رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حمد بن جاسم.. صانع الدسائس

حمد بن جاسم آل ثاني
حمد بن جاسم آل ثاني

مثّل الأمراء صانعى المؤامرات فى كتب التاريخ القديمة، الذين كانوا يتحركون فى دهاليز وسراديب القصور، يصنعون الفتن ويحيكون الدسائس، ويدبرون الانقلابات، عاش أميرنا فى القصر الأميرى بالدوحة، ينسج خيوط شبكات التطرف والعنف والإرهاب، ويوزعها على الأشقاء بدلًا من صلات الرحم وأغصان الزيتون.

وصف بالمتآمر الأكبر، والجاسوس الغربى، وصانع الانقسامات العربية، وعراب الصفقات المشبوهة، وصاحب النفوذ الاقتصادى الكبير، إنه مؤسس تناقضات السياسة القطرية.. رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق حمد بن جاسم، الذى توارى إلى الظل منذ أن ترك منصبه فى أعقاب انقلاب تميم على والده حمد بن خليفة فى 25 يونيو 2013، فيما عرف بالانقلاب الأبيض، الذى دبرته الشيخة موزة لصالح ابنها ضد أبيه.

وترك جاسم السلطة وفى حلقه غصة من آل حمد أبناء عمومته، بعدما كان يدير الإمارة الصغيرة اقتصاديًا وسياسيًا من خلف الستار فى عهد الأمير حمد بن خليفة، حتى وصف بالحاكم الفعلى للإمارة.

ومع ذلك عاد مؤخراً، ليتصدر المشهد من جديد، فى محاولة لتحسين وجه الإمارة القبيح فى أعقاب قطع مصر والسعودية والإمارات والبحرين لعلاقاتهم الدبلوماسية معها، على خلفية دعمها لجماعات الإرهاب وإيوائها لقادتهم، والتدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية، بما يشكل تهديدًا للأمن القومى العربى.

الأمير العائد الذى رسم ملامح السياستين الداخلية والخارجية لقطر لسنوات طويلة، تلاحقه اتهامات بمواقفه العدائية للمصالح القومية العربية، خاصة مصر والسعودية، بالإضافة لتكوينه التحالف القطرى الإيرانى والقطرى الإسرائيلى.

وكشفت مكالمات سرية له منذ سنوات، عن عدائه الشديد وتشدده تجاه السعودية، حيث اعتبر الرياض الخطر الأكبر المهدد لأحلام قطر فى التحول لدولة مؤثرة فى المحيطين العربى والإقليمى، خاصة فى اليمن وسوريا، معتبرًا أن «حكومة الرياض أصبحت هرمة» وأن الطبقات العليا فى السعودية لن تجدى نفعًا فى تنفيذ المخططات الإنجليزية والأمريكية فى المنطقة، وأن على المخابرات الإنجليزية والأمريكية التعاون مع السعوديين المقيمين بالخارج، لبناء طبقة جديدة تساهم فى تنفيذ مخططاتهم حول إعادة تقسيم الثروة والنفوذ والحدود بالمنطقة.

مشيرًا إلى أن قطر نجحت فى إحداث خلل بدور السعودية فى المنطقة، وفى علاقاتهم بحلفائها الغربيين، من خلال النجاح فى سحب القواعد العسكرية من الرياض للدوحة، قائلاً: «لقد كسرنا احتكارهم فى الخليج».

كما قدم دعمًا هائلًا لمظاهرات الشيعة فى البحرين عام 2011 حينما أوصى جمعية الوفاق البحرينية الشيعية بمواصلة استمرار الاحتجاجات للضغط على حكومة المنامة للاستجابة لمطالبهم، وأصدر وقتها ما سماه بوثيقة المبادرة القطرية، لحل الأزمة، التى تضمنت 4 مطالب شملت إيقاف تليفزيون البحرين، تشكيل حكومة انتقالية بما يسمح للشيعة بالسيطرة على مقاليد الحكم، وهو ما رفضته حكومة البحرين واعتبرته تدخلًا سافرًا فى شئونها الداخلية.

وفشلت محاولات جاسم واللاعبين فى التأثير على المشهد السياسى المصرى فى أعقاب ثورة 25 يناير، ورغم الدعم الكبير الذى قدمه لجماعة الإخوان والرئيس المعزول محمد مرسى، فإن ثورة 30 يونيو أطاحت بمحاولات التغلغل القطرى اقتصاديًا وسياسيًا فى مصر.

وفى الوقت الذى تآمر فيه على الدول العربية ومصالح شعوبها ومقدراتها، كان عراب العلاقات القطرية الإسرائيلية، التى بدأت بعد زيارته السرية لتل أبيب فى 2010، التى دعا بعدها العرب فى أحد اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، إلى الاعتراف بأن وصفهم للإسرائيليين بالذئاب لم يكن فى محله، وأن العرب هم الذين أصبحوا نعاجاً، متفاخرًا باتفاقية بيع الغاز القطرى لإسرائيل، ومشيرًا إلى التنسيق معها فى مجالات التعليم للاستفادة من تجربتها فى هذا المجال.

