رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يوميات صغار العمال

بوابة الوفد الإلكترونية

3 ملايين صبى يعملون دون حماية قانونية ومجتمعية

يقضون 10 ساعات يومياً خلف الماكينات والأجر اليومى وجبة غداء

«الواد بلية» يعول أسرة من 6 أفراد

«عادل» يبيع المناديل للإنفاق على جدته

 

مضى عيد العمال ولم يفرح أحد، ولم يشعر عمال مصر أن هناك أملاً قريباً وخطة عاجلة وسريعة لحل مشاكلهم.. وإذا كان هذا حال نحو 25 مليون عامل مصرى يضربهم الفقر والغلاء والمرض، هناك أيضاً 3 ملايين عامل صغير، يذوقون الأمرين في الورش والمصانع والمزارع والشوارع، ولا يسأل فيهم أحد، ويمر عام وراء آخر، وهم محلك سر، يشقون ويوبَّخون وتوجه إليهم اللعنات واللكمات وهم راضون حتى بأجرهم الضئيل الذى ربما لا يتجاوز فى كثير من الأحيان ثمن وجبة غداء.

«الوفد» ترصد أحوال هؤلاء العمال الصغار أو الذين يطلق على كل منهم «الواد بلية» وتذكير أجهزة الدولة بهم فلعل وعسى تجد لهم حلاً وتوفر لهم ظروفاً معيشية أفضل تمكنهم من الإنفاق على من كتب القدر أن يكونوا مسئولين عنهم.

هنا محاولة لمعايدة هؤلاء العمال الصغار بطريقة أخرى، نرصد من خلالها معاناتهم والمسئولية الجسيمة التى يحملونها فوق أكتافهم وهم ما زالوا فى سن مبكرة، كان من الأولى أن يقضوها بطريقة سوية، مثل كل الأطفال.

ومهما كانت معاناة عمالنا الكبار، فهى لا تساوى شيئاً أمام معاناة «الواد بلية» الذى يعمل فى إحدى ورش الصيانة لأكثر من 12 ساعة ليعول أسرة مكونة من 6 أفراد، خطف القدر عائلها الأول وترك المسئولية فى رقبة «بلية» الذى شاب قبل الأوان.

هذا «عادل» بائع المناديل ذو الـ7 سنوات خرج من منزله للشارع متجولاً بين إشارات المرور طامعاً فى الحصول على تنبيهات قليلة يشترى بهم «عيش وطعمية» لجدته المريضة التى كانت تعوله بعد وفاة والدته وسجن أبيه وموته فى السجن بعد مرضه.

«كان نفسى أبقى مهندس».. هكذا يتحدث: أقف فى الشارع 10 ساعات يوميا لبيع المناديل وآخر النهار أحصل على جنيهات قليلة لا تكفى دواء الجدة ولا العيش والطعمية.

ومن «عادل» إلى «يوسف».. المعاناة واحدة إذ اضطرته ظروف فصل والده من العمل ومساعدته فى مصاريف إخوته للتحول إلى نموذج «بلية» فى ورشة ميكانيكى التى يكابد فيها كل أنواع العذاب والقهر، فـ«الأسطى» قلبه قاس و«مش عايز يعلمنى حاجة ودايماً يشتمنى ويضربنى أمام الزبائن».. مؤكداً أنه لولا شقيقاته البنات لتمنى الموت أو على الأقل انتحر.

وأضاف: «تركت المدرسة لأن أهلى ناس غلابة مش قادرين على مصاريفنا فقررت أن أترك المدرسة لتعليم شقيقاتى».

وفى جولتنا أيضاً التقينا أحمد، طفل فى التاسعة فى عمره تمكن من الالتحاق بمدرسة حكومية يذهب إليها فى الصباح، وبعد الظهر يضطر لجمع القمامة من المنزل متخفياً حتى لا يراه أحد زملائه أو يتعرف عليه أحد ذويهم.

وأضاف: «كله يهون حتى أصبح مهندس أو دكتور.. طموحى أكبر من أى إهانة اذا ما اكتشف أمرى وسرى وعملى زبال.. وأهون من تركى المدرسة نهائياً وأظل لنهاية العمل زبال أو حرامى أو متسول أو حتى بائع مخدرات وفى الآخر السجن يكون مصيرى والعار لأسرتى.. وعموماً أمى قالت إن مفيش حلاوة من غير نار».

ويستطرد أحمد كلامه موضحاً أنه منزعج دائماً من عدم مقدرته على شراء أدوات تعينه على جمع القمامة وتحميه من إصابات ومخاطر قد يتعرض لها بسبب الجروح أو العدوى التى قد يأخذها من الزبالة.. لكن المهم الجنيهات القليلة التى قد يحظى بها طوال الشهر وتمكنه من توفير مصاريف الدراسة وبعض التزامات أسرته.

ومن النماذج التى سعت إلينا خلال جولتنا شاب تعدى الثلاثين من عمره.. اقترب قائلاً: «أنا من عائلة ميسورة الحال نسبياً وعندما كنت طفلاً فى ابتدائى قررت من نفسى أنزل إلى ورشة خراطة أتعلم صنعة تساعدنى على استكمال دراستى ورغبتى فى تعلم بعض اللغات الأجنبية لأن مسئولية 7 أشقاء لى ستكون صعبة بمرور الوقت على والدى الموظف خصوصاً بعد خروجه للمعاش، وعملت فى ورشة الخراطة طوال الصيف وساعات من النهار أثناء الدراسة، إلى أن التحقت بكلية الآثار، وبعد تجنيدى ضابط احتياط عملت بأحد المتاحف برتبتى وشهادتي وكنت حصلت على شهادات بأكثر من لغة أجنبية بالجامعة من تحويشة عمرى فى عمل الخراطة ثم جاءتنى فرصة للعمل بإحدى المنظمات الدولية فى مصر فتركت عملى بالمتحف وقدمت أوراقى للسفر منحة 5 سنوات بأمريكا».

