رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأثير حزب الوفد قوي في الحياة السياسية والجريدة قادت هامش الديمقراطية

المستشار محمد خفاجى
المستشار محمد خفاجى

الدراسة عرض وتلخيص: سامية فاروق

تواصل «الوفد» نشر الجزء الثانى من البحث الذى أعده الفقيه الدكتور محمد خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة حول المشاركة الشعبية فى الانتخابات الرئاسية. ويتناول فى هذا الجزء دور الأحزاب السياسية فى تشجيع المواطنين على المشاركة الانتخابية، وتحليل أمراض التنظيمات السياسية ووصف العلاج. كما يتعرض لنقطة مهمة وهى أن الاقتراع ليس مسألة انتخاب فحسب فالشعوب تصنع دولها صياغة للعقد الاجتماعى للأمة. وتتناول الدراسة بالتحليل الفكر الدستورى والسياسى فى ظل الأنظمة الديمقراطية والمتولدة عقب الثورات الماضية لتحديث الدولة. ويكشف المستشار خفاجى فى دراسته أن حزب الوفد التصق بالجماهير قبل ثورة يوليو عام 1952، وتحول إلى حزب مؤثر وفاعل فى الحياة السياسية عندما عاد مرة أخرى فى فبراير 1978 باسم الوفد الجديد.

يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى فى بحثه إن الحديث عن الأحزاب السياسية فى مصر هو الحديث عن الشجن والألم السياسى، فالأحزاب السياسية فى مصر قديمًا كانت تفوق قدرة الأحزاب السياسية حديثًا فى الاتصال بالجماهير وقدرتها فى التأثير عليها، ففى بداية القرن العشرين وتحديدًا قبل ثورة يوليو 1952 كان لها تأثير قوى وفعال فى نفوس الجماهير، ففى ظل ثورة 1919 سادت ثلاثة أحزاب سياسية عام 1922 هى حزب الوفد الذى أعلن عن تكوينه عام 1918 معلنًا عن برنامجه الانتخابى فى 26 أبريل 1922 والحزب الوطنى، وحزب الأحرار الدستوريين، وقد شهدت الحياة الحزبية فى مصر تطورًا إيجابيًا ملتصقًا بالجماهير خاصة حزب الوفد منذ ذلك الحين حتى قيام ثورة 1952 التى كانت تنظر إلى الأحزاب السياسية نظرة الريبة والشك السياسى ووصل الحال بها إلى اتهامها بإفساد الحياة السياسية، وصدر قرار عام 1953 بعد قيام الثورة بحل الأحزاب السياسية ومصادرة أموالها.

ويضيف الفقيه الدكتور محمد خفاجى  أنه تم إعلان إنشاء هيئة التحرير كحزب لثورة يوليو تحت شعار كلنا هيئة التحرير، وتصدعت هذه الهيئة بعد حرب 1956 واُنشيء كيان آخر هو الاتحاد القومى كتنظيم أكثر تماسكًا بعد حصيلة معارك وتحديات وطنية وهو الحزب الذى خاض تجربة الوحدة مع سوريا التى تصادمت مع كثير من القوى الفكرية والسياسية المعلنة والسرية، وراح الاتحاد القومى مع الوحدة مما دعا الرئيس جمال عبد الناصر إلى الدعوة إلى صياغة فكرية جديدة وحزبية استخلصها برؤيته من درس فشل الوحدة التى أرجع سببها إلى الحركة النشطة للرأسمالية خاصة الشركة الخماسية السورية فقرر أن يغير اتجاه الدولة إلى النهج الاشتراكى لحراسة المكتسبات للبسطاء والفقراء التى سميت بالمكاسب الاشتراكية وكانت مقدمة لتأميم الشركات وانشاء القطاع العام واُنشئ بعد ذلك الاتحاد الاشتراكى العربى بظهير فلسفى وهو الميثاق الوطنى لقوى الشعب العامل مبلورًا الحزب فى مفهوم تحالف.