ووصفه اللواء محمود منصور، أحد كبار قيادات المخابرات المصرية سابقاً، والمشارك فى تأسيس إدارة المخابرات القطرية، بأنه يعتبر جاسوسًا لأمريكا فى المنطقة، حيث كان على اتصال وثيق بالمخابرات الأمريكية، وأنه قاد الانقلاب على خليفة بن حمد، بالتنسيق معها، حيث وعدته بمناصب قيادية فى الدولة، نظرًا لمواقف خليفة المعروفة بمعارضتها للنفوذ الأمريكى بالمنطقة، مشددًا على أن حمد بن جاسم كان ينفذ المخطط الأمريكى أثناء ثورات الربيع العربى بهدف إعادة الهيمنة الأمريكية على المنطقة.

وارتبط اسم حمد بن جاسم بالعديد من الصفقات المشبوهة والفضائح المختلفة، حيث أشارت صحف بريطانيا إلى تورطه فى تعذيب المواطن البريطانى فواز العطية، الذى اختطفه

جاسم من دبى، وسجنه وأشرف على تعذيبه فى سجن انفرادى لمدة 15 شهراً، بسبب نزاع على قطعة أرض بينهما.

وكشفت الصحف البريطانية على تلقيه عمولات عن عديد من الصفقات التجارية التى أجراها لصالح العائلة الحاكمة فى قطر، ولقبته صحيفة «فاينانشال تايمز» بملك العقارات اللندنية، مشيرة إلى حجم الاستثمارات الضخمة، ومؤكدة أن العائلة الحاكمة تمتلك فى لندن أكثر مما تملك شركة التاج الملكى البريطانية، حيث تساهم فى متاجر هارودز وسينسبرى الشهيرة، بالإضافة إلى الاستثمارات فى مجالات العقارات وشراء القصور.

ويذكر أن الصحيفة كشفت عن فضيحة أخلاقية لابنة الشيخة سلوى خلال العام الماضى، حيث ضبطت فى إحدى الشقق اللندنية، بصحبة ثلاثة رجال، ووجهت لها تهمة استخدام الرجال فى أعمال دعارة خارج القانون، وبعد أيام اختفى الخبر تماماً، بعد تدخل السفارة القطرية التى قيل إنها دفعت رشوة 50 مليون جنيه استرلينى.

والمعروف أن بن جاسم يمتلك عدة شقق وعقارات وقصور فى لندن، حيث يمتلك شقة هى الأغلى فى بريطانيا وتطل على «هايدبارك كورنز»، بالإضافة إلى بيت فخم فى منطقة «ماى فير» الراقية، كما أكدت مصادر أمريكية شراءه قصر «الين بيدل شيبمان» فى مدينة نيويورك بمبلغ 35 مليون دولار.

كما يمتلك طبقًا لتصريحات حملة «فوربز» ثانى أجمل يخت فى العالم، وثامن أكبر يخت على الإطلاق، أطلق عليه اسم «المرقاب» ويضم 10 أجنحة فاخرة، وسينما وحمام سباحة كبيراً، ومهبطاً للطائرات.

ومؤخرًا أزال كتاب «قطر خزينة الأسرار» للمؤلفين الفرنسيين «جورج مالبرونو» و«لاسيتان شينو» الكثير من الأسرار عن دور بن جاسم ونفوذه الاقتصادى والسياسى الكبير فى قطر، حيث يرأس شركة الخطوط الجوية القطرية، وبنك قطر الدولى، ومؤسسة قطر القابضة وهى المسئولة عن الاستثمارات القطرية فى الخارج، كما يتولى منصب رئيس هيئة الاستثمارات القطرية.

وأشار الكتاب إلى أنه يملك فندقى «الفورسيزون» و«ويست باى» فى الدوحة، وفندق «راديون» و«تشرشل» فى لندن.

كما كشف الكتاب عن تورطه فى عمولات أسلحة مشبوهة عن طريق إحدى الشركات التى تدير ثلاثة من حساباته بجزيرة «جيرسى» التابعة لجزر الأفشور، منها تلقى 200 مليون جنيه استرلينى، مقابل عقود وقعتها قطر لشراء طائرة «هاوك» البريطانية.

ويقول المؤلفان فى كتابهما أن حمد بن جاسم «انتبه مبكراً لقوة ونفوذ المال على الناس، وهو يرى أن كل شىء وكل شخص يمكن شراؤه بالمال، بشرط أن تضع له الثمن المناسب».

وما لم يدركه المؤلفان فى قيمنا ومنطقتنا العربية أن الشرف والأصالة والاحترام لا تشترى بمليارات الدولارات أو الاسترلينى، وأن النفوذ والتأثير تصنعه الجغرافيا والتاريخ ودماء الشهداء فى ملاحم ومعارك العرب عبر قرون طويلة، لا تكتسبه دويلة أو إمارة صغيرة، منحتها ظروف طارئة ومستعمر غاصب، وجوداً لا قيمة له فى أطلسنا العربى.