رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

السفير العراقى فى القاهرة حبيب الصدر: عصابات «داعش» تعيش حالة موت فى الصحارى والمناطق النائية

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

كتبت - هبة مصطفى:

 

بعد الإعلان الرسمى عن تحرير العراق من داعش الإرهابى، تجددت الآمال بأن العراق ستصبح دولة آمنة مستقرة خالية من الاضطرابات والتوترات والصراعات الإقليمية، تتفرغ لإعادة الإعمار والبناء وعودة النازحين إلى مدنهم، ولكن تبين أن ثمة خطرا أشد وطأة من التنظيم الإرهابي، ألا وهو الفساد والمطامع الإقليمية التى تنخر فى الدولة العراقية، حيث قامت تركيا بقطع المياه عن نهر دجلة، مما أدى إلى جفاف النهر، إلى جانب قيام إيران بقطع منبع اثنى عشر نهرًا تخرج من إيران لتصب فى جنوب العراق خاصة فى الأهوار «المسطحات المائية».

ويعانى المواطن العراقى من فقدان الخدمات الأساسية ومنها الكهرباء خاصة فى ظل ارتفاع درجة الحرارة الشديدة، فضلاً عن الانتخابات الأخيرة التى لم يعلن نتيجتها حتى الآن، كل هذه العوامل أدت إلى انفجار الشارع فى جنوب العراق ووسطه، وخروج الحشود من المتظاهرين إلى الشوارع للتعبير عن مطالبهم واحتياجاتهم.

فى تصريحات خاصة لـ«الوفد» قال حبيب الصدر السفير العراقى فى مصر، إن التظاهرات تعد ظاهرة صحية رسختها أجواء الحرية، تطالب بتوفير الخدمات أوصلت رسالتها للحكومة العراقية التى استجابت على الفور واتخذت إجراءات سريعة تلبية للمطالب الشعبية.

والحكومة برئاسة الدكتور «حيدر العبادى» قامت بإجراءات سريعة على سبيل الإيعاز بتخصيص الأموال اللازمة وتوفير فرص العمل، ومن ضمن تلك الإجراءات سحب يد وزير الكهرباء لحين إكمال التحقيقات بشأن رداءة خدمة الطاقة الكهربائية، وكذلك اللقاءات المستمرة لرئيس الوزراء مع وفود المحافظات للاستماع إلى مطالبهم المشروعة واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذها.

وأضاف: نود أن نثمن غاليًا خطاب المرجعية الدينية الأخير بشأن التظاهرات، هذا الخطاب المسئول الذى يمكن أن نعده خطاب المرحلة، حيث رسم الطريق لتشكيل الحكومة القادمة على أساس البرنامج والكفاءة ومحاسبة المفسدين.

ونحن نؤكد أننا نحترم جميعًا التظاهرات وشتى وسائل التعبير، بما فى ذلك مواقع التواصل الاجتماعى وعدم التضييق عليها، ونحميها وننشرها، شريطة منع استغلالها وحماية المجتمع والمواطنين من الاعتداء والأكاذيب والمعلومات التى تثير البغضاء والكراهية والتخريب من قبل العابثين والطائشين والإرهاب، فالتدافعات الاجتماعية والتظاهر والاعتصام، ممارسات مهمة لإنضاج الآراء وبناء عملية الوعى والإحساس بالمسئولية والوطنية، فهى جزء مكمل من حريات وحقوق الشعب، والديمقراطية لا تعنى الانتخابات فقط، بل تعنى فى جوهرها حكم الشعب، والتعبير عن إرادته، وتشكيل رأى عام، ولعل المظاهرات من بين أسبابها أيضًا عدم وجود كتلة برلمانية معارضة تنادى بشواغل المتظاهرين، فالكل مشارك فى الحكومة.

وأوضح السفير العراقى أن مجلس الوزراء قرر تقييم ومحاسبة المسئولين عن سوء الأداء وتقديم الخدمات فى الوزارات والحكومات المحلية، فى ضوء تقارير موضوعية ترفعها لجنة مختصة برئاسة ديوان الرقابة المالية، وعضوية كل من الأمانة العامة لمجلس الوزراء وهيئة النزاهة والهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات. كما أمر السيد العبادى بسحب يد وزير الكهرباء على خلفية تردى خدمات الكهرباء. وقرر المجلس أيضا تشكيل لجنة إعمار وخدمات المحافظات برئاسة رئيس مجلس الوزراء، تتولى تقييم الإعمار والخدمات فى المحافظات ومتابعة احتياجات ومطالب المواطنين لتحسين الخدمات والإسراع فى إنجاز المشاريع الخدمية وتخول صلاحية مجلس الوزراء لتأمين التنفيذ السريع للمهام المذكورة.

وقال «الصدر»: نحن فى العراق ننتظر قريبا إنجاز عملية العد والفرز اليدوى لصناديق الاقتراع المطعون بها، ومن ثم التصديق على النتائج، للشروع فى تشكيل حكومة ناجحة بعيدا عن المحاصصة، تستطيع تجاوز الأخطاء السابقة فى الإدارة، واستثمار النجاحات التى تحققت فى الفترة الماضية، على صعيد النصر على الإرهاب والتلاحم المجتمعي، ووضع برنامج بالأرقام والتواريخ لإطلاق عملية تسمح بمحاربة جدية للهدر والفساد، والحد من البطالة وتحسين الخدمات خصوصاً فى الماء والكهرباء والصحة والتعليم. كما نسعى إلى تبنى مشاريع اقتصادية طموحة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل، عبر بناء اقتصاد متنوع لا يبقى أسيرا للحالة الريعية، مع إيجاد المؤسسات القوية القادرة على التخطيط وإقامة التنمية الاقتصادية، وتوفير الخدمات وفرص العمل، والرفاهية للمواطنين.

وأضاف: نحن فى مرحلة إعادة العد والفرز النهائى التى حدثت بإشراف قضائى من قبل السلطة القضائية التى تعد مستقلة فى بلادنا استقلالاً تاماً، إلى جانب عمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ومراقبة أممية دقيقة، وأظهرت أغلب النتائج تطابقها مع حالتها الأولية حتى الآن، وبعد الانتهاء سيتم التصديق على النتائج النهائية قضائياً، أما بشأن القبول بالنتائج فتقول إن العراقيين هم اختاروا من يريدون بحرية تامة، فكيف لا يقبلون بنتيجة هم اختاروها. والكتلة الأكبر ستفرزها مشاورات الكتل السياسية، ونحن نترقب تشكلها فى قادم الأيام عبر الحوارات السياسية بين القوى.

وعن «داعش» وأين ذهب بعد تحرير المحافظات، قال «الصدر»: عصابات داعش تعيش فى حالة موت سريري، لأنها أضحت عبارة عن فلول قليلة العدة والعدد معزولة فى الصحارى والمناطق النائية، وفقدت بعد إعلان التحرير جميع مقومات بقائها وحواضنها البشرية، وهذه الفلول الضعيفة والمريضة نفسياً وعقلياً بفعل حقدها على البشرية، قد تحاول إثبات وجودