عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

القطارات.. على قضبان التطوير

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

 

 

تحقيق - نشوة الشربينى / إشراف: نادية صبحي

 

رغم أنه ينقل 500 مليون راكب سنوياً، لا يزال قطاع السكك الحديدية يعانى الإهمال وعدم الصيانة الكافية التى تزيل عنه ذلك الانطباع السيئ، الذى يسكن أذهان المصريين، ويشكل كابوسًا مفزعًا لكل من يزور محافظات الوجه القبلى أو البحرى.. ومع أن جهودًا كبيرة تبذل الآن لتحسينه وتطويره، فإن الصورة ما زالت «قاتمة» لدى الكثيرين عن مرفق «السكة الحديد»، الذى يعمل به 72 ألف موظف وعامل فنى، وكشف تقرير للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أن 80% من حوادث القطارات ناتجة عن اصطدامها ببوابات «المزلقانات»، وهو ما لا يتوافق مع الإنفاق الحكومى الذى وصل لمليار و700 مليون على قطاع نقل الركاب.

فحادث انقلاب 3 عربات من قطار أسوان، الذى وقع أواخر يوليو الماضى، لم يكن الأول، ولن يكون الأخير، بل سبقته كوارث أخرى من قبل، وسيلحقه المزيد من الكوارث.. إذا لم يتم الانتهاء من تطوير المرفق العملاق.

حوادث القطارات أصبحت «مشكلة قومية»، باتت الحاجة ملحة لإيجاد حلول سريعة وفورية للحد من ضخامة مشكلة حوادث القطارات المتكررة، لذلك تقدم عدد من النواب بطلبات إحاطة إلى وزير النقل بشأن الأعطال المتكررة، مطالبين الوزارة بخطة جدول زمنى لتطوير المنظومة وسداد الديون المتراكمة على الهيئة منذ وقت طويل.. ولكنه ليس بجديد، فمنذ عقود طويلة وكل أجهزة الدولة تبحث فى كيفية وقف نزيف الدماء على القضبان.. تشكلت لجان وانعقدت ندوات واجتمع مسئولون كبار لبحث مواجهة حوادث القطارات.. وفى النهاية لم يحدث شىء على أرض الواقع.. وما زالت مشكلات السكك الحديدية قائمة ومستمرة، بل تتفاقم يومًا بعد يوم.. فالأمنيات كثيرة.. والجماهير تشكو.. والمواطن أصبح فى حيرة بين وسيلة مواصلات آمنة كانت محببة إلى نفسه، بعد أن أصبح يخشاها نتيجة كثرة أعطالها وحوادثها وبين استغلال لا حد له من قبل وسائل النقل الأخرى.

 

أستاذ طرق ونقل: 3 مليارات جنيه عائدات هيئة السكك الحديدية.. و3.1 مليار رواتب للموظفين!

الدكتور حسن مهدى، أستاذ الطرق والنقل بكلية الهندسة جامعة عين شمس، قال: للأسف الحوادث تكررت فى أوقات متقاربة؛ لأن الهيئة تدار بشكل عشوائى ومشاكل القطاع تتمحور حول غياب الصيانة، والمزلقانات «غير الآمنة»، والقضبان غير صالحة لعبور القطارات.

وأضاف أستاذ الطرق والنقل، أن هيئة السكة الحديد من الهيئات الحيوية التى يستخدمها حوالى 500 مليون راكب سنوياً، ورغم أن سعر التذكرة اقتصادى وفى متناول يد الجميع، فإن الإيرادات السنوية لتذاكر نقل الركاب والبضائع وصلت لـ3 مليارات جنيه، بينما يذهب 3 مليارات و145 مليون جنيه على رواتب العاملين بالهيئة وعددهم 72 ألف موظف وعامل بكافة التخصصات العلمية والعملية، بخلاف مصروفات التشغيل والصيانة وقطع الغيار التى تأتى من خزانة الدولة، لافتًا إلى أن قطاع السكك الحديدية يعانى من خسائر متراكمة منذ عام 1989 وصلت إلى 55 مليار جنيه.

