عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ليست ثورة إلكترونية

لا الفيس بوك،ولا ويكيلكس كانا سببا فى الثورة التونسية. فالثورة انطلقت تعاطفا مع شخص الشاب محمد بوعزيزى الذى أشعل النار فى نفسه احتجاجاً على سوء معاملته من الأمن. ودفعت حالة الشاب الكثيرين للتعاطف معه فاحتجوا وتظاهروا واعتصموا واستشعروا القوة فاستقووا فأرهبوا الحاكم وأرعبوه فصار مذعوراً وفضل الفرار ...

أما الفيس بوك لم يكن إلا مكاناً للفضفضة، ولم يكن محرضاَ على الثورة كما يظن الكثيرون.الفيس بوك نشر أخبار الثورة، تماماً وربما اقل مما نشرته وسائل الإعلام المختلفة، كالفضائيات ومواقع الإنترنت المتاحة .

وما نشره موقع ويكيلكس من مستندات عن وقائع فساد ترعاها أسرة الرئيس المخلوع، لم تكن كشفاً لأسرار لا يعلمها التونسيون ، بل كانت مجرد تحصيل حاصل. فما يعلمه التونسيون عن فساد الأسرة الحاكمة يفوق بكثير ما أعلنه الموقع المختص فى نشر الوثائق السرية. وما  كان يقوم به  المفسدون فى تونس كان يتم على المكشوف وعلى الملأ ودون خوف من اليوم الذى حل عليهم ليصيروا فيه جثثاً ملقاة على قارعة الطريق، أو باحثين عن ملجأ أو جحر يختبئون فيه عن العيون.

والثورة التونسية قام بها بضعة آلاف من التونسيين ، أشعلوها وفى قلب كل منهم كراهية وغضب من الحكام الذين سلبوهم حقوقهم وحقروا من شأنهم . لقد خرج كل واحد منهم وفى عقله سبب خاص يدفعه نحو التظاهر والاحتجاج لأول مرة بلا خوف أو رهبة. كل كان يغنى على ليلاه. وفى النهاية كانت ليلاه هى تونس الدولة التى حكمها مجموعة من الفاسدين المفسدين قرابة ربع قرن من

الزمان. حركهم القهر والكبت، ولم يحركهم ويكيلكس أو الفيس بوك أو تويتر أو أى موقع أو منتدى إلكترونى آخر. التونسيون كانوا مدفوعين بما لاقوه من حرمان من حقوقهم الانسانية.

فقبل  سنتين استقرت صديقتى التونسية فى مصر. أبعدها عمها الذى كان أحد قادة فى الجيش التونسى، طلب منها متوسلاً أن تترك تونس العاصمة وتختار لها بلداً تستقر به وتعود كل فترة لترى أمها وأخويها. لم تقترف التونسية إثماً أو خطأً أو جريمة . لقد وصل إلى عمها إفادة بأنها شوهدت تصلى بأحد مساجد قرطاج . خشى عمها عليها أو ربما  خشى على نفسه ومنصبه ، فأبعدها .هذه كانت تونس من قبل ، واليوم يصلى التونسيون بالآلاف فى الشوارع بعد أن حرموا من الصلاة بحرية فى المساجد.. ولأول مرة منذ سنين يؤذن للصلاة على شاشات التليفزيون وعبر أثير الراديو، وليس عبر الفيس بوك او تويتر. فثورة تونس لم تكن ثورة اليكترونية بل هى ثورة شعبية ،  مازالت فى بدايتها ولم تنته بعد .!!