رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

النهر الخالد في خطر

سد النهضة
سد النهضة

تحقيق - حمدى أحمد / إشراف: نادية صبحي

 

نهر النيل هو شريان الحياة لمصر والحفاظ عليه واجب وطنى وضرورة لا غنى عنها، سواء من الجهات المسئولة أو المواطنين عن طريق ترشيد استخدامهم لمياه النهر الخالد الذى يروى أراضى مصر منذ آلاف السنين.

 

ولا يخفى على أحد الخطر الداهم الذى يهدد النهر الخالد فى الفترة الحالية بعد اقتراب أثيوبيا من بناء سد النهضة بشكل نهائى ، حيث تجاوزت نسبة البناء 60٪ وفشلت المفاوضات الفنية بين مصر وإثيوبيا والسودان وإعلان مصر قلقها من هذا التطور لما ينطوى عليه من تعثر للمسار الفنى، رغم ما بذلته مصر من جهود ومرونة عبر الأشهر الماضية لضمان استكمال الدراسات فى أقرب وقت.

وتعتبر زراعة  الأرز من أكثر الزراعات استهلاكاً للمياه فى مصر، لأن محصول الأرز يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه «الغمر» ولا يصلح معه نظام الرى بالتنقيط، حيث يبلغ استهلاك المحصول 15 مليار متر مكعب من المياه أى ما يساوى 27٪ من حصة مصر، مما جعل الرئيس عبد الفتاح السيسى يرد على أحد المواطنين "طالب" برفع الغرامات عن مزارعى الأرز المخالفين قائلا: «الفلاحين أهلى وناسى، لكن الأوطان لا تبنى بالخواطر وإنما بالالتزام والانضباط واحنا مش ضد زراعة الأرز إحنا بنظلم زرعته لازم تسمعوا كلامنا، اللى حصل فينا خلال السنوات بسبب التجاوز».

وفى ظل تلك الأخطار الناجمة عن بناء سد النهضة، وما ينتج عنه من نقص المياه القادمة إلى مصر بدأ البعض يتساءل حول أفضل الطرق للحفاظ على مياه نهر النيل وحماية مصر من الوقوع فى أزمة كبرى، وفى الوقت نفسه الاستفادة من زراعة الأرز الذى يعد أحد اهم المحاصيل الاستراتيجية فى مصر.

خبراء الزراعة والرى، أكدوا وجود 3 طرق وحلول يمكن من خلالها الغلب على مشكلة نقص المياه  وفى الوقت نفسه نستمر فى زراعة الأرز، تمثلت فى زراعة أصناف جديدة من البذور والتقاوى مستنبطة تتحمل نقص المياه، وبعض الأصناف تتحامل الجفاف، بحيث يكون استهلاكها للمياه مماثلًا للمحاصيل العادية، واستغلال مياه زراعة الأرز فى زراعة محاصيل أخرى بروتينية، بحيث يكون لدينا محصولان بدلاً من محصول واحد فضلاً عن الاكتفاء بزراعة 450 ألف فدان في محافظات شمال الدلتا والتى نعتبر مجبرين على زرعتهم بمحصول الأرز حتى نمنع دخول مياه البحر للأراضى الزراعية ونحافظ عليها من الملوحة.

وكانت وزارة الموارد المائية والرى، حددت المساحة التى تتم زراعتها بمحصول الأرز موسم 2017 بمليون و76 ألف فدان فى 8 محافظات فقط، هى البحيرة 174 ألفًا و978 فدانًا الغربية 70 ألف فدان، كفر الشيخ 275 الفًا و18 فدانًا الدقهلية  300 ألف فدان، دمياط 57 ألف فدان، الشرقية 176 ألفًا و401 فدان، الاسماعيلية 3 آلاف 520 فدانًا، وبورسعيد 30 ألف فدان.

إلا أن حجم المخالفات بلغ هذا العام مليون فدان، وكانت وزارة الرى قدرت المخالفة الواحدةعلى الفدان بأكثر من 3600 جنيه، ما يعنى أن إجمالى المخالفات يتجاوز 3.6 مليار جنيه.

ويستهلك فدان الأرز ما يقرب من 9 آلاف متر مكعب من المياه، تكفى لزراعة 3 أفدنة اخرى وهو ما يعنى أن زراعة الاوز المخالفة تحتاج الى 7.6 مليار متر مكعب من المياه، بالإضافة الى نفس الكمية للزراعات المقررة بالأرز ليصل إجمالى كميات المياه التى تستهلكها زراعة الأرز المقنن والمخالف الى ما يقرب من 15 مليار متر مكعب من المياه، تعادل 27٪ من حصة مصر من مياه النيل، وهو ما يرفع الضغوط على وزارة الرى فى تدبير هذه الاحتياجات.