ويشير الدكتور محمد خفاجى إلى أنه بعد حرب 1973 ومن ثمارها ظهرت أطروحة التعددية فاستجاب الرئيس السادات وشكل لجنة لمستقبل العمل الوطنى برئاسة المهندس السيد مرعى التى أوصت بالدخول إلى تجربة المنابر، وللأمانة فإن مصطلح المنابر هو من فكر المفكر العظيم الدكتور جمال العطيفى، ثم تحولت المنابر إلى تنظيمات هى تنظيم مصر الاشتراكى برئاسة السيد ممدوح سالم وتنظيم اليسار ( التجمع ) برئاسة الأستاذ خالد محيى الدين عضو مجلس قيادة ثورة يوليو 1952 أمد الله فى عمره والسيد مصطفى كامل مراد حزب اليمين (الأحرار) الذى أطلق هذا الاسم لانتمائه إلى تنظيم الضباط الأحرار كصف ثانٍ للثورة.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى أنه قد حل محل هيئة التحرير لفشلها الاتحاد القومى ثم فشل بدوره لظروف عديدة وحل محلها الاتحاد الاشتراكى وتم تقسيمه لثلاثة منابر ثم تحولت المنابر إلى التنظيمات، وفى نوفمبر 1976 تحولت إلى أحزاب ثم صدر قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 فى 2 يوليو 1977 ،ثم بدأت لجنة تأسيس الأحزاب برئاسة الدكتور مصطفى خليل برئاسة امين عام الاتحاد الاشتراكى وقتها بالسماح بإنشاء أول قائمة حزب الوفد ونظرًا لعراقة حزب الوفد والتصاقه بالجماهير قبل ثورة يوليو 1952 عاد مرة أخرى للحياة السياسية فى فبراير 1978 ثم اُضيف إليها كلمة الوفد الجديد اعتقادًا من لجنة الأحزاب أن هذا سيجعل الجماهير تنسى التاريخ العريض لحزب الوفد فى التاريخ الوطنى، إلا أنه بفضل دهاء وذكاء الزعيم التاريخى السالف فؤاد سراج الدين باشا ورموز الحزب استطاعوا أن يؤسسوا الوفد الجديد بشكل ديناميكى وفاعل ومؤثر على الساحة لدرجة أنه ضم من الرموز التاريخيين العالم الكبير الدكتور وحيد رأفت وابراهيم باشا فرج وعبد الفتاح باشا حسن ،والأغرب من هذا ضم بين صفوفه القيادية  قديس السياسة المصرية الدكتور محمد حلمى مراد.

ويوضح الدكتور محمد خفاجى أنه فى نهاية 1978 بدأ الرئيس أنور السادات التفكير فى دخول العمل الحزبى وذلك لاعتقاده أن ارتباط الحزب برئيس الوزراء لن يكون بنفس التأثير فى عملية ضبط للأغلبية فى البرلمان فأعلن دخوله الحياة الحزبية بتأسيس الحزب الوطنى الديمقراطى اعتقادًا منه أنه سيكون استنساخًا للحزب الوطنى القديم برئاسة مصطفى كامل، لكن بدأ الحزب الوطنى الديمقراطى أولى ممارساته بخطوة غير ديمقراطية عصفت بمصداقيته لحظة ولادته حينما أصدر الرئيس السادات تعليماته بمنع الكاتب الكبير الاستاذ مصطفى أمين من الكتابة حينما وصف أعضاء الحزب الوطنى بالمهرولين.

ثانيًا : الصحافة الحزبية قديمًا ( الوفد – الأهالى – الأحرار ) أنعشت الحياة السياسية، وقيود الأنظمة السابقة حولت بعض الأحزاب إلى مقر مغمور وجريدة غير مقروءة وأصبحت الاَن عبئًا على النظام الديمقراطى فى مصر:

يقول الدكتور محمد خفاجى فى بحثه إن الصحافة الحزبية الحديثة فى مقدمتها الوفد والأهالى والأحرار أنعشت التجربة الوليدة فى السبعينيات، وإن الصحافة الحزبية حققت انتعاشًا للحياة السياسية وتصديق مصداقية مصر فى هامش الديمقراطية بصدور جريدة الأحرار برئاسة الدكتور صلاح قبضايا ثم جريدة الأهالى التى كان يرأس مجلس إدارتها  الاستاذ خالد محى الدين زعيم الحزب ثم كانت المفاجأة الصحفية الكبرى فى الحياة الحزبية والصحوة الديمقراطية فى صدور جريدة الوفد برئاسة الكاتب الراحل مصطفى شردى وكان يرأس مجلس إدارتها أعظم الساسة فى تلك المرحلة وهو الاستاذ فؤاد سراج الدين، كما أصدر تنظيم مصر الاشتراكى جريدة تولى رئاسة تحريرها الكاتب الراحل وجيه أبو ذكرى.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى أنه فيما عدا ذلك سجل التاريخ أحزابًا هشة قبل ثورة 25 يناير 2011  أنه على الرغم من أن عدد الأحزاب السياسية بلغ ما يقرب من 84 حزبًا سياسيًا قانونيًا إلا أن الواقع المرير كشف النقاب عن أن العديد منها لم يكن يتعدى مقرًا مغمورًا وجريدة غير مقروءة، وذلك بسبب القيود التى كبلت بها الدولة على مدار عدة عقود سابقة النظام الانتخابى وسيطرة الحزب الواحد على مقدرات البلاد، وقد مضت فكرة الحزب الواحد بغير رجعة فى النظام السياسى المصرى خاصة بعد أن أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمًا باتًا بحل الحزب الوطنى الديمقراطى الذى كان يرأسه رئيس البلاد فى ذلك الوقت.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى أن الأحزاب السياسية وصل عددها الاَن إلى ما يقارب 100 مائة حزب أو يزيد، وقد أصبحت بحالتها الراهنة عبئًا على النظام الديمقراطى فى مصر مما يقتضى من كثير من تلك الأحزاب خاصة المعدومة الاتصال بالجماهير، إعادة النظر فى شأنها بدمجها مع أحزاب تتشابه فى أيديولوجيتها السياسية ليقوى ساعدها فى الميدان السياسى.

