عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شجرة الدر.. سلطانة قلبت موازين الدولة الأيوبية

بوابة الوفد الإلكترونية

بين شوارع القاهرة الفاطمية العتيقة التى يفوح منها عبق التاريخ وتزين أسماء شوارعها بشخصيات عظام فى قلب شارع الصليبة بحى الخليفة، شيدت قبة بيضاء تزينها المقرنصات والنوافذ الصماء تغفو بداخلها درة النساء ام الخليل شجر الدر زوجة السلطان الصالح نجم الدين أيوب .

فى هذه القبة العتيقة التى مر على بنائها سبعمائة وثمانية وستون عاماً وارى التراب ثرى سلطانة مصر "شجرة الدر" فى ضريح هى من أمرت بإنشائه سنه 1250 ميلادياً لكي تدفن فيه بعد موتها فبرغم صغر حجمه لكنه من أجمل الأضرحة التى شيدت فى العصر الأيوبى، فالضريح يبلغ طول ضلعة سبعة أمتار من الداخل يتوسط كل ضلع من أضلاعة الأربعة حنية مستطيلة من الجص عرضها 205 سم، حيث يوجد به محراب فريد فى بنائة ويعد أول محراب فى مبانى القاهرة الدينية الذى زخرف بالفسيفساء المذهبة، وتتكون الفسيفساء من شريط مضفور يحيط بنصف قبة المحراب وفى الوسط شجرة ذات فروع متشعبة على أرضية مذهبة وثمار الشجرة ممثلة بالصدف.

تزوجت شجر الدر من السلطان الصالح نجم الدين ايوب بن الكامل، أفضت السلطنة له بمصر سنة 637 هجرياً فأكثر من إقتناء المماليك الأتراك وبنى لهم قلعة فى جزيرة الروضة كما جعلها المركز الرئيسى لملكة نقل إليها أهلة وحاشيتة فضلا عن مماليكة بدلا من قلعة الجبل.

 وفى أيامه حمل الصليبيون على مصر بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا والملك الصالح مريض فأمر بالتجنيد استعدادًا للحرب لكن الصليبيين ظفروا بدمياط.

 وتوفى الملك الصالح على إثر ذلك وحرصاً على بقاء خبر الوفاه مكتوماً أعلنت شجر الدر أن السلطان مريض لا يزوروه أحد سوى أطبائه كما أحاطت الأمير حسام نائب السلطنة بالقاهرة بهذا الإعلان بمرسوم وأستخدمت لهذا الغرض وغيرة من شئون الحكم أوراق مراسيم بيضاء قيل إن السلطان وضع عليها علامتة قبل وفاته كما قيل إن خادما اسمه (صواب السهيلى) كان يتقن كتابة العلامة السلطانية إتقاناً جاز على كثير من الذين وصلتهم هذه المراسيم وبموجب هذه السلطات الواسعة استحضرت شجر الدر أمراء الجيش وزعماء المماليك إلى القصر السلطانى بالمنصورة .

وأدعت عليهم مرض السلطان ورغبته فى تحليف الأمراء له ولابنه تورنشاه بعده ثم أرسلت شجر الدر مرسوما إلى القاهرة لشرح ما تم من تحليف أمراء الجيش وزعماء المماليك.

 وقام نائب السلطنة بالقاهرة بإعلان أكابر الدولة وأجنادها على ما وقع عليه بالمنصورة وأمر الخطباء بالدعاء للأمير تورنشاه بالمساجد فى خطبة الجمعة بعد أبيه.

ويبدو أن شجر الدر أختارت هذه المناسبة لتعيين الأمير "أيبك التركمانى" وهو أكبر مماليك السلطان الصالح مرتبة وأعظمهم خطوه عند" شجر الدر" نفسها للمشاركة فى تدبير أمور الحكم وأرسلت زعيما مملوكياً ثانياًهو" فارس الدين أقطاى" للسفر فى طلب الأمير "تورنشاه "من حصن كيفا وترتب على هذه التعيينات الجديدة إسناد القيادة إلى ثالث أمرائها فى الأقدمية وهو الأمير" ركن الدين بيبرس البندقدارى" .

