رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

موهبته متعددة الألوان .. و كلماته تجمع بين العمق و السلاسة

بوابة الوفد الإلكترونية

كتب  ـ أمجد مصطفى

وسط زحام أغانى الهلس و تدنى مستوى الكلمة والفكر، ظهر شاعر كبير اسمه عزت الجندى يعيد أمجاد الأغاني الكلاسيكية ، يعمل على كتابة أغنية رشيقة بسيطة تحمل معانى عميقة وفلسفة يشعر بها من يدقق فى الكلمة ويبحر فى المعنى.

يعي جيدا قيمة الكلمة والمعنى الحقيقى للأغنية، فهو شاعر ظل يبحث طوال حياته الفنية عن المفردات الجديدة التي تصيبك بحالة من الدهشة من جمال الكلمة وروعة وتناغم وتكوين الجملة فى زحمة الجمل المستهلكة و العبارات الهشة و الكلمات السطحية.

وسط هذا العبث والترهل الغنائى وسيطرة الشكل الغربى والعبارات قبيحة المعنى، وقف الشاعر الكبير عزت الجندي الذي رحل عن عالمنا منذ يومين في هدوء تام كما اعتدنا منه، وانحاز لكبرياء اللغة العربية ومشتقاتها من اللهجات.

وسط حالة التسيب التى عمت الوسط الغنائى كان هناك من يوثق للأغنية الحديثة بأفكار تجمع حولها كل الأجيال والأعمار، فعندما تسمع أعماله باللهجة البدوية تشعر أنه من مواليد الصحراء الغربية، وأنه عاش بين ربوعها يرعى الغنم و يزرع الشعير والقمح ويشرب من حليب الناقة ويأكل العصيدة . وعندما تستمع إلى اعمالة الرومانسية الحالمة الرقيقة تشعر أنه من أهالى مصر الجديدة الأوائل نظرا لاستخدامه كلمات راقية وعذبة.

وعندما تستمع لاعمالة الشعبية تشعر بأنه ابن الحارة المصرية الشهم الجدع.

وعندما تجالسه، وتتمعن في تفاصيله الإنسانية بعيدا عن كونه شاعرا غنائيا كبيرا، تشعر أنه ابن كل هذه البيئات البدوية والصعيدية والقاهرية، فتلمس منه المروءة والجدعنة الموجودة عند "أولاد البلد"، هو أيضا ابن الذوات والأكابر الذي يرعى مشاعر الآخرين عندما ينوي التحدث.

عاش الشاعر الغنائى الكبير عزت الجندى محبا للناس فبادلوه احترامهم ومحبتهم وتقديرهم.

مئات الأعمال تركها عزت الجندى تتحدث عنه، تتحدث عن الرجل الذى عاش فى الظل طوال عمره، عاش يرفض الظهور الاعلامى لأنه يعلم أن خير من يتحدث عن الشخص هى اعماله و سيرته التى تركها.

عزت الجندى هو أب للأغنية الحديثة بحق لأنه كان يجمع بين سلاسة الكلمة وبساطتها و بين عمق المعنى الذى يجعلك تشعر أن خلف هذه الاعمال رجل نهم فى القراءة وفى التبحر وسط امهات الكتب.

لم يكن الراحل عزت الجندى مجرد شاعر للأغنية فقط لكنه كان أحد الباحثين فى التراث العربى بصفة عامة والمصرى بصفة خاصة . لذلك برع فى كتابة العديد من البرامج الاذاعية التى تعد مراجع للباحثين فى تراثنا.

البداية الحقيقية لعزت الجندى كانت من خلال عمل قدمة للإذاعة بعنوان «مصر كل شيء» وغناها كارم محمود، وكان وقتها قادما من الصعيد - المنيا - وكان عمره حوالى 22 سنة، كتب الأغنية وقدمها للجنة نصوص الإذاعة كما كان متعارفا وقتها، ولكن اللجنة التي كان يترأسها آنذاك الأستاذ عبد الرحيم نويرة أجازت الأغنية، وكانت الإذاعة حينها هي المسئولة عن اختيار المطرب والملحن للأغنية التي كانت من نصيب كارم محمود بعد اجازتها.

لم يكتفِ الجندي وقتها بهذه الاغنية بل قدم أغنية أخرى بعدها مع كارم محمود، وكان هذا بداية باكورة تعاون طويل الأمد، حيثُ غني له أغانى من إنتاج الإذاعة الليبية.

خارج الإذاعة.. كانت أول أغنية قدمها هى «ياسين» مع الفنان محمد العزبى، واشتهرت باسم «بهية وياسين» لارتباطها بالأسطورة، وبعدها أغنية "غدار طبع الهوا"و"يريد الله" مع عماد عبد الحليم رحمة الله و"على فكرة" و"على سهوة"و"على ايدك" مع عمر فتحى، رحمة الله وكانت شكلا جديدا ومختلفا.

ومن الاغانى التى اعتبرها الراحل نقاط فاصلة فى حياته اغنية "سيدى وصالك زاد عليا حنينى، زادنى دلالك عشق وأنت ناسينى» حيث اختارته انغام خصيصا لكتابة الاغنية على موسيقى وضعها ملحن شاب وقتها اسمة شريف تاج، بعد أن تأكدت أنه لا يوجد أفضل من الجندي لكتابة أغنية عميقة في الكلمات والتفاصيل.

وحملت الأغنية بعض المصطلحات الخاصة بلهجة القبائل العربية، فلكل منطقة مفردات خاصة بها، وربما يكون هذا سبب تميزها على حد قوله.