ثالثًا : عزوف المواطن عن الانضمام للأحزاب السياسية يرجع إلى ايهامه بأن دوره محدود وغير قادر على التغيير:

يقول الدكتور محمد خفاجى فى بحثه إن القضية الأهم الواجب معالجتها هى التعرف على أسباب عزوف المواطنين عن الانتماء للأحزاب السياسية المحرك الأساسى للمشاركة الشعبية خاصة أن عزوف المواطنين لا يرجع لأسباب تخص الجماهير وإنما يرجع أساسًا إلى أن الأحزاب السياسية ذاتها وبفعل يديها وعلى كثرتها أوصلت الناس إلى عدم الثقة بها، يؤكد ذلك ما توصلت إليه استطلاعات الرأى التى تشير إلى ضعف التواصل الجماهيرى بين المواطنين و بين الأحزاب السياسية فى مصر.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى أن عزوف المواطن عن المشاركة في  الانضمام للأحزاب السياسية وما ترتب عليه من ضعف المشاركة الشعبية فى الشأن العام، يرجع فى الأساس إلى إيهامه بأن دوره محدود وغير قادر على التغيير، أيًا كانت الجهة المسئولة عن بث هذا الايهام، وهذه هى نقطة البداية فى اصلاح البيئة السياسية للمواطن المصرى، فيجب أن يقتنع المواطن المصرى بأن الصوت الانتخابى خُلق من أجله وأمانة بين يديه ، وحق دستورى يجب عليه عدم التنازل عنه، بدلًا من اللامبالاة المتمثلة فى عدم المشاركة.

رابعًا : دور الأحزاب فى المشاركة الشعبية للصوت الانتخابى مشروط بالتمسك بالمصالح الوطنية العليا :

يقول الدكتور محمد خفاجى إن هناك العديد من الأسباب بتدنى نسبة المشاركة الشعبية فى الانتخابات، ولعلنا لا نجافى الحقيقة إذا قلنا إن هناك العديد من الأسباب أهمها يرجع إلى ضعف دور الأحزاب السياسية فى الشارع السياسى ، باستثاء الأحزاب التقليدية ذات الطابع التاريخى كحزب الوفد العريق، على الرغم من أهمية الأحزاب فى تفعيل المشاركة الشعبية وتعظيم دورهم فى عملية اختيار القادة السياسيين وواجبهم فى توعية الرأى العام وتثقيفه وضمان مشاركته والتعبير عن رأيه من خلال صوته الانتخابى، ودور الأحزاب  فى هذه التوعية الشعبية مشروط بالحفاظ على الأمن القومى للبلاد والتمسك بالمصالح الوطنية، فتبصر المواطنين بالقضايا المصيرية وترشدهم إلى التعبير السوى عن قضايا الوطن.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى أن الناخبين ليسوا على درجة متكافئة من الذكاء الاجتماعى ودرجات التعليم وأصول المعرفة السياسية ومستوى معيشتهم الاقتصادي  بل هم متباينون فى كل تلك العناصر ؛ فمن ثم هم يحتاجون إلى من يرشدهم للطريق السليم  ويبين لهم العوامل الجاذبة  نحو الاهتمام بشئونهم العامة ومعرفة حقوقهم وواجباتهم تجاه  وطنهم، لذا فهم بحاجة إلى وسيلة تجمع بينهم وتبلور أهدافهم وتعبر

عن آرائهم فى بوتقة طاقة سياسية فاعلة لصالح الوطن.