انعدام الحماية

جولة «الوفد» أكدت تفاقم ظاهرة عمالة الأطفال وعلى تنوعها وأيضاً انعدام الحماية التشريعية للأطفال العاملين فى كل القطاعات.

تلك الحماية التى أوصت منظمة «بلان» الدولية المعنية بحقوق الطفل فى مصر بضرورة توسيع تلك الحماية التشريعية لتشمل القطاعات الأكبر فى عمالة الأطفال، وذلك كمرحلة لتوفير حماية تأمينية لهؤلاء الأطفال والحد منها لحين الوصول إلى الهدف الاستراتيجى وهو القضاء على عمالة الأطفال بكافة صورها فضلاً عن

خلق آليات فعالة لرصد الظاهرة والوقوف على حجمها الحقيقى وتفعيل دور المنظمات المدنية كشريك أساسى فى عملية الرعاية على المؤسسات التى يعمل بها أطفال.

وأشارت المنظمة إلى أهمية الاستماع إلى الأطفال العاملين وإشراكهم عند التخطيط للحد من الظاهرة ورفع وعى المجتمع تجاه مخاطر عمل الأطفال وتأثيرها على نمو الطفل، كذلك ضرورة إقرار حقه فى التمتع بكافة صلاحيات وحقوق العضوية النقابية، وتوسيع المظلة التأمينية لتشمل جميع الأطفال العاملين دون التقيد بالسن، وذلك فضلاً عن تطوير العملية التعليمية للحد من ظاهرة التسرب التى تمثل أحد الأسباب الرئيسية وراء نمو ظاهرة عمالة الأطفال فى مصر والتوسع فى التعليم المهنى وربطه بسوق العمل.

ويضاف لكل ذلك إشارة المنظمة إلى أن الفقر فى مصر يعد أحد الأسباب الرئيسية وراء عمالة الطفل ونسبة أكثر من 70٪ لمساعدة الأسر مادياً، فضلاً عن سوء جودة التعليم والعنف فى المدارس وقلة الوعى والاهتمام المتدنى من جانب الأسر بالتعليم ما يستلزم تضافر الجهود بين الدولة والمؤسسات من أجل إيجاد حلول بديلة لعمل الأطفال أو وجود برامج من شأنها توفير بدائل لوقف عمل الأطفال وضمان حصولهم على حقهم فى الصحة والتعليم وكذلك إتاحة الفرصة لأسرهم للحصول على دخول مناسبة والتمتع بالأمن الاقتصادى والاجتماعى الثقافى.

لكن المردود الاجتماعى والثقافى من العملية التعليمية فى مصر «زى قلته» وغير مجدٍ بالمرة ولا يزال بحسب رؤية وكلام الدكتورة ابتهال رشاد مستشار التنمية البشرية وحقوق الإنسان، التى تؤكد أن الوضع السيئ الاقتصادى سيبقى كلمة السر فى استمرار عمالة الأطفال وأن ارتفاع نسب الفقر وعدم إدراك الناس بأى مردود اجتماعى أو ثقافى من العملية التعليمية وراء انعدام القيمة أو الأهمية لتعليم الأطفال ومن ثم سيخرج نسبة كبيرة من الأطفال إلى سوق العمل وخاصة مع الفقر وعدم إيجاد فرص عمل للآباء وغلاء المعيشة وهو ما دفع الأسر أنفسهم الزج بأبنائهم للعمل والمساعدة فى نفقات الحياة الضرورية.. والعمل لساعات طويلة وبأجور زهيدة.. بل وانتهاك لبراءة أطفال يكرهون الحياة منذ نعومة أظافرهم يتحولون إلى قنابل موقوتة ضد المجتمع ككل!

 

حقائق * أرقام

 

1989، هو العام الذى أقرت فيه الأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل بقبول عالمى وبتصديق 193 دولة، من بينها مصر.

المادة 19 تنص على أن تتخذ الدول الموقعة جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من جميع أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية أو الإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال أو إساءة المعاملة أو الاستغلال.

< 3="" ملايين="" طفل="" مصرى="" تنتهك="" براءتهم="" فى="" أسواق="" العمل..="" حقيقة="" رغم="" تباين="" الإحصاءات="" ويتراوح="" متوسط="" ساعات="" عملهم="" 9="">

< 60٪="" من="" أطفال="" العشوائيات="" محرومون="" من="" أبسط="" متطلبات="">

< 26.4٪="" نسبة="" الأطفال="" الفقراء="" بما="" يعادل="" 12.3٪="" فى="" الحضر،="" و36.3٪="" فى="" الريف="" وفقاً="" لبيانات="" التعبئة="">

< 9٪="" نسبة="" الأطفال="" المساهمين="" فى="" سوق="" العمل،="" و1121="" طفلاً="" منتهكاً="" فى="" 182="" قضية="" خلال="" شهر="" مارس="" 2017="" بحسب="" التقرير="" الشهرى="" التحليلى="" للمؤسسة="" المصرية="" للنهوض="" بأوضاع="">

< 12="" مليون="" دولار،="" دخلت="" مراكز="" طفولة="" فى="" عام="" واحد="" بحسب="" تصريح="" نشر="" للواء="" فاروق="" المقرحى،="" مساعد="" وزير="" الداخلية="" الأسبق="" للأموال="">