عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الفقراء ينتظرون «تكافل وكرامة»

بوابة الوفد الإلكترونية

مصريون لا ذنب لهم إلا أنهم ولدوا لأسر معدمة، حرموا من التعليم والعلاج حتى الطعام أصبح حلماً بعيد المنال بالنسبة لهم، نساء عجائز لم يرحمهن القدر ولا الحكومة من شر العوز، وشيوخ حرموا متعة الراحة بعد سنوات العذاب والشقاء، ونزلوا سوق العمل للحصول على جنيهات قليلة لا تسمن ولا تغن من جوع، كل هؤلاء نسيتهم الحكومة، تركتهم فريسة لنار الأسعار التى لا ترحم، فرمتهم عجلة الإصلاح الاقتصادى، وفى حين تتغنى الحكومة بإجراءاتها لحماية أصحاب المعاشات وتكافل وكرامة والموظفين بمنحهم جنيهات هزيلة إضافية لدخولهم، فقد تركت هؤلاء يعانون بلا أى حماية، يعيشون على الفتات والصدقات، بعضهم يعمل فى مهن هامشية من أجل جنيهات قليلة يومياً أحياناً لا تأتى، ومنهم من أعاقه المرض فأقعده عن العمل لتصبح أسرته بلا عائل، وليتحمل أطفاله أعباء تنوء عن حملها الجبال.

ملايين الأسر فى مصر تعيش تحت خط الفقر تقهرهم الحاجة وتكويهم نار الأسعار، والحكومة التى تتدعى مراعاة البعد الاجتماعى، لم تر هؤلاء، لم تسمع أنينهم، تركتهم يواجهون مصيرهم وحدهم بلا سند.

قبل اتخاذ قرار رفع أسعار الوقود الأخير أصدرت الحكومة عدة قرارات بزيادة المعاشات 15%، ومعاش تكافل وكرامة 100 جنيه، ومنح العاملين فى الدولة علاوة اجتماعية وعلاوة غلاء استثنائية، ورغم أن هذه الإجراءات لم تفد أصحابها كثيراً لأن زيادة الأسعار التهمتها قبل أن تأتى، فما بالنا بمواطنين آخرين غير خاضعين لأى حماية، معدومى الدخل، ليس لهم مصدر دخل ثابت، يعملون فى مهن هامشية إن وجدت، فقراء يطحنهم الفقر والمرض ولا تعلم الحكومة عنهم شيئاً، ليس لهم معاش ليسفيدوا من الزيادة الهزيلة، يعيشون فى كل المحافظات ولا يراهم المسئولون.

سماح طه سيدة فى العقد الثالث من العمر، ولدت لأسرة بسيطة كان حلمها الستر، تزوجت من صلاح قطب نقاش «كسيب» يكسب قوت يومه من عرق جبينه، ولكن فجأة أصابه فيروس سى، وساءت حالته بمرور الوقت ولم يعد قادراً على العمل، وبذلك فقدت الأسرة مصدر دخلها الوحيد.

ولأن للفقر حسابات أخرى، فالأسرة البسيطة لديها 6 أبناء خرجوا جميعاً من المدارس وقدمتهم أسرتهم للشارع ليعملوا فى أى شىء، تقول الأم: أطفالى الستة أصبحوا هم مصدر دخلنا الوحيد، يجمعون علب المشروبات والزجاجات الفارغة من الشوارع لنقوم ببيعها مقابل جنيهات قليلة نشترى بها الطعام، وأضافت قائلة: العيش مشكلتنا الأساسية، فلأنه لا دخل لنا ليس لدينا بطاقة تموين وطبعاً لا أحصل على تموين ولا عيش، ورغيف العيش فى الفرن بنصف جنيه فكيف أقدر على شرائه؟

وأشارت إلى أنهم يلجأون أحياناً للأكل من القمامة، وينتظرون حسنات المحسنين، أو التسول أمام المخابز للحصول على بعض الأرغفة بالسعر المدعم من الناس الذين لا يحتاجونه.

وأكدت «سماح» أن زوجها توجه للمستشفيات الحكومية لم يجد له علاجاً، وأخبروه أن علبة الدواء سعرها 1800 جنيه، ولأنه ليس له تأمين صحى لم يحصل عليه من الحكومة، وبالتالى فهو لا يأخذ العلاج وحالته تسوء كل يوم.