ويشير الدكتور محمد خفاجى أنه يجب الاعتراف بأن الأحزاب السياسية تواجه العديد من التحديات التى يجب التغلب عليها لتسهيل دورها فى التعبئة الشعبية للمواطنين للمشاركة السياسية، ذلك أننا نرى أن نجاح الأحزاب يعتمد بالدرجة الأولى على وجود بيئة ثقافية تؤمن بحق المواطن فى المشاركة السياسية، وكذلك يتوقف نجاحها على خلق الثقة المتبادلة بين الأحزاب نفسها وبينها وبين غيرها من مكونات المجتمع المصرى، وفوق ذلك بينها وبين الدولة. إذ لا يمكن للأحزاب السياسية أن تمارس دورها فى ظل ثقافة الشك والريبة فى نوايا الآخرين ، حتى يمكننا الوصول لبناء حياة ديمقراطية سليمة.

خامسًا : الأحزاب السياسية مثل أى كائن حى تصيبها أمراض تسمى أمراض التنظيمات السياسية وأخطرها المال السياسى، وظاهرة الأحزاب الخفية أو المتحركة أخطر شيء يواجه العملية السياسية:

يقول الدكتور محمد خفاجى فى بحثه القيم: إن الأحزاب فيما بعد مرحلة الحزب الوطنى تعرضت لموجة المال السياسى الذى تحول بعد ذلك إلى مرض حزبى تسلل إلى البناء التنظيمى فى أحزاب عديدة والتاريخ الذى يوثق ويرصد كان كل شيء عرضة للبيع والشراء حتى الترشيح للمقاعد النيابية والمجالس المحلية، إنه يجب علينا أن نعترف بأن الأحزاب السياسية مثل أى كائن حى تصيبها أمراض تسمى أمراض التنظيمات السياسية وتتعرض للتاَكل والتفكك، ويصيبها أمراض الشيخوخة والسكتة الدماغية التى تفصلها عن المجتمع وتصلب الشرايين الذى يقطع أواصر التواصل الجماهيرى وعدم تجديد الدماء بالاعتماد على نماذج تظل قابعة على رأس التنظيم الحزبى دون الاستجابة لسنة الكون لحركة التبديل والتغيير،  ولعل أخطر شيء يواجه العملية السياسية ظاهرة الأحزاب الخفية أو المتحركة التى تتلون مع كل نظام حاكم رغم أن الأصل الارتكان لمبادئ الحزب، والتى كانت واضحة فى انتخابات قوائم  1984 وقوائم 1987 ولا ريب فى أن الأعداد الكثيرة للأحزاب من أمراض الأحزاب فتقتل الكوادر وتنهار فى لحظة فبعضها أحزاب هشة وهمية لا اتصال لها بالجماهير.

 سادسًا : يجب ألا تخضع الأحزاب للقولبة أو التنميط لتعبر عن الرأى العام، كما يجب أن يكون البناء القاعدى لها من القاع للقمة وليس العكس:

يقول الدكتور محمد خفاجى إنه يجب على  الأحزاب ألا تخضع للقولبة أو التنميط بل يجب عليها أن تتفاعل مع المجتمع لتكون معبرة عن الرأى العام تعبيرًا حقيقيًا، كما يجب أن نركز على البناء القاعدى للأحزاب ويكون سليمًا من القاع للقمة، أما إذا كان من القمة للقاع أصبح تجمعًا حول السلطة أكثر منه حزبًا سياسيًا، كما يجب أيضًا أن نهتم بالبناء التنظيمى للأحزاب وهو يكون كذلك إذا قام على المساواة والديمقراطية التنظيمية، فالمشاركة للجميع والقرار للأغلبية وليس تحكمه الأقلية فحزب بلا تنظيم هو حزب بلا روح.

