عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الزواج العرفى .. جريمة خارج القانون

الزواج العرفى جريمة
الزواج العرفى جريمة فى حق القاصرات

تحقيق ــ دعاء مهران: اشراف: نادية صبحى

 

953 ألف حالة فى عام واحد.. والضحايا قاصرات وأطفال

الجيزة والمنوفية وكفر الشيخ وقرى الصعيد.. تتصدر الظاهرة

 

انتشر الزواج العرفى بشكل غريب لدرجة أن بعض التقديرات تؤكد أن عام 2016 وحده شهد ما يزيد على 900 ألف حالة.

وتعددت أشكال وأنواع الزواج العرفى، فى العديد من المحافظات خلال السنوات الأخيرة، بعد التزايد المستمر فى مثل هذه الزيجات، بداية من زواج الشباب غير المقتدر، مرورًا بزواج البالغين للتحايل على القانون، خوفاً أن يأخذ الأب أبناءه فى حال زواج طليقته، أو زواج القاصرات فى القرى والريف،كما أن هناك تزايداً فى حالات زواج الأجانب من مصريات قاصرات عرفيًا مقابل مبلغ من المال يتم الاتفاق عليه.

وفجرت فتاة قاصر تبلغ من العمر 17 عاماً، أزمة الزواج العرفى، بعدما هربت فى الصباحية، فى يوم 19 من الشهر الحالى، حيث حرر سعودى الجنسية محضرًا فى مركز شرطة طوخ اتهم فيه مزارعًا ونجلته 17 عامًا بقيامه بتزويج الثانية له عرفيًا كونها قاصرًا وبعد يوم من الزواج هربت من الشقة بعد أن حصل والد الفتاة من السعودى على مبلغ 125 ألف جنيه وتولت النيابة التحقيق، وتلقى العميد فوزى عبدربه، مأمور مركز طوخ بلاغاً من «م ب ج - 37 سنة - سعودى الجنسية» يتهم فيه «ح س» مزارع بقيامه بزواج نجلته له وفى الصباحية هربت من الشقة، وتوصلت تحريات اللواء علاء فاروق، مدير المباحث، أن السعودى تزوج الفتاة «س»، 17 عامًا، عن طريق خاطبة وبسبب أنها قاصر تم زواجه منها عرفيًا بعد أن قام بدفع مبلغ 125 ألف جنيه لوالدها وقام باستئجار شقة لها فى منطقة الفيلل فى مدينة بنها، وفى الصباحية هربت الفتاة من الشقة فذهب إلى والدها لسؤاله عنها فقال له إنها لم تأت إليه، فتوجه إلى مركز الشرطة وحرر محضرًا ضد الوالد والعروس وتولت النيابة التحقيق.

وفى مشهد آخر، تروى فتاة بالغة من العمر 18 عامًا مأساتها، حيث تم تزويجها فى سن 16 عامًا زواجًا عرفيًا مُشهر ومتعارف عليه فى جميع القرى المجاورة لهم فى إحدى قرى الصعيد، نتيجة للعادات والتقاليد، ولكن حدث ما لم تتوقعه، حيث توفى الزوج بعد ستة أشهر من الزواج فى حادث سيارة، ثم اكتشفت بعد ذلك أنها حامل فى الشهور الأولى، وهنا بدأت الكارثة، مؤكدة أنه بعد تفكير ومداولات فى العائلة، تم الاستقرار على أن يتم تزويجها، زواجًا صوريًا لحماها، عندما تبلغ السن القانونية للزواج، ثم يتم تطليقها، لكى تحمل قسيمة طلاق، ولكتابة الابن باسم جده فى السجل المدنى، موضحة أنها لم تحصل على أى حقوق لها، كما أن جد طفلها أصبح والده فى الأوراق الرسمية.

كما هناك مشاهد أخرى من الزواج العرفى، متمثلة فى الشباب غير القادرة، وتتراوح أعمارهم بين العشرينيات، إلى ما بعد سن الثلاثين عاماً، وجميعهم يفضلون الزواج العرفى، نتيجة لغلاء تكاليف الزواج، وأسفر عن هذه الظاهرة ظهور عدد كبير من القضايا بالمحاكم، لإثبات النسب، وهذه الزيجات وصلت إلى العديد من المشاهير والفنانين الذين اتخذوا ساحات المحاكم للاعتراف بنسب الأبناء إلى الزوج.

وتحكى طالبة بإحدى الكليات، أنها وقعت بين مخالب شاب أغرقها فى الكلام المعسول وأنها معشوقته، حتى تزوجها عرفيًا وأخذ ما يريد وتركها تعانى نظرة المجتمع وآثار الفضيحة، مؤكدة أنها أقامت دعوى إثبات النسب أمام محكمة الأسرة.

