رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إسرائيل تسرق كلاب مصر!

بوابة الوفد الإلكترونية

استوقفتنى الأخبار المنشورة حول تصدير الكلاب البلدية المصرية، وكذلك الحمير لكوريا وللصين. ورغم تأكيد ثم نفي السادة المسئولين فى الهيئة العامة للخدمات البيطرية بوزارة الزراعة للأمر، إلا أنه هذا الموضوع تحديدًا لا ينبغى أن يمر مرور الكرام، ليس فقط بسبب بشاعة المصير الذى ينتظر هذه المخلوقات فى تلك الدول، ولكن بالأساس بسبب بشاعة هذا الفعل من الناحية التاريخية والاقتصادية حين نهمل سلالات يعرف العالم قيمتها بدلًا من المحافظة عليها.

كما فعلنا بحمق وتنازلنا طواعية وأحيانًا بالمجان أو نظير حفنة دولارات عن سلالات وفصائل متميزة من البذور المزروعات والطيور والحيوانات، بينما تتصارع دول العالم لتسجيل ثرواتهم البيئية حرصًا على حقوقهم وللمحافظة اقتصاديًا على تلك الثروات.

الأمثلة كثيرة أمامنا بدءًا من القطن المصرى طويل التيلة والذى استغنينا عنه ومنحنا لأمريكا منذ عقود بذوره وسمحنا بتسريبها إلى دول كثيرة منها مثلاً: الهند التى أصبحت تبيع منتجات القطن المصرى وتحتها مكتوب صنع فى الهند! هذا القطن الذى استبدلنا زراعته بما يقوض أمن مصر الغذائى والزراعى بجرة قلم من يوسف والى الذى عمم زراعات الفراولة والكنتالوب!! بينما فتحت أبواب مصر التى تنبت أرضها–أفضل بذور العالم وأقواها وأصحها جينيًا- لبذور معدلة وراثيًا والتى تنتج محاصيل لا يمكن استنباط بذور منها لضمان احتياج الفلاح المصرى لشراء نفس البذور فى كل زرعة!!

وأذكر هنا كيف صادرت منى سلطات مطار جزيرة ماوى فى «هاواى» صندوقًا صغيرًا يحوى 6 ثمرات من فاكهة الباباى فى طريق عودتى لواشنطن العاصمة أى اننى كنت مسافرة محليًا من ولاية لولاية وعلمت وقتها انه اجراء صارم من سلطات الولاية للمحافظة على هذا النوع من الفاكهة ومنعًا لاستزراعه خارج الولاية للحفاظ على مواردها المالية!!

لقد جددت أخبار بيع الكلب «أبينوس» ليأكله الكوريون، وأذكى حمار فى العالم ليسلخه الصينيون وجع قصة أخرى من القصص المخزية فى تاريخنا كان ضحيتها «أبينوس» والقط «سفنكس» الفرعونى أغلى قط فى العالم الآن! ومعهما الكثير من الحيوانات المصرية الأصيلة والتى سجل أجدادنا الفراعنة ملامحها على جدران معابدهم.

وسأتوقف اليوم عند قصة الكلب البلدى «أبينوس» إله التحنيط والموت وحارس المقبرة الذى يزن القلب والريشة يوم حساب المتوفى منذ أن لازم «ايزيس» فى قصتها، انه الكلب البلدى المصرى والمعروف أصلاً باسم الكلب الفرعونى، والذى قامت إسرائيل بتسجيله دوليًا باعتباره كلب إسرائيل الرسمى وطبعًا سبق هذا تخطيط استغرق عقودًا بدءًا من قيام عصابات الهاجناة الصهيونية بـانشاء وحدة كلاب فى الخمسينيات وكلفت شخصًا يدعى روديفينا مينزل  لتكوين تلك الوحدة وقد تمكن من الحصول على مجموعة كلاب عبر البدو العابرين لسيناء، وهم يعترفون ان الأمر استغرق ستة أشهر للحصول على أول كلب!!  وأطلقوا على هذه الفصيلة اسم «كلب كنعان» والتى ما هى سوى الكلب المصرى البلدى كلب الشوارع عندنا والذى يهان يوميًا فى الشوارع. وطبعا مارست إسرائيل هويتها المعتادة فى تأليف وصناعة تاريخ قاموا بتفصيل تاريخ اسرائيلى للكلب الفرعونى وزعموا انه كان الكلب المقدس لهم من آلاف السنين و طعموا حكايتهم بانه عثر على حفريات لهياكل عظمية فى عسقلان «تشبه» هذا الكلب!!