وأوضح أستاذ الطرق والنقل، أنه يجب الارتقاء بمفهوم الخدمة المتاحة للمواطن المصرى، وبالتالى لا بد أن تبدأ الهيئة بتشخيص الوضع الراهن ووضع خطة لإعادة هيكلة وفق دراسات علمية مرتبطة بإمكانات التمويل المتاحة والسير على نهجها تستهدف، أولاً: تجديد وإصلاح البنية الأساسية للسكة الحديد وفقًا للتكلفة، وتحديد العائد، مثلما يحدث فى جميع دول العالم، وبحيث يمكن تنفيذها بشكل منظم وآمن بدون أية عقبات مالية، ولتفادى حدوث أخطاء يدفع ثمنها الأبرياء.

والمحور الثانى: تنظيم جهات التفتيش للتأكد من تنفيذ معايير السلامة والأمان على قضبان السكك الحديدية والمزلقانات القانونية، وإزالة التعديات.

والمحور الثالث: تكثيف أعمال الصيانة للجرارات والعربات، وتوفير قطع الغيار، وتطوير خطوط نقل الركاب، وتحديث ممارسات الهيئة المتصلة بالإدارة والتشغيل، واستبدال النظام الحالى (الكهروميكانيكى) بنظام إلكترونى حديث، وإحكام الرقابة الصارمة على سائقى القطارات، بعد تحويلهم إلى وحدة تشغيل، وحسن إعدادهم، وتأهيلهم بالشكل الكامل، وإجراء الكشف الطبى عليهم بشكل مستمر.

والمحور الرابع: تنفيذ مشروعات التطوير، بما يعود على الركاب بخدمة جيدة وعربات آمنة جديدة، مع أهمية إدخال القطاع الخاص كشريك فى عملية التطوير، كما يجب تفعيل نظام الإحكام على المحطات الكبرى للقضاء على ظاهرة التهرب من دفع تذكرة القطارات، وهو ما يساعد على توفير أموال طائلة.

 

«النقل»: حوادث القطارات ليست ظاهرة.. وتطوير السكة الحديد يحتاج 200 مليار جنيه

مؤخراً، قال الدكتور هشام عرفات، وزير النقل: إن السكك الحديدية تحصل فى العام على مليار و700 مليون جنيه أى 5% فقط من الإنفاق الحكومى على هذا القطاع، وهو ما لا يساعد على التطوير، مؤكداً أن تطوير 5400 كيلو من خطوط السكك الحديدية يحتاج إلى 200 مليار جنيه.

وبيانات وزارة النقل تؤكد أن حوادث القطارات شهدت تراجعاً كبيراً عام 2017، ففى عام 2010 شهدت 25 حادثاً، ثم ارتفعت فى 2011 إلى 41 حادثاً، بينما كانت فى 2015 حوالى 37 حادثاً، وفى عام 2016 بلغت 40 حادثاً، وفى عام 2017 كانت 19 حادثة فقط.

وبحسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن 80% من حوادث القطارات ناتج عن اصطدام

مركبات القطارات ببوابات المنافذ «المزلقانات»، حيث بلغ عدد الحوادث الناجمة عن ذلك خلال عام 2017، 1435 حادثاً، مقابل 1249 حادثاً عام 2016، بنسبة ارتفاع بلغت 43.6%.. لافتاً إلى أن أكبر عدد لحوادث القطارات خلال 2017 كانت فى الوجه البحرى «الدلتا»، والذى شهد 1134 حادثاً.

وطبقاً للتقرير الإحصائى، شكلت نسبة حوادث القطارات بالوجه البحرى نسبة 63.3% من العدد الإجمالى خلال العام الماضى، وفى المقابل جاءت أقل نسبة للحوادث فى المنطقة المركزية بـ221 حادث بنسبة 12.3% من إجمالى حوادث القطارات على مستوى المناطق عام 2017.