وبذلك أنقذت البلاد  من كارثة كانت على وشك التردى فيما إذا لو علم الجيش والشعب بموت السلطان أثناء قتال الصليبيين، لخارت عزيمتهم وأنقلب الإنتصار إلى هزيمة فعاد المصريون لمحاربة الصليبيين ففازوا وردوا الصليبيين على أعقابهم بعد معارك حامية وأسروا الملك لويس التاسع وكثيرا من ضباطة وكبار جندة بدار بن لقمان بالمنصورة .

ووقع الخلاف بعد ذلك بين رجال الملك "غياث الدين تورنشاه" ومماليك أبيه الصالح فثار عليه هؤلاء المماليك فخاف منهم وحاول

الفرار لكنة لم ينجح فقتلوه شر قتله قرب بلده فارسكور وقد كان لشخصية شجر الدر أثرها العظيم عند المماليك فلما مات" تورنشاه " أجمعوا بمبايعتها على أعتبار أنها أم الأمير خليل ابنها من السلطان الصالح نجم الدين برغم موته فى طفولته.

 خطب لها بالسلطنة بالقاهرة ومصر وسائر الديار المصرية ونقش لقبها على النقود مصحوبا بإسم الخليفة العباسى المستعصم بالله ولم تنقش شجر الدر اسمها صراحة على الدنانير الذهبية والدراهم الفضية التى ضربتها .

غضب الخليفة العباسى شديداً عندما بلغه تولى شجر الدر سلطنة مصر وأرسل إلى أمراء مصر وقوادها رسولا يحمل رساله جاء فيها "من أبى أحمد عبدالله المستعصم بالله أمير المؤمنيين إلى أمراء الجند والوزراء فى مصر السلام عليكم وبعد فقد بلغنا أنكم وليتم أمركم شجر الدر جارية المرحوم الملك الصالح وقلدتموها أمور الدولة وجعلتموها سلطانه عليكم فإذا لم يكن عندكم رجال يصلحون للسلطنة فأخبرونا نرسل إليكم من يصلح لها " .

لكن الواقع أن الخليفة لم يبعث هذه الرساله بوازع من ضميره أو بدافع دينى بل تنفيذا لرغبة قيمة قصر تسائة فى بغداد التى أرادت أن تلبى رغبة ورجاء صديقتها المصرية سلافة قيمة قصر السلطان الملك الصالح نجم الدين وأكبر منافسة لشجر الدر فى حياه السلطان فكيف بها وقد أصبحت مرؤسة لها بعد أن أضحت سلطانه للمسلمين وكان حرباً بالخليفة العباسى أن يراعى مصلحة الإسلام والمسلمين ويقدر لتلك المرأة الفذه التى أستطاعت ان تحول هزيمة المسلمين إلى نصر مؤزر فى وقت كانت فيه الدولة الأيوبية تحتضر وبذلك حفظت للعروبة والإسلام عزتة وكرامته.

لكن من المؤسف ان نذكر نهاية سلطانة مصر التى دونها ما كان حقق الجيش المصرى أنتصاراً على الصليبيين حيث سجنت فى البرج الأحمر بالقلعة بعدما قتلت زوجها "المعز أيبك" سنة 1257ميلادياً فبعد أن قبض عليها مماليك المعز وحاولوا قتلها حماها مماليك "الصالح نجم الدين أيوب "فنقلت من دار السلطنة إلى البرج الأحمر ومعها بعض جواريها واستطاعت "أم علي" زوجة " ايبك " ان تصل إليها فأمرت جواريها بقتلها ضرباً بالقباقيب على رأسها وألقوا بها من فوق سور القلعة ولم تدفن إلا بعد عدة ايام بالضريح الذى انشأته بشارع الصليبة بحى الخليفة.