أرقام مخيفة

الإحصائيات غير الرسمية تؤكد ارتفاع زواج القاصرات من الأثرياء العرب فى منطقة الحوامدية والبدرشين والعزيزة بالجيزة، حيث يتواجد سماسرة يأتون بالرجال، ويعرضون عليهم العديد من الفتيات، حتى يختار إحداهن، ومن ثم يبدأ التجهيز للزواج، من خلال كتابة عقد زواج عرفى، وتتم كتابة نسختين منه، يأخذ العريس إحداهما ليحتفظ بها، فيما يحصل أهل العروس على الأخرى، مؤكدًا أن المهر يتراوح بين 100 إلى 300 ألف جنيه، حسب ما يتم الاتفاق عليه، مشيرًا إلى أن السماسرة يحصلون عن نسبة 15% من قيمة المهر الذى يأخذه أهل العروسة.

كما أن هناك أماكن انتشر فيها زواج القاصرات فى محافظات الدلتا، خاصة كفر الشيخ أو المنوفية، فضلًا عن قرى الصعيد، حيث إن هناك مأذونين متخصصين فى زواج القاصرات، بعقود عرفية، على أن يتم تسجيلها بعد بلوغهن السن القانونية، حيث يكون هذا الزواج بإشهار وحفلات الزفاف تتم ويعرف على أنهما زوجان ويعقد المأذون عقد الزواج بعقد عرفى، على أن يتم توثيقه بعد ذلك.

وقالت الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن هناك الكثير من العوامل الاجتماعية، تدفع الشباب للإقدام على الزواج العرفى، من بينها ارتفاع تكاليف الزواج وصعوبة الحصول على مسكن ومغالاة بعض الأسر فى طلباتهم عند تزويج بناتهم، ما يضع الشباب أمام ضغوطات هائلة، كما أن الكثير من حالات الزواج العرفى تأتى فى إطار رغبة تحررية أو رغبة فى التمرد من قبل بعض المراهقين، ومن ثم فمن الضرورى توعية الشباب بتلك المخاطر الجمة الناتجة عن الزواج العرفى، بخاصة أن الأطفال المولودين نتيجة ذلك الزواج من الصعب تسجيلهم على اعتباره زواجاً غير قانونى ولا يضمن للزوجة حقوقها، فلا توجد عقبات أمام إتمام الزواج العرفى سوى قرار الطرفين، وبمجرد الموافقة، يستطيعان إبرام «عقد الزواج العرفى» بصيغة متداولة، ويحمل العقد توقيع الطرفين، ويحتفظ كل منهما بورقته، وغالبًا ما تبدأ المشكلات بعد حدوث «الحمل»، وكثيرًا ما يتبرأ الزوج وينفى علاقته به.

وأكدت أن هناك زيجات عرفية كثيرة أصبحت تتم من أثرياء العرب، من قاصرات بموافقة الأهل، نتيجة لظروف انخفاض مستوى المعيشة، أو طمع الأب، كما أن هناك زيجات عرفى تتم فى الصعيد، نتيجة للعادات والتقاليد، وهذه الزيجات تكون مستوفية الشروط، من موافقة العروس وأهلها والإشهار، ولكن العروس تكون قاصراً، وحينما تكتمل السن القانونية يتم تحويل الزواج العرفى إلى رسمى.

 

خبراء: «التجريم» ليس الحل

 

خبراء فى شئون المرأة وعلم الاجتماع يبدون حائرين أمام ظاهرة الزواج العرفى، هناك من يرى أنها ظاهرة خطيرة لها سلبيات عديدة، وهناك آخرون يشيرون إلى أنها رغم سلبياتها، إلا أن تجريمها ليس الحل، مطالبين بخطوات فعلية لضبطها.

المحامية سهام على، عضو مجلس أمناء مركز قضايا المرأة، والمدير التنفيذى الأسبق، تقول إن تجريم الزواج العرفى، سوف يكون له إيجابيات عديدة، منها الحد من المشكلات التى تحدث نتيجة هذا الزواج وعلى رأسها عدم الاعتراف بالأبناء، ولكن هناك أيضاً سلبيات منها غلق الباب أمام بعض الأشخاص الذى يكون الزواج العرفى المشهر هو المنفذ الوحيد لهم، مثل زواج بعض المطلقات التى تريد الاحتفاظ بأطفالها، فتفضل الزواج العرفى المشهر، بدلاً من الزواج الرسمى، لكى لا تتحول قسيمة الزواج إلى مستند لدى طليقها ويأخذ الأطفال منها، مؤكدة أن ذلك ليس حلاً، ولكنه يحدث

نتيجة وجود قانون الأحوال الشخصية غير متسق.

وأوضحت أن تجريم الزواج العرفى، جاء نتيجة تزايد حالات الزواج العرفى، موضحة أن الكثير من القرى تقوم بتزويج الفتاة القاصر عرفياً، ثم تحول الزواج العرفى إلى رسمى حينما تبلغ الفتاة السن القانونى للزواج، لافتة أن الفترة ما بين سن الفتاة الصغيرة وسنها القانونى يحدث الكثير من المشكلات، كما أنه من الوارد أن يتوفى الزوج وتكون الزوجة حامل وهنا لا يوجد قسيمة زواج رسمى تعطى للطفل اسمه وحقوقه، أو يتم الطلاق فى تلك الفترة، وبالتالى تطلق الفتاة وهى لا تحمل قسيمة طلاق، فتكون المشكلة الأكبر حينما تريد الفتاة الزواج مرة أخرى.

