بالصور.. الوفد تعيش 7 أيام بأحد أفراح النوبة لرصد أهم العادات والتقاليد

كتب- محمود عبد المنعم / تصوير دينا الباسوسي:

"حمد الله على السلامة نورت النوبة" بهذه الكلمات التي تحمل كل الحب والود والاحترام يستقبل أهالي نصر النوبة، ذويهم وأقاربهم الذين أتوا من كل فج عميق من محافظات مصر لزيارتهم، وهذا الكرم ليس بغريب على أهل النوبة لأنها تتمتع بتاريخ ثقافي وحضاري يمتد لمئات السنين ويتميز بالعراقة والثراء، ولها خصوصية تميزها عن غيرها من باقي محافظات مصر، خاصة في إقامة الأفراح حيث تتنوع أشكال التجهيزات وتختلف بين الخطوبة والحِنَّة و عقد القران، والدخلة، ولكن تشترك جميعها في الارتباط ببيئة القرى النوبية.

 

موسم الأفراح

في عيد الأضحى المبارك من كل عام يحرص العديد من أهالي النوبة على إقامة الأفراح والخطوبة وعقد القران، لذا حرصت "بوابة الوفد" على التواجد داخل مركز نصر النوبة بمحافظة اسوان لرصد أحد الأفراح النوبية والذي استمر لمدة 7 أيام تم خلالها تقديم العادات والتقاليد المتعارف عليها دأخل النوبة والتي يحرص فيها العروسان على اتباعها بنفس الشكل الذي كان يقوم بها أجدادهم للحفاظ على هذا التراث الأصيل.

 

الحنة

أضواء ودفوف وجرجار ورجال وشباب وأطفال يصطفون صفًا واحدًا جنبًا إلى جنب، ليقدموا رقصة "الأراجيد" ثم يأتي شاب أسمر اللون يرتدي جلبابا أبيض يحمل في يده عصا صغيرة ويردد والجميع خلفه قائلاً: "مالو القمر.. أنا لي أيام.. ما شوفتوا ظهر بتطوف بخيالي وتغني عليها ما خطر في بالي في يوم تطويها.. مع إنه رؤاك على قلبي أسر"، وتعد هذه أشهر أغاني الحنة داخل النوبة.

 

عدد كبير من الصواني

وتتميز حنة العروس بطقوس خاص تتمثل في ذهاب العروسة إلى الحنانة ويستغرق رسم ونقش الحنة من 5 إلى 10 ساعات ثم يتم توزيع الطعام والذي يتكون الأرز والعيش الشمسي واللحم والخضار على جميع جيران العروس في منازلهم حيث يحمل الشباب عدد كبير من الصواني بداخلها الطعام ويذهبون إلى جميع منازل القرية ويقدم الجيران التهنئة للأهل العروسة.

 

حتى شروق الشمس

وفي نفس يوم حنة العروس تكون حنة العريس ولكن كل في قريته ويحدث ما حدث في حنة العروس بنفس الشكل، حيث يذهب أقارب واصدقاء العريس من الشباب ويضعون على قدميه ويده الحنة ثم يقوم أهل العريس بتوزيع الطعام على الجيران وسط وصلات من الرقص النوبي المميز والذي يقدمه الفرقة النوبية في أغلب الأحيان ويظل الاحتفال عند العريس والعروس حتى شروق الشمس.

 

عقد القران

يحرص أهل العريس والعروس في النوبة على توزيع الفشار وعصير البرتقال بعد عقد القران بالمسجد، والذي يكون عقب صلاة العصر ثم الاحتفال بالرقص والأغاني النوبية وسط حضور كثيف من الأهل والأقارب والجيران حتى الساعات الأولى من الفجر. 

 

الشاي النوبي

وبعد الانتهاء من عقد القران يظل الاحتفال قائما حتى شروق الشمس ويُعد الشاي النوبي بالبان هو المشروب الرسمي بعد كتب الكتاب حيث يتم وضع كميات كبيرة من الشاي النوبي واللبان والبسكويتات أمام جميع الحضور حتى الانتهاء من الاحتفال.

 

ليلة الفرح

وعند شروق الشمس يذهب أهل العروس والعريس في سرادق الفرح ويتم ذبح عجل كبير الحجم ويتم وضع دم العجل بعد النحر علي جلباب العريس ثم تأتي العروس وهي ترتدي جلبابا نوبيا مميزا الشكل واللون ويصافح الحضور ثم يتم تقديم

الغداء للحضور وهي عبارة عن فتة وتقدم في المضيفة ثم تذهب العروس إلى الكوافير لوضع اللمسات الأخيرة قبل الفرح.

وكذلك العريس يذهب للاستعداد ثم يأتي ويصطحب العروس من الكوافير وبصحبة فرقة نوبية ورقصات نوبية حيث يصطف أصحاب العريس على الجانبين ويحملون في ايديهم لافتات مكتوب عليها اسم العريس و اسم القرية بشكل مبهج ثم تقوم الاطفال بحمل الورد حتي يتم دخول العروسين إلى قاعة الفرح.

 

العادات والتقاليد 

من جانبه يقول العريس إنه حرص أن يكون زفافا نوبيا وبالفعل حدث ذلك وتم ممارسة كافة العادات والتقاليد النوبية التي تربينا عليها، مشيرا إلى أن هذا يساهم بشكل كبير في الحفاظ على التراث النوبي الأصيل.

وأضاف أن اسم الزفاف "بالجيرتق" باللغة النوبية حيث يضع الحلي المناسبة ويلبس في اليد اليمنى سوارا فضيا وخرزة زرقاء أو خضراء تسمي "الجيرتق" ويضع في إصبع يده اليمنى خاتمه الفضة عليه جوهرة حمراء كبيرة وحول رقبته قلائد مكونة من الخرز الأسود والأبيض وخرزة من الذهب.

وتقول العروس إنها دعمت زوجها من أجل أن يكون الزفاف نوبيا، مشيرة إلى أن الفرح استمر أسبوعا كاملا، كما كان يحدث أفراح النوبة في الماضي، خاصة أن كل مجتمع له ثقافته الخاصة به ونحن كنوبيين لنا ثقافتنا الخاصة أيضاً، قائلة: "الفرح النوبي هو الوحيد على مستوى العالم الذي تغنى فيه أغانٍ وطنية بسبب عشق النوبيين لمصر".

 

يركب جملا ويخرج

ويلتقط أطراف الحديث والد العروس الحاج خالد قائلا: "نحرص على إقامة جميع المناسبات بشكل النوبي القديم للحفاظ على هذه العادات والتقاليد بين الأجيال القادمة، وفي الزفاف النوبي القديم كان كان العريس يركب جملا ويخرج في موكب مع حارسه الذي يلازمه طوال فترة الزفاف ومعه عدد من أصدقائه قبل يوم الزفاف من أجل دعوة أهل القرية والنجوع المجاورة لحضور الفرح وبدلا من موكب الجمل يستعان الآن بالسيارات التي تجوب القرى لدعوة الأقارب و المعارف و الجيران".

وأضاف قائلا:" الحمد لله .. زوّجت أبنائى الثلاثة وكانت الأفراح نوبية، وفرح بسمة وحمادة ولادي هيكون نوبي بردو، وذلك للحفاظ على العادات والتقاليد النوبية بين الأجيال القادمة".