عروس البحر المصرية سمية زيدان.. أول سيدة تلحم المعادن تحت الماء
كتبت ـ رغدة خالد:
تمارس طقوسها كعروس بحر خرجت من كتاب أساطير عتيق، أميرة من عالم الخرافات ترتدى بدلة سوداء فاحمة من المطاط، وتنتعل زعانف سميكة تضرب بها المياه بقوة فيما تخفى عيونها التى تحتضن ملاحة سكندرية أصيلة خلف نظارات تكاد تطمس ملامح وجهها الذى خضبته الشمس، ويلتقم فمها طرف «الريجيوليتر» وحدة التنفس، تتشابك أنبوبه على ظهرها ليحكم وثاق ربطاها بالأرض، تهوي إلى البحر مثيرة دوامة من الأمواج، فتحتجب عن الأنظار قبل أن تنطوى صفحة الماء على حكاية مغامرة جديدة ترويها أول غواصة لحام تحت الماء بمصر والعالم العربى.
تبوح أشباح السفن والبواخر الهاوية بأسرارها إلى «سمية زيدان»، قصص مآسٍ تدب الرعشة بالأبدان وتسرى ذكراها من البحر إلى المحيط، ترافقها فى رحلاتها إلى غياهب الأزرق، فيما تستل كاوى اللحام من مكمنه فتمزق أوصال تلك الجثث قطعًا وتفرج عما تخفيه من خبايا، تعيد سمية اكتشاف عوالمها الخفية التى سكنها الصمت تحت الماء، وأيقظها لهيب اللحام، قبل أن تتولى مهمة جديدة للوصل بين أنابيب الإنترنت، تؤلف فيها بين أوصال العالم.
تشير عقارب الساعة إلى السادسة صباحًا فيصدح المنبه بالرنين، تنهض «سمية» على عجل لتستهل صباحها الباكر بجولة تطوى فيها كورنيش البحر ركضًا يصاحبها فيها زوجها ورفيق مغامراتها أسفل الماء لشحذ قوة عضلاتهما استعدادًا لمشاق يوم عمل مقبل يحمل مفاجآت
تزين خزانة من الخشب بواجهة زجاجية حجرة استقبال الضيوف بمنزلها المتواضع، وتروى القليل عن قصة شغف «سمية» بالغوص وأسراره، تتراص بها شهادات التقدير بداخل أطرها الذهبية تجاورها دروع الشرف التى حازتها بصدق عزيمتها وثبات خطاها على طريق حلمها الأثير، وتكلل مجموعتها درع ضخمة حفرت عليها بأحرف ذهبية غائرة كلمات قليلة لخصت تميزها بمجال الغوص واللحام تحت الماء ووثقت السنوات العجاف التى تقاذفتها خلالها الصعاب حتى أوصلها الحلم إلى ميناء سلام متوجة بلقب أول سيدة غواص تجارى وفنى لحام تحت الماء.