وأكدت أن الحل الأمثل للقضاء على الزواج العرفى، ليس تجريمه، بل الاعتراف وإعطائه كافة حقوق الزواج الرسمى، حتى يكون الزواج العرفى عقاب لمن يريد.

من جانبها، قالت الدكتورة إنشاد عز الدين، أستاذة علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنوفية، إنها تتوقع عدم الموافقة على تجريم الزواج العرفى، كون أن الزواج إيجاب وقبول، رغم أنه يهدر حقوق المرأة، ولكنه موجودة، لافتة أن الزواج العرفى يكون له أضرار أكبر فى القرى والريف، حيث تكون الفتاة قاصر ووالدها هو الوصى عليها، حينها لم تكون الفتاة بالغة وقادرة على الاختيار، رغم أن تلك الزواج يكون بإشهار، موضحة أنه يجب أن يكون هناك قواعد صارمة ومنضبطة فى حال تجريمه.

وأكدت أن الزواج العرفى يتخذه البعض للتحايل على القانون، حيث إن البعض يتزوج عرفياً حتى لا يخطر الزوجة الأولى، كما أن الشباب يلجأ للزواج العرفى نتيجة غلاء المعيشة وتكاليف الزواج، موضحة أنه إذا كان هناك تجريم يجب تجريم الزواج العرفى للقاصرات فى الصعيد والقرى، الذى يكون بإشهار، رغم أن القوانين العرفية للقرى أكثر صرامة من أى قوانين أخرى.

وأوضحت أن زواج القاصرات، يحدث به العديد من المشكلات، نتيجة أن الفتاة تكون صغيرة فى السن، كما أن هناك أنواعاً أخرى من الزواج العرفى فى المدن، منها الحصول على معاشات غير مستحقة من الدولة.

 

مشروع قانون لعقاب المتزوجين عرفياً

 

الفضائح والكوارث التى تلازم الزواج العرفى دفعت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، عضو البرلمان إلي إعداد أول تشريع لمواجهة ظاهرة الزواج العرفى، مؤكدة أنها أقدمت على هذه الخطوة بعد دراسة الأمر من كافة أبعاده وحيثياته حتى يستوعب هذه المأساة الاجتماعية المعاصرة، مؤكدة أنها ستنتهى منه خلال الأيام المقبلة، وستقدمه فى أكتوبر المقبل مع بداية دور الانعقاد.

وأضافت «نصير» أن التشريع سيضبط عملية الزواج بالضوابط الشرعية، ومعاقبة الخارجين على نطاق الزواج الرسمى أمام المأذون، بحبس الشاب المتزوج عرفياً لمدة عام على الأقل، متابعة: «سيوجه للبنت لوم من منظور أخلاقى، يكفى خيبة أملها ومستقبلها، بعدما تركتها أسرتها لقمة طرية فى يد شاب خارج عن القانون والشريعة».

وأكدت النائبة، أنها ستستعين بكافة المستشارين من الجهات المعنية وذوى الشأن لمعرفة رأيهم فى مشروع القانون، فضلاً عن فتح نقاش موسع حوله بعد إحالته للجان النوعية من قبل الأعضاء، إلى جانب احتمالية عمل حوار مجتمعى حول المشروع ليحقق توافقاً مجتمعياً، وتسانده وسائل الإعلام المختلفة، موضحة أن هناك حملات شنت عليها بعد إعلانها عن تجهيز مشروع قانون تجريم الزواج العرفى، والعقوبة الرادعة على الزوج المتزوج عرفياً، مؤكدة أن هذه الحملات تشن على القانون دون معرفة أو دراية بالأمور المجتمعية، مؤكدة أنها مصرة على وضع العقوبة فى القانون، وأن العقوبة هى الأساس لمعالجة القضية من الأساس، قائلة «من لم يقم بالشرع يقوم بالقانون»، فلابد من وضع عقوبة رادعة للمتزوج عرفياً.

وأكدت «نصير» أن الغرض الرئيسى من القانون هو الحفاظ على الأسرة وحمايتها، وحماية الفتاة من ضياع حقوقها، متسائلة: «ما الذى يغضب المواطنين فى ذلك، وهل أجرمت عندما أعلنت عن القانون الذى يجرم ذلك؟، وكان من الأولى أن نتضامن جميعا لإصلاح واعتدال المجتمع من حاله الحالى.

مشروع القانون جاء بعد الأرقام المخيفة التى تكشف عنها العديد من الإحصاءات الرسمية وغير الرسمية عن تزايد أعداد الزواج العرفى فى مصر، من بينها بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، عن أعداد حالات الزواج العرفى فى العام 2014 بلغت 88 ألف حالة وهى تمثل 9% من حالات الزواج فى مصر، منها 62 ألفاً لفتيات تحت 18 سنة بينما بلغت قضايا إثبات النسب بالمحاكم نحو 75 ألف قضية، تلك الأرقام واصلت فى الارتفاع بحسب إحصائيات غير رسمية، حيث زاد العدد خلال عام 2016، وبلغ 953 ألف عقد.