لا يعرفون للسنة رأسًا من ذيل
ملايين المصريين قضُّوا ليلة رأس السنة كغيرها من الليالى؛ فهم لا يعرفون للسنة رأسًا من ذيل.. ولا يعرفون شجرة عيد الميلاد، ولا شجرة عيد الموت.. ولا يعرفون بابا نويل ولا بابا عبده.. ولا يميزون بين شماريخ العيد وشماريخ الإخوان.. هؤلاء أكملوا عشاءهم نومًا ككل الليالى،
لم تجمعهم سهرات الأُنس والانسجام والفرح، فحياتهم يقضونها بأى شكل أيامًا متشابهات.. حفلاتهم مجرد «كُباية» شاى فى قعدة أمام التليفزيون، وهم رغم بؤسِهم وتواضع حالهم يُشفقون على الرجل الذى لا يكِل ولا يمِل عن الجرى والتنطيط هنا وهناك، رغم كِبر سِنِّه.. إنه المهندس إبراهيم محلب، رئيس الحكومة، الذى يطوف المحافظات يتفقد المشروعات، ويتمنون لو زارهم فى أماكنهم، لن يطلبوا منه شيئًا، فليس لديهم ثقة فى مسئول، فمِن قَبلِه قال غيره إنهم سيطرون عشوائياتهم ويُحسِّنون أحوالهم، لكن كل الوعود كانت مجرد كلام كاذب.. إنهم يريدون «محلب» يزورهم ليقولوا له «عينى عينك» إنت صعبان علينا، لا تجهد نفسك كثيرًا، ربنا يعينك..
أحد هؤلاء الذين لا يعرفون للسنة رأسًا من ذيل أرسل لى رسالة، لأوصلها للمهندس «محلب».. رسالة أرسل منها نسخة له على مكتبه بشارع مجلس الشعب.. الرسالة فى بدايتها كلمات تُعَبِر عن الإشفاق على شخص رئيس الحكومة، الذى يتحرك ويجرى بما لايُلائِم سِنَّه الكبيرة، وأولى له أن يجلس فى مكتبه ويُرسل الوزراء والمحافظين، لمتابعة الأعمال، ومحاسبتهم إذا قصَّروا، لكن مادام رئيس الحكومة يهوى الجرى و«التنطيط» فلماذا لا يزور منطقة يراها ــ صاحب الرسالة سامى نجيب ــ من المناطق الأولَى بالرعاية؛ لأنها لم تكُن فى الأصل منطقة عشوائية، بل عشوأتها، لكن الحكومة عندما أهملتها، وتركت مسئولى الأحياء يعيثون فيها فسادًا، تحولت إلى عشوائية تُطِلُ على مطار القاهرة الدولى، اسمها تقسيم عمر بن الخطاب.. والتقسيم ــ كما تُوصِفه الرسالة ــ كان زمان تقسيمًا منظمًا، كل مساكنه عمارات مكونة من ستة أدوار فقط، وكل عمارة تترك فراغات من جميع