 

عجز مصر المائى 30 مليار متر مكعب تتضاعف بعد سد النهضة

قال الدكتور أحمد فوزى، أستاذ الموارد المائية بمركز بحوث الصحراء: إن مصر ليس لديها رفاهية إهدار المياه، فنحن نعانى من عجز مائى 30 مليار متر مكعب، وفى القريب سيكون العجز حوالى 60 مليار متر مكعب عقب الانتهاء من بناء سد النهضة فى إثيوبيا.

وأضاف «فوزى»: لذلك يجب علينا توظيف كل نقطة مياه فى مكانها الصحيح، ومن أهم عناصر استهلاك المياه فى مصر الزراعة، وخاصة زراعة الأرز الذى يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، فضلاً عن أن مصر مجبرة على زراعته فى محافظات الدلتا للتخلص من ملوحة الأرض.

وأوضح أستاذ الموارد المائية بمركز بحوث الصحراء، أن هناك 450 ألف فدان فى محافظات شمال الدلتا يجب زراعتها بمحصول الأرز حتى نمنع دخول مياه البحر للأراضى الزراعية، وفى حالة زراعتها من الممكن أن تغطى معظم ما تحتاجه مصر من استهلاك الأرز سنوياً، ولذلك إذا أرادت مصر الحفاظ على مياه النيل من الممكن أن تكتفى بزراعة هذه المساحة من الأراضى بدلاً من زراعة أكثر من مليون فدان.

وأشار «فوزى» إلى أنه من ضمن الحلول للتغلب على مشكلة المياه انتقاء أصناف من الأرز تصلح للزراعة فى التربة الطينية الثقيلة التى تحتفظ بالمياه وفى نفس الوقت ذات كفاءة وإنتاجية عالية، فهناك أنواع من الأرز تروى كل 10 أيام وتنتج كميات كبيرة مثل البذور العادية، وهذه الأنواع موجودة فى مركز البحوث الزراعية ويمكن للمزارعين الحصول عليها ولكنهم غالباً يلجأون لبذور قديمة لديهم ذات إنتاجية ضعيفة.

 

«الزراعة»: استنباط أصناف جديدة تتحمل الجفاف

قال الدكتور حامد عبدالدايم، المتحدث باسم وزارة الزراعة، إن سياسة الوزارة تجاه محصول الأرز وزراعته من أجل الحفاظ على أكبر قدر ممكن من المياه تتمثل فى استنباط أصناف جديدة من البذور والتقاوى تتحمل نقص المياه، وبعض الأصناف تتحمل الجفاف بحيث يكون استهلاكها للمياه مماثلاً للمحاصيل العادية.

وأضاف عبدالدايم: أن الوزارة تعمل على إخصاب التقاوى ومحاولة نشر هذه الأصناف الجديدة على مستوى محافظات الجمهورية لكى نحافظ على استهلاك المياه فى ظل الأزمة التى تعانى منها مصر حاليًا ومستقبلاً.

وأوضح المتحدث باسم وزارة الزراعة، أن تحديد المساحات المزروعة بالأرز مسئولية وزارة الرى ويتم ترتيبها وتحديدها بالاتفاق مع المزارعين قائلاً: «يتم ترتيبها مع المزارعين علشان اللى زرع السنة دى غيره يزرع السنة الجاية وهكذا علشان ميبقاش فيه تحيز لبعض المزارعين».

وأشار إلى أن نظام الرى بالتنقيط لا يصلح استخدامه مع زراعة الأرز لأنه محصول يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه لغمر الأرض وبالتالى من الصعب استخدام الرى بالتنقيط، لافتاً إلى أن إنتاجية فدان الأرز تتراوح بين 5 إلى 6 أطنان.

 

خبير زراعى: 3 حلول للتغلب

على نقص المياه

قال المهندس حسام رضا، الخبير الزراعى، إنه يوجد 3 حلول لزراعة الأرز دون استهلاك كميات كبيرة من المياه فى ظل الأزمة التى نعانى منها حالياً والتى ستزيد عقب الانتهاء من بناء سد النهضة الإثيوبى.

وأوضح «رضا»، أن هذه الحلول تتمثل فى زراعة أصناف مستنبطة لا تتعدى فترة مكوثها فى الأرض 140 يوماً، واستغلال مياه زراعة الأرز فى زراعة محاصيل أخرى بروتينية، بحيث يكون لدينا محصولان بدلاً من محصول واحد، بالإضافة إلى زراعة المناطق والمساحات الموجودة فى شمال الدلتا، والتى نعتبر مجبرين على زراعتها للحفاظ على نسبة الملوحة بها.

وأشار الخبير الزراعى، إلى أن أراضى شمال الدلتا والمتاخمة للبحر المتوسط لابد من زراعتها بالأرز وغسيلها باستمرار لحمايتها من الملوحة ومنع دخول مياه البحر للأراضى.