 

خبير نقل: مطلوب إعادة هيكلة منظومة النقل ورفع كفاءتها الإدارية والتشغيلية

تحتل مصر المركز الأول عالمياً فى حوادث القطارات كما هو الحال فى حوادث السيارات، وأبرز حوادث القطارات لعام 2018، بدأت بإصابة 6 أشخاص جراء انقلاب 3 عربات قطار وخروج 7 أخرى فى قطار رقم «982» (القاهرة - أسوان) فى 29 يوليو.

وفى 13 يوليو، أصيب 55 مواطناً إثر انقلاب 3 عربات من قطار المرازيق رقم «986» المتجه من القاهرة فى طريقه إلى قنا.

وكذلك اصطدم قطار ركاب بتروسيكل محمل بأنابيب بعدما اقتحم شريط السكة الحديد من منطقة غير معدة للعبور بين محطتى «البدرشين» و«المرازيق» بالجيزة، مما أدى إلى تعطل حركة القطار دون حدوث إصابات، وذلك فى يونيو.

وفى 10 أبريل، اندلع حريق فى عربتين بقطار على خط (القاهرة – الإسكندرية)، أمام مزلقان سنديون بمدينة قليوب بمحافظة القليوبية، مما أسفر عن توقف حركة القطارات.

وفى 28 فبراير، وفاة 19 شخصاً إثر حادث اصطدام القطارين رقم «691» و«694» ركاب بخط المناشى فى محطة الطيرية التابعة لمركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة بقطار البضائع.

الدكتور عماد نبيل، استشارى الطرق والنقل، يقول: السكك الحديدية تشهد حوادث متكررة ومتفاقمة فى أعدادها، ونجنى خسائر بلغت حوالى 55 مليار جنيه.. فالمشكلة حقاً كبيرة والموضوع متعلق بالصيانة وجزء منه متعلق بقطع الغيار وضعف الإمكانيات ونقص العمالة البشرية المتدربة.

ويرجع استشارى الطرق والنقل، مسببات حوادث القطارات إلى المزلقانات العشوائية، مشيراً إلى أنها السبب فى 80٪ من الحوادث بخلاف تقادم القطارات، وضعف الرقابة والمتابعة الفنية والمالية التى تكفل سير المرفق بانتظام، ونقص قطع الغيار إلى جانب عدم التدريب الكافى على التعامل مع المزلقانات أو تأمين القطارات، وانتهاء صلاحية معظم وحدات التشغيل، وغياب التمويل.

 

رئيس الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق: سلامة القطارات.. بداية التطوير

المستشار سامى مختار، رئيس الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق، أشار إلى أن منظومة النقل بأكملها تحتاج إلى تغيير شامل، لأن هذه المنظومة أصبحت غير قادرة على توفير الأمان والسلامة للمسافرين عبر السكك الحديدية.

وأضاف رئيس الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق، أن إصلاح قطاع السكك الحديدية يعتمد على العمل على تحسين كفاءة الأداء والتشغيل، وتذليل العقبات والمشكلات، ونشر ثقافة السلامة والأمان على الطريق، وضخ سيولة مالية لإنجاز مشروعات التطوير، والحفاظ على استمرار المرفق، وعدم توقفه.

لافتاً إلى أن هناك دولاً كثيرة منها إنجلترا بدأت فى الثمانينيات فى إعادة هيكلة السكة الحديد، واستغرق ذلك نحو ثمانى سنوات، ونصف دخل السكة الحديد فى ألمانيا يأتى من نقل الركاب والبضائع، والنصف الآخر من النشاط التجارى الملحق بالمحطات، ومن ثم لا مانع من الاستفادة من هذه التجارب، وذلك بوضع حلول تتلاءم مع طبيعة المشكلات التى نواجهها.