صدق حدس أنغام الفني، وحققت الأغنية نجاحا كبيرا فاق التوقعات، وباتت من أهم أغانيها التي تُطلب منها كلما تواجدت في حفلة أو مناسبة.

وتعد "لولاكى" مرحلة مهمة جدا فى حياة عزت الجندى ونقلة نوعية فى شكل الأغنية العربية رغم انها اكثر الاغانى التى تعرضت لهجوم  وقتها.

ودافع عزت عن لولاكى قائلا وقتها :كانت مكتوبة بكلمات جميلة جدا ولحن جميل جدا وتنفيذ جميل جدا.. ولكن اللوك الخاص بعلى حميدة وقتها على الغلاف، بالإضافة إلى الصوت واللهجة المختلفة عليهم جعل الهجوم شرس جدا، رغم أن صوت على جبلى ومميز جدا.

واغنية لولاكى كانت جزءا من مقطوعة شعر كانت ضمن برنامج اذاعى كتبه عزت الجندى بعنوان "بكرة يبتدى النهار" وكانت كلماتها تقول (لولاكى ماغنيت ولا هزت الأنغام كيانى، لولاكى ما مشيت خطوة ولا رديت مكانى، ما إنتى اللى قلبى عليه ما خلانى رقدت الليل).

لذلك كان عزت رحمة الله يعتبر عام 1988 هو الأهم في مسيرته حيث غير خريطة الأغاني

بشكل عام بـ "لولاكي".

سوف نظلم عزت الجندى كفنان كبير لو اختزلنا مسيرته فى "لولاكى" او "سيدى وصالك"، فسجله الفني يحفل بمئات الاغانى لكبار نجوم الغناء، كما أنه أثرى الساحة الغنائية بعدد كبير من الأغنيات الجميلة والناجحة لمطربين من كافة أرجاء الوطن العربي منهم عبد المطلب، وكارم محمود، ومحرم فؤاد، ومحمد رشدي، وماهر العطار، ومحمد العزبي، وفايدة كامل، وفاطمة عيد، حيث قدم لهم مجموعة من أجمل وأشهر اغنياتهم.

كما لحن وكتب لمطربى ومطربات السبعينات ومنهم ياسمين الخيام وهاني شاكر ومحمد ثروت ومحمد الحلو وعماد عبدالحليم وعتاب وعلي الحجار وعشرات غيرهم من أبناء هذه الحقبة الغنائية الجميلة.

واستمرت رحلة عطائه مع أجيال الثمانينات والتسعينات والألفية الجديدة، ومن أبرز من تعاون معهم عمر فتحي وحميد الشاعرى وجورج وسوف ولطيفة وسميرة سعيد ولطفي بوشناق وعلي حميدة ومدحت صالح وراغب علامة ووليد توفيق وأنغام وليلى غفران وناصر المزداوى وحلمي عبدالباقى وديانا حداد وعاصي الحلاني وإليسا ونانسي عجرم ومى كساب وعشرات غيرهم من المطربين من كافة أرجاء الوطن العربي.

شكل الجندى ثنائى ناجح جدا مع الموسيقار الكبير محمد على سليمان سواء من خلال التى صنعاها للراحل عماد عبد الحليم او لانغام او الاعمال التى غناها محمد على سليمان بنفسه.

عن هذه الرحلة المشتركة قال الموسيقار محمد علي سليمان .. عندما تعاونت مع الشاعر الراحل عزت الجندي لم اكن اضع في ذهني ان نكون ثنائي ، و هو نفس الامر بالنسبه له ، لكن عزت رحمه الله كان يعرف و يعي ماذا يعطيني من كلمات ؟ كان يحسن اختيار الاعمال التي تناسبني كملحن . لذلك سوف تجد ان كل اعماله التي قدمناها سويا نجحت و الحمد لله .

ان العشرة و المحبه و الاحترام المتبادل هو السبب الرئيسي في حاله الانسجام و التفاهم بيننا .

و قال "سليمان"  ان عزت الجندي كان يمتلك مفردات خاصه به ، لا تستطيع ان تفصلها عن الكلام الذي كان يستخدمه في حديثه العادي .. وهو الامر الذي يؤكد انه شاعر عربي اصيل .. له ثقافته المرتبطه بجذوره ، لم يكن الجندي شاعر مصنوع لانه من نبع اصيل .

و اضاف :  "الجندي" لم يكن  شاعرا فقط لكنه كان باحثا في التراث العربي و المصري . و هو الامر الذي ساهم في تكوين شخصيته و انا شخضيا استفدت كثيرا من برامجه التي قدمها للاذاعه .

و انهي محمد علي سليمان حديثه بان نقاء عزت الجندي كان واضح جدا في مؤلفاته الغنائية .

الراحل كتب للدراما مسلسلى "الهودج" و "رياح الشرق" الى جانب اسهمات كبيرة فى كتابة بعض اغانى الافلام منها فيلم "عذاب الحب"  للراحل عماد عبد الحليم والحان الموسيقار الكبير محمد على سليمان كما كتب كلمات مسلسل "سنبل بعد المليون" لـ "محمد صبحي"، وفي نفس العام وضع كلمات أغاني مسلسل "الزنكلوني" لـ "محمد رضا".

عزت الجندى شاعر اعطى للفن الكثير لذلك لم يكن غريبا حالة التى الحزن التى انتابت الوسط الفنى بعد رحلية حيث نعته انغام على صفحاتها كما نعاه عدد كبير من الشعراء ايمن بهجت قمر وامير طعيمة كما نعاه الموسيقار منير الوسيمى الذى عمل معه كثيرا ايضا فى تجارب شعبية ناجحه.