أما الحل الذى لابد منه، ويجب على الدولة تنفيذه بسرعة هو إجبار إثيوبيا على الالتزام بالمشروع الأصلى لسد النهضة بتخزين 14 مليار متر مكعب من المياه فقط، وليس كما أعلنت 74 مليار متر، وهذا الحل من حق مصر المطالبة به 100٪.

وحول وجود بعض الحيازات المنفردة والتى تقوم بزراعة الأرز، وتستهلك مياه المحاصيل الأخرى، قال رضا: إن الحكومة يجب أن تتبع نظام التجميع الزراعى لحل هذه المشكلة مثلما كان يحدث فى الماضى، لأن الحيازات المنفردة للأرز تضر المحاصيل الأخرى مثل الذرة والسمسم التى تعتبر حساسة لزيادة المياه، كما أن نظام التجميع الزراعى يسهل خدمته ورشه بالمبيدات بشكل أفضل وتوفير المياه اللازمة له باستمرار، قائلاً: «لازم الحكومة تقول الـ300 ألف أو 500 ألف فدان اللى فى المنطقة دى مثلاً يتزرعوا أرز أو أى محصول تانى، لكن مش أى حد يزرع اللى على مزاجه».

وأوضح أن الدولة يجب أن تتشاور مع الفلاحين وتتفق معهم على ذلك وتعطى لهم حوافز إيجابية تشجعهم على الالتزام بالتعليمات، وفى الوقت نفسه فرض غرامات وعقوبات على المخالفين.

 

 

«الرى»: 650 ألف فدان حجم مخالفات زراعة الأرز

أكد الدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الموارد المائية والرى، أنه لا تراجع عن تحصيل غرامات زراعة الأرز بالمخالفة هذا العام، وسيتم تطبيق القانون بكل حزم.

وأضاف «عبدالعاطى» أنه لن يتم التنازل عن تحصيل قيمة المخالفات أو إلغاءها ولن نستجيب للطلبات الكثيرة الخاصة بالتنازل عن الغرامات، نتيجة إهدار كميات كبيرة من المياه فى زراعته، وليس من المعقول أن نترك المخالف دون عقاب.

وأشار إلى أن هذه المخالفات تقلل من قدرة الدولة على ترشيد استهلاك مياه الرى، وتوفيرها لخطط التوسع الأفقى بالأراضى الجديدة، كما أن استمرار مخالفات الزراعات الشرهة للمياه بالمخالفة تزيد من مشاكل عدم وصول مياه الرى إلى نهايات الترع ويفاقم مشاكل نقص المياه فى الأراضى المقرر لها مياه بعدد من المحافظات.

فيما قال حسام إمام، المتحدث باسم وزارة الرى، إن الوزارة حددت مساحة زراعة الأرز بمليون و76 ألف فدان، ولكن حجم زراعة الأرز المخالف تجاوز 650 ألف فدان.

وأضاف «إمام»، إن هذا الرقم من مساحات المخالفات يستهلك مياهًا تصل لـ3 مليارات متر مكعب مياه، مشيرًا إلى أن مخالفات زراعة الأرز تتزايد والوزارة فرضت غرامات على المخالفين، لأن كل نقطة مياه زيادة على المقرر تؤخذ من حصة مزارع آخر لا تتوافر لديه المياه.

وأشار المتحدث باسم وزارة الرى، إلى أن المساحات المخالفة تشكل خطورة على المقررات المحدودة من المياه والمخصصة للزراعات الصيفية، وتؤثر بالتالى على غيرها من المحاصيل الاستراتيجية، ولا بد أن يعى المواطن ضرورة ترشيد استهلاك المياه ووقف زراعات الأرز المخالفة، لافتًا إلى أنه سيتم وقف توزيع مستلزمات الإنتاج الزراعى عن المخالفين من أسمدة وبذور وقروض بنك التنمية والائتمان الزراعى، كما يتم دراسة رفع الدعم المقدم للكهرباء عنهم.

وأوضح، أنه طبقًا لقانون الرى والصرف رقم 12 لسنة 1984، «يحظر زراعة الأرز فى غير المناطق المصرح بها، وتوقع على المخالف الغرامة المنصوص عليها، كما تحصل قيمة مقابل الاستغلال للمياه الزائدة على المقررة لزراعة الأرز بالمخالفة طبقًا للقانون، مشيرًا إلى قيام أجهزة الوزارة بالمرور اليومى على كافة الزمامات، للقضاء على كافة المشاتل المخالفة، وأنه لا تهاون مع أى مخالف وسيتم التعامل مع المخالفات فى حينها وتحرير محاضر تمهيدًا للإزالة الفورية بالتنسيق مع المحافظات.