بـ«أسواق مصر».. القاهرة تنفذ نفسها من الباعة الجائلين

كتب - مصطفى سلامة:

انتشرت فى الشوارع المصرية فى غالبية المحافظات منذ فترة ليس ببعيدة ظاهرة الباعة الجائلين والأسواق العشوائية.

 

وبعد أن كانت الأسواق هى المتنفس الطبيعى لحركة البيع والشراء وتداول السلع، وتقدم خدمة لجمهور المستهلكين لشراء احتياجاتهم، إلا أنه فى الآونة الأخيرة انتشرت الأسواق العشوائية بالشوارع والميادين ومحطات السكك الحديدية بكل محافظات الجمهورية.

 

والأسواق العشوائية تؤثر بشكل كبير على الحركة المرورية من خلال إشغال هؤلاء الباعة الجائلين للطرق بالشكل الذى بات فيه من الصعب فى بعض المناطق مرور الأشخاص بسياراتهم بل وفى بعض الأحيان تُغلق بعض الطرق ولا يمكن المرور فيها بسبب هؤلاء الباعة.

 

وبالرغم من تفاقم أزمة الباعة الجائلين بشكل خطير، الأمر الذى جعل الكثيرون يصفون الأمر وكأنها قنبلة موقوتة حتمًا ما ستنفجر فى قلب العاصمة إذا ما لم الحكومة حلاً سريعًا، إلا أن حلول هذه المشكلة لا تلقى مردوداً لعدم توفير الدولة العمل المناسب لهؤلاء الباعة، أو توفير الأماكن البديلة لاستخدامها كأسواق لعرض بضائعهم، وعلى جانب آخر يرى المسئولين بالإدارة المحلية أن هؤلاء الباعة الجائلين غير مرخص لهم بمزاولة التجارة، وأنهم أشخاص مُخالفون لإشغالهم الطرق وتسببهم فى حالة الفوضى المرورية المنتشرة.

 

المهندس عاطف عبد الحميد، محافظ القاهرة، أكد أن المحافظة بدأت فى وضع خطط خارج الصندوق من أجل البحث عن حلول غير تقليدية لاحتواء مشكلة انتشار الباعة الجائلين بالشوارع والميادين.

 

وأوضح عبد الحميد أن المحافظة بدأت فى تطبيق تجربة شارع مصر التى تم تطبيقها فى حى النزهة على تجمعات الباعة الجائلين وذلك بإنشاء أسواق صغيرة سيطلق عليها "أسواق مصر"، وكانت البداية بإنشاء 3 مواقع بأحياء النزهة وعين شمس وشرق مدينة نصر كما يجرى العمل على التوسع بها فى عدد من الأحياء الأخرى.

 

وتقوم فكرة "سوق مصر" على إعداد مساحة أرض فضاء قريبة من أماكن تجمعات الباعة الجائلين وتسويرها وتزويدها بدورة مياه وممرات للمشاة وتقسيمها إلى وحدات صغيرة بدون مبان يتم فيها تسكين الباعة الجائلين بمختلف الأنشطة مقابل أجر رمزى شهرى.

 

وأوضح خالد أبو ضيف رئيس حى النزهة أن الحى يعد من أوائل الأحياء التى ستطبق التجربة الجديدة حيث تم إنشاء السوق الجديدة التى ستضم الباعة الجائلين بالحى بجوار محطة جراج هيئة النقل العام بشارع جسر السويس وهى قريبة من مكان وجود الباعة وكذلك الزبائن موضحا أن السوق الجديدة يتم تسكين الباعة فيها حاليا تمهيدا لبدء العمل فيها نهاية الشهر الحالى، مشددًا على أنه لن يسمح إطلاقًا بوجود أى بائع خارج السوق وتطبيق القانون بمنتهى الحزم على من يخالف ذلك.

 

أعلنت النائبة هالة أبو السعد، رئيسة الهيئة البرلمانية لحزب المحافظين، عن انتهائها من مشروع قانون تنظيم أعمال الباعة الجائلين، وستتقدم به فى أول جلسة برلمانية، مضيفة أنها تتقدم بهذا القانون لأن الحكومة لم تهتم فى يوم من الأيام بالفئات المهمشة سواء كانوا من المناطق

العشوائية أو من يمارسون عملا حرا يستطيعون من خلاله توفير قوت يومهم.

 

وأوضحت أبو السعد أن الحكومات السابقة، كانت تهتم برجال الأعمال، وتشرع لهم القوانين بل وتغير في القوانين الموجودة لكى تتلاءم مع طلباتهم، أما الفقراء والمهمشون ومنهم الباعة الجائلون وهم حوالي 6 ملايين مواطن فلا يهتم أحد بأوضاعهم واستقرارهم، رغم أنهم مواطنون لهم حقوق، وأهم حق لهم هو حق البيع والترخيص.

وأوضحت أن انخفاض مستوى المعيشة وارتفاع معدلات الفقر فى مصر، جعل الفقراء يمثلون حوالى 48% من السكان، لافتة إلى أن وجود الباعة الجائلين أمر مهم وضرورى فى توفير السلع أو بعض الخدمات لفئات عريضة من الشعب حيث تقل تكلفة ما يتم بيعه من السلع أو الخدمات لتتماشى مع إمكانيات الطبقات الفقيرة.

وأشارت إلى أن فرص الانحراف والاتجاه إلى التطرف والإرهاب أو تجارة المخدرات والممنوعات والبلطجة ستزداد إذا لم تتبع الدولة مجموعة من السياسات لتقنين أوضاعهم مما يحمى المجتمع من المخاطر.

 

وأضافت أن الدستور كفل حقوق المواطنين فى السكن والعمل، وهذا يستدعى وجود مجموعة من السياسات تعطى الباعة الجائلين حقهم فى العمل.

 

قال المهندس إبراهيم العربى، رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة، إنه تم الانتهاء من الدراسة الخاصة بتقنين أوضاع الباعة الجائلين بالتعاون مع محافظة القاهرة، التى رصدت مبالغ مالية لعمل أسواق متخصصة لاحتواء الباعة.

 

وأوضح العربى أن الاجتماع جاء لوضع حلول ومقترحات لكل القضايا المشتركة، وتقنين أوضاع الباعة الجائلين وتسكينهم فى أسواق خاصة لممارسة أنشطتهم بطريقة شرعية، لافتا إلى أن هناك تعاون مثمر بين الغرفة والمحافظة.

 

وكشف أن الدراسة تضمنت إنشاء أسواق متخصصة وعمل قروض ميسرة للباعة الجائلين من البنك المتحد، لتنفيذ التجهيزات اللازمة وشراء الموتوسيكلات الخاصة والعربات، فضلا عن إجراءات من جانب الغرفة لتعديل اللائحة الخاصة بانضمام الباعة إلى الغرفة التجارية للقاهرة بشروط ميسرة، فى إطار الدور الاجتماعى الذى تقوم به الغرف التجارية فى خدمة القضايا الاجتماعية والاقتصاد.