.

من حين لآخر تشن الجهات الرقابية حملات فى الأسواق والتى لا تخلو من ضبط سلع وأغذية مغشوشة ومقلدة، ومؤخرا تم ضبط صاحب مطبعة بمنطقة المرج لتورطه فى تقليد المطبوعات والمؤلفات وبعض المنتجات بالمطبعة التى يملكها دون تصريح, وبتفتيش المطبعة تم العثور على كمية كبيرة من المطبوعات المختلفة تحمل أسماء أجنبية وعربية، وبمواجهته اعترف بتقليد المضبوطات دون ترخيص لتحقيق المزيد من الأرباح، وفى محافظة القليوبية، تم ضبط صاحب مصنع لإنتاج وتصنيع الأسلاك المقلدة والمغشوشة فى مصنع بدون ترخيص وذلك لإنتاج وتصنيع الأسلاك النحاسية المستخدمة فى الكابلات والاسلاك الكهربائية المغشوشة والمقلدة وغير المطابقة للمواصفات، ومؤخرا تم ضبط مالك أحد مصانع تعبئة السلع الغذائية بدون ترخيص بمنطقة القناطر الخيرية (بالقليوبية) لحيازته 21 طن زيت طعام، و15 ألف عبوة زيت طعام مجهول المصدر وبدون بيانات ومعباة داخل «تنكات»، وإعادة تعبئتها فى عبوات جديدة مدون عليها أسماء وعلامات تجارية مقلدة لكبرى الشركات، تمهيدا لبيعها فى الأسواق، ولم يقتصر الغش على الأغذية والسلع فقط، فقد طال الأمر الملابس الجاهزة أيضاً، التى يقوم البعض بتقليد العلامات التجارية لماركات مشهورة بتغيير حرف أو تغير بسيط فى شكل المنتج، فمنذ أيام تم ضبط صاحب مصنع غير مرخص لإنتاج الملابس الجاهزة فى مدينة السلام، لإنتاج وتصنيع الملابس الجاهزة، مستخدما خامات مجهولة المصدر، وتدوينه على المنتج النهائى أسماء وعلامات تجارية مقلدة لشركات كبرى مستخدما خامات مجهولة المصدر.

وانتشرت فى السنوات الماضية العديد من المنتجات المغشوشة التى وقع العديد من المواطنين ضحايا لغش وطمع التجار، وعلى الرغم من أنواع عديدة لكل سلعة إلا أن وجهات النظر اختلفت من مواطن لآخر، فيقول عيد سليمان: الأسواق مليئة بالسلع المقلدة والمستهلك هو من يعانى وحده من جشع التجار، فعندما قمت بشراء مكنسة كهربائية حرصت على شراء ماركة «ناشيونال» نظرا لكونها ماركة معروفة وذات سمعة جيدة، وكان سعرها ملائما، لكن بمجرد وصولى للمنزل فوجئت بوجود تغيير فى الحروف ليصبح اسمها «ناتورال»، وبعد عدة أشهر حدث عطل فى الموتور, أما عاطف إبراهيم فقد قرر عدم شراء المنتجات الرخيصة لأن الغالى ثمنه فيه، ويرى أن الغش وصل لكل ما هو متاح أمام أعيننا، خاصة فى قطع غيار السيارات والأدوات الكهربائية مما يشكل خطورة على حياة المواطنين، ويطالب المسئولين بالنزول للأسواق وضبط المخالفين.

ويرى يحيى زنانيرى، رئيس شعبة الملابس الجاهزة بالغرف التجارية، أن غش الماركات العالمية منتشرة فى جميع دول العالم، وليس فى مصر فقط، وذلك لأن الماركات تباع بأسعار مرتفعة، أما المقلد فيتم تصنيعه بتكاليف أقل ويحقق مكاسب أعلى، ويقول: الطمع وغياب المصداقية أهم أسباب انتشار ظاهرة الغش التجارى، ولا شك أن الغش يؤثر سلبا على أصحاب الماركات ويعرضهم لخسائر مالية، فضلا عن تأثيرها على سمعتهم، لأن المنتج يخرج فى صورة سيئة، فالسلع المقلدة بعضها يتم تصنيعه محليا وجزء كبير منها يتم تهريبه من الخارج، وتعد الصين وتركيا ودول شرق آسيا من أكبر الدول المصدرة للبضائع المغشوشة، حتى أصبح حجم البضائع المقلدة ضعف البضائع التى يتم إنتاجها، فعلى سبيل المثال إذا كان لدينا 100 ألف قطعة من الماركات الأصلية، فنجد مقابلها 200 ألف قطعة مقلدة فى الأسواق، ويرى يحيى زنانيرى أن المستهلك العادى يجب أن يكون على درجة كبيرة من الوعى عند شراء أى منتج من الأسواق حتى لا يقع ضحية لجشع وطمع التجار ومعدومى الضمير، لأن من اعتاد على شراء الماركات من الصعب خداعه وتضليله نظرا لوجود فارق كبير فى الخامات والأسعار، لكن المستهلك الذى يبحث عن المنتج الرخيص هو من يقع فى هذا الفخ، فغلاء الأسعار جعل المستهلك يبحث عن المنتج الرخيص دون الاهتمام بالجودة، ويطالب بضرورة تفعيل قوانين الغش التجارى، فضلا عن تفعيل دور الجهات المسئولة عن مراقبة الأسواق لضبط المخالفين.

ومن جانبها أكدت الدكتورة سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك، أن العلامة التجارية تكمن أهميتها فى مدى مطابقتها للمواصفات سواء المصرية أو العالمية، كما أن هناك معايير للجودة هو ما يميز المنتج الجيد عن السلعة الرديئة، فنجد أن نسب ضبط البضائع المقلدة أو المغشوشة تعد بسيطة بالنسبة للمنتجات المنتشرة بالأسواق، وتقول: ساعدت التكنولوجيا أصحاب مصانع بير السلم فى التوسع فى أنشطتهم وتقليد بعض المنتجات، هذا فضلا عن أن المناخ الحالى ساهم فى التوسع فى غش وتقليد السلع والمنتجات، خاصة فى ظل ضعف الإنتاج، واعتمادنا بصورة كبيرة على الاستيراد من الخارج، كما أن معظم الصناعات فى مصر تستورد مكوناتها الأساسية والمواد الخام، وقد ساعدت موجات الغلاء وارتفاع الأسعار من حين لآخر، معدومى الضمير لاستغلال المواطنين بطرق مختلفة، لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح، وكان لابد أن تظهر فئات فى المجتمع لا تهتم إلا بتحقيق مكاسب مالية بأى طريقة، ومن هنا انتشر الغش التجارى وتقليد العلامات وامتلأت الأسواق بتلك البضائع، والتى تتنوع ما بين سلع غذائية وأدوات كهربائية ومنتجات متعددة.

وتطالب الدكتورة سعاد بضرورة تطبيق القانون على المخالفين، وأن تكون هناك رقابة فعلية ومستمرة على المنتجات بداية من خروجها من المصانع وحتى تصل للمستهلك، وتفعيل دور الجهات الرقابية وان تقوم بدورها كما ينبغى، فالغش أصبح ظاهرة منتشرة فى كل ما يستهلكه المواطن الذى أصبح ضحية لمعدومى الضمير, فمازلنا نعانى من مخالفات فى الأسوق المصرية نتيجة لضعف الرقابة.