حسن عبدالفتاح، مواطن بسيط، جاء من بلدته سوهاج ليعمل فى المعمار فى القاهرة، حيث الرزق أوسع، يعول أسرة مكونة من 5 أبناء وأمهم، بالإضافة إلى والدته القعيدة وشقيقته التى توفى عنها زوجها العامل الزراعى الأجير وتركها بابنيها بلا مصدر دخل، يقول حسن: تركت الزراعة لأنها لا تأتى بهمها وأسرتى كبيرة، ولدى ابنان فى المدرسة ولا أريد أن أخرجهما منها، ومصاريف علاج والدتى تصل إلى 600 جنيه شهرياً، لذلك حضرت إلى القاهرة للعمل فيها، إلا أن ارتفاع الأسعار ورائى ورائى، فالعيش الحاف أصبح مكلفاً، وكل ما أعمل به أرسله للأسرة فى البلد ولكنه لا يكفيهم أيضاً، فالأسعار نار هنا وهناك.

وطالب حسن الحكومة بالنظر له ولأمثاله من المعدمين الذين لا دخل ثابت لهم، وقال: أحياناً أعمل بـ50 جنيهاً فى اليوم، وأحياناً أنتظر بالأسبوع بلا عمل، والالتزامات كثيرة وكل شىء يمكن الاستغناء عنه ما عدا علاج أمى وتعليم أولادى، وأشار إلى أن المستشفى العام بسوهاج لا توجد به أى إمكانات ولا يقدم

أى علاج للمرضى ووالدته سيدة مسنة ليس لها تأمين صحى، وبالتالى فعلاجها كله على حسابه ولا يمكن التخلى عنه، مؤكداً أن أسعار العلاج تضاعفت خلال الشهور الماضية، مناشداً الحكومة النظر لأمثاله ممن لا دخل لهم ولا معاش ولا تأمين صحى ولا تموين، مؤكداً أنهم يموتون كل يوم والحكومة لا تشعر بهم.

 

إحصاءات

وتشير الاحصاءات الرسمية إلى ارتفاع معدلات الفقر فى مصر، حيث أشار تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى زيادة نسبة الفقراء والتى وصلت إلى 27.8% أى ما يعادل حوالى 30 مليون مواطن، فى حين أكدت بعض الإحصاءات أن الرقم يزيد على 40 مليون مواطن خاصة بعد الإجراءات الاقتصادية التى اتخذتها الحكومة خلال العامين الأخيرين، وأشار تقرير الدخل والإنفاق إلى أن هناك حوالى 11.8 مليون مواطن ينفقون أقل من 4 آلاف جنيه سنوياً أى حوالى 333 جنيهاً شهرياً.

وفى ظل الارتفاع الرهيب فى الأسعار يصبح السؤال كيف يعيش هؤلاء؟ سؤالاً جوهرياً يعجز أعظم الخبراء عن الإجابة عنه، إلا أن فاطمة محمد إحدى السيدات التى تعيش هذه الحياة، كانت لديها الإجابة حيث قالت: «إحنا مش عايشين أصلاً» الأكل من الزبالة، مصدر الدخل الرئيسى ما يجود به على أهل الخير، وأضافت السيدة المسنة التى تعيش بمفردها فى عشة من الخيش بأحد أحياء القاهرة العشوائية: ربنا يرحمنا، إحنا غلابة لا دخل ولا معاش ولا سكن ولا ولد ولا حكومة ترى ما نعانيه، بقى بالذمة مش الموت أرحم؟!!

سؤال السيدة العجوز وجد له صدى لدى سيد عبدالسلام الذى يبيع السجائر فى أحد الشوارع، مشيراً إلى أن الموت أرحم بالغلابة من حكومة لا تعلم عنهم شيئاً، وأضاف: منذ سنوات وأنا بلا عمل لجأت لبيع السجائر والمناديل فى الشارع لأنفق على نفسى وأبنائى الأربعة، الذين توفيت والدتهم لأننا لم نستطع توفير نفقات علاجها من سرطان الثدى، أبنائى الأربعة خرج اثنان منهم من المدارس البنت الكبيرة أصبحت ربة البيت بعد والدتها، وعلى خرج من المدرسة ليساعدنى فى العمل، إلا أن ضيق الرزق يحاصرنا فلم يجد عملاً، فأحياناً يعمل شيالاً أو فى المعمار وكل يوم برزقه إن رزق، وأضاف: أنا عندى 55 سنة وليس لى بطاقة تموين ولا تأمين صحى ولا معاش يعين أبنائى على الحياة من بعدى، والأسعار زادت وتضاعفت ورزقنا قليل فماذا نفعل؟

هذه صرخات بعض المواطنين الذين ليس لهم دخل ثابت ولا يحصلون على الدعم الحكومى ولا معاش ولا علاج، فهل تفكر الحكومة فى توفير أى نوع من الحماية لهذه الأسر التى تعيش بلا غطاء؟ أم ستتركهم فريسة للإصلاح الاقتصادى الذى قضى على الأخضر واليابس فى مصر؟