وطبعا بعد سنوات قليلة سيتم محو كلمة «تشبه» تلك من

السجل الرسمى لهذا التسجيل الكاذب بينما ينام المصريون فى العسل تاركين كنوزهم وآثارهم وحتى ثقافتهم الضاربة فى التاريخ عرضة للنهب! وان كانت إسرائيل المعتادة على سرقة الأرض والتراث وحتى الأكلات بما فيها «الشكشوكة» و«الفلافل المصرية» و«التبولة» و«الحمص» و«المجدرة» الفلسطينية واللبنانية – وكأنه ينقصهم أن يسرقوا الكشرى – إلا أن هناك دولًا أخرى تبذل منذ زمن محاولات مستميتة فى فرنسا وأوروبا للاستيلاء على الفصيلة المصرية الثانية من الكلاب المصرية الأصيلة وأعنى الكلب الأرمنت الأصلى المعروف باسم «سبع الليل» وذلك عن طريق الزعم بأنه مهجن مع الفرعونى الأرمنت إبان حملة نابليون وهذا غير صحيح بالمرة، كما جرى الترويج للأسف لهذه المغالطة فى أوساط مصرية متخصصة اعتمادا على واقعة قيام كونت فرنسى يدعى دو فونتارس كان قد حصل من الخديو إسماعيل على مزارع شاسعة فى مدينة أرمنت وقام باقتناء مجموعة من الكلاب الأرمنت لحراسة هذه الأراضى، وهو الكلب الذى وحتى الآن على الأقل تحميه الطبيعة من تهاوننا ذلك لأن موطنه فى جبال أرمنت بالصعيد! هذا الأرمنت النادر معروف بأنه أشرس وأنبل فصيلة معروفة فى العالم حتى اليوم و معروف بولائه لصاحبه حتى الموت، ناهيك عن كونه تمامًا كالكلب البلدى المصرى الذى سرقته إسرائيل، يخلو من الأمراض الوراثية.

 فهل نستفيق ونسارع بحماية هذه الفصيلة النادرة «الكلب الأرمنتى»، أرقى وأفضل كلاب الحراسة فى العالم، صاحب الشكل الجميل، شديد الذكاء والشراسة!! هل نحمى سبع الليل الذى باتت فصيلته مهددة بالانقراض، كلب مصر الذى سجل ظهوره منذ عهد أحد ملوك أرمنت القدامى «الأناتفة» ونقشت صوره على المعابد إلى جانب خمسة كلاب حراسة، وللمفارقة فإن كلاب أرمنت استمرت للآن وبالسليقة فى التواجد حول معبد تحتمس الثالث بأرمنت وكأنها تحافظ على طقوس الأجداد!

أرجو أن نسارع بحملة منظمة أو انشاء هيئة معنية بـحماية تراثنا الإنسانى وتتولى تسجيل النباتات والحيوانات والأكلات وتصاميم الملابس والمبانى والعمارة وتراثنا الإنسانى، وهو ليس فقط حفاظًا على تاريخنا بل لفرض حماية لثرواتنا الطبيعية التى تقدر اقتصاديًا بمليارات الجنيهات لو أحسن استثمارها بالمحافظة عليها لا بيعها.