سابعًا : التجربة الحزبية بعد ثورتين فاشلة لاستعجالها الثمار، ورغبتها فى تناول السيطرة على مقدرات البلاد دون تأهيل والائتلاف بين الأحزاب المتشابهة يمنع الأحزاب الكرتونية التكرارية:

يقول الدكتور محمد خفاجى إنه فى إطار علم الفكر السياسى فإن الاندماج والائتلاف بين الأحزاب المتشابهة فى الفكر والبرامج يكون أفضل من الفرقة والخلاف. ذلك أن وجود عدد كبير من الأحزاب السياسية لا يعنى بالضرورة أن الظاهرة صحية بقدر ما يعكس حالة الضعف والوهن الذى تشهده الساحة الحزبية المصرية. وعلينا أن نفكر فى أن التجربة الحزبية بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيه كانت فاشلة لاستعجالها الثمار، بسبب رغبتها فى تناول السيطرة على الصلاحيات ومقدرات البلاد، دون أن تملك أدوات التأهيل لذلك، ولو أخذ الحزبيون بمبدأ التدرج فى الإصلاح والطموح لنمت تجربتهم وتطورت إلى الأفضل.

ثامنًا : قلة مؤمنة خير من أكثرية معجبة وأحزاب بلا أنياب ديمقراطية بلا نواب، والأحزاب المسيسة خير للبلاد من الأحزاب المستأنسة، والتعددية الحزبية يجب أن تكون تنافسية:

يقول الدكتور محمد خفاجى إنه فى الفكر السياسى الحديث يجب على الأحزاب أن تحمل على كتفيها الديمقراطية، بينما التجربة المصرية أثبتت أن الديمقراطية هى التى حملت الأحزاب على كتفيها والسبب فى ذلك فقدان كثير من الأحزاب مذاقها وعدم تأثيرها على الجماهير  فأصبحت نوعًا من الشكل لا المضمون، والواقع أن الأحزاب اعتمدت على التعددية وأثبتت التجربة أن قلة مؤمنة خير من أكثرية معجبة، لذا يجب أن يكون للأحزاب تواجد وقوة وتأثير فأحزاب بلا أنياب ديمقراطية بلا نواب وبعبارة أخرى فإن الأحزاب المسيسة خير للبلاد من الأحزاب المستأنسة.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى أن التعددية الحزبية يجب أن تكون تنافسية لا محض شكلية، فالمعيار المعول عليه فى نجاح التجربة الحزبية يتمثل في  التعددية التنافسية، فحيث تتواجد التعددية التنافسية نكون أمام نتائج مذهلة، ومثال ذلك  أن كرة القدم أصبحت أكبر صناعة فى العالم اليوم بما تتضمنه تنافسية على أرض الملعب فضلًا عما تتضمنه من رعاية وتسويق واقتصاد جعلها الصناعة الأولى فى العالم وهكذا يجب أن يكون لدى الأحزاب تعددية تنافسية لتتحقق الديمقراطية على أرض الوطن، وحتى تستطيع أن تستخرج طاقة العطاء للمواطن المصرى والتى لم تستطع أن تطرقها حتى الآن.

تاسعًا : الاقتراع ليس مسألة انتخاب فحسب والشعوب تصنع دولها صياغةً للعقد الاجتماعى للأمة:

يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى إن مشاركة المواطنين الذين لهم حق التصويت فى الانتخابات الرئاسية  واجب دستورى  من أجل صيانة استقلال وعزة البلاد، وإدخال اليأس فى نفوس أعداء الوطن وحمايتها من السقوط  فى أيدى الإرهابيين، وأن ذهاب كل أطياف الشعب المصرى إلى صناديق الاقتراع لتقول رأيها فى هذه الانتخابات ستكون ملحمة سياسية يسطرها الشعب المصرى، فالانتخابات عملية سياسية وأيديولوجية ووطنية من الطراز الأول، إنها نموذج راق من العمل السياسى وليست فحسب مسألة انتخاب، فالشعوب تصنع دولها نتيجة لهذه المشاركة، فلا صوت يعلو على صوت الشعب، فهو صاحب القول الفصل، الذى لا يقبل التأويل والتشكيك.

ويشير الدكتور محمد خفاجى إلى أن هذه الانتخابات هى الانتخابات الرئاسية الثانية التى تشهدها مصر بعد ثورة 30  يونيه 2013 بعد أن سجلت نسبة مشاركة شعبية فاقت كل التوقعات. ومهما تكن نتائج الانتخابات الرئاسية القادمة فإن الفائز الأول هو الشعب المصرى، الذى سيكون بذكائه الفطري، الحصن المنيع للوطن أمام كل المخاطر التى تتهدده ومن كل ما يحاط به من فتن، والتى يشهد عليها العديد من دول المنطقة التى انعصرت فى دوامة الفوضى وتشتت شعبها وتشريده بين الدول تحت ذرائع واهية نحو تصدير مفاهيم براقة وهى فى الحقيقة ضد الأوطان.

وغدًا نستعرض الجزء الثالث من هذا البحث المتفرد.