رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لماذا يتخلى الأزهر عن سماحته؟

لا أدرى سببًا مُقنِعًا لطلب الأزهر وقف برنامج إسلام بحيرى، على فضائية «القاهرة والناس».. ولا أرى مبررًا فى عدم الرد بالحُجَّة على ما يثيره «إسلام» على مدار أكثر من عامين فى برنامجه.. ولا أقبل للأزهر أن يعتمد الفعل فى مواجهة الفكر.. ولا أرضى أن يتخلى الأزهر عن سماحته وسماحة إمامه الأكبر.. وكان أولى للأزهر أنْ يردَ، لكِنْ نزولَهُ عن منزلته أضاف قيمة لإسلام بحيرى.. وقد تابعت مُعظم آراء «إسلام»، ولم أقتنع إلا بالقليل منها، واختلافى معه فى أكثر آرائه لم يُشجعنى ــ كما فعل بعض الشيوخ ــ على سبِّه واتهامه بالجهل أو الكُفر.. فالشتائم والسباب لا تليق بمُسلم مُتعلم، وليس لى أن أُجَهَّل أحدًا وقد أكونُ أنا الجاهل، وليس لى أنْ أُكفِّر أحدًا ، وليس لأحد أنْ يُكفِّر آخر..

وما يقوله إسلام بحيرى اليوم لا يستحق كل هذه الضَجَّة، فقد قال مثله وأكثر منه وأعمق منه علماء ومفكرون على مدار مئات السنين، ولن يكون «إسلام» آخرهم.. ولو اطلعنا على آراء المفكر الفارسى (الإيرانى) عبد القاهر الجُرجانى، والمفكر التركى محمد فتح الله كولن، والمفكر الباكستانى محمد إقبال، والامام الأفغانى جمال الدين، والامام محمد عبده، نجد أن كلام «إسلام» لا يخرج عنها.. وعلى نهج هؤلاء كان المُفكِّر العراقى فالح مهدى، والفيلسوف المغربى محمد الجابرى، والمفكر السورى تُركى الربيعو، والباحث الجزائرى محمد أركون، والمصريون الدكاترة طه حسين، وزكى نجيب محمود، وحسن حنفى، وغيرهُم.
وقد أذهلنى وأدهشنى أنَّ القيامة لم تَقُم على إسلام بحيرى إلا عندما تناول بالرأى- كباحث- بعض أحاديث ضمها كتاب صحيح البخارى. ووصل بالبعض إلى حد تجهيله وتكفيره، ومِنهُم منْ أهدرَ دمَهُ باسم الدين، وباسم الأزهر المُدافع عن دين الله فى أرض الله.. وكِتابُ صحيح البخارى قد تعرَّض للنقد كثيرًا على مدار مِئات السنين، مِنْ علماءٍ ومتخصصين، ألَّفوا كُتبًا فنَّدَت ما جاء به مِن أحاديث، رأوا أنَّ بعضَها لا يليق أن تُنسب للرسول، ولا يصح أنْ يَضُمَها «الصحيح»..

وقدْ تعرَّض الإمام البخارى نفسه لانتقادات فى عصره؛ لتغاضيه عن آلاف الأحاديث لم يضمها فى كتابه.. وهذا النقد لا يحط أبدًا مِنْ قَدرِهِ، ولا ينتقِص مِن عظمتِه، ولا يُهِن الإسلام، فالاسلام دين أكبر بكثير مِن البخارى وكتابِه الذى أراه يُمثِّل  ثورة «علمية» تحدث عنها بنفسه عندما قال : «صنعتُ الجامعَ مِنْ ستمائة ألفِ حديثٍ، فى ستِ عشرةَ سنة..».. فالرجل قد جمع 600 ألف حديث، اختار مِنها حوالى أربعة آلاف حديث فقط غير مكررة، وضعها فى كتابه، واستبعد أكثر من 595 ألف حديث مما جمع، لم تنطبق عليها معاييره «العلمية» وقتها.. وهو عندما استبعد مئات الآلاف من الأحاديث قد راعى مايُناسِب عصرَه، بعد مرور قرنين على وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم..
وعندما تتصفح الآن كتاب صحيح البخارى قد تصدمك أحاديث وضعها البخارى فى صحيحه قبل ألف عام، وعدم وجودها فى الكتاب اليوم لا ينقصه، ولا يحط من قيمته، ولا يهدم الإسلام.. وإذا اعتبرنا أنَّ أبا عبد الله البخارى شخصٌ غير معصوم، كغيره مِنَ العلماء يُصيب ويخطئ، وكتابه «الصحيح» ليس قرآنًا، وليس مقدسًا، وإذا اعتبرنا أنَّ ماقام به قبل ألف عام هو ثورة «علمية» حقيقية جاءت لنا بكتابه «الصحيح»، فإننا اليوم- وبحق- فى حاجة إلى ثورة «علمية» عصرية تُنَقيه وتوقف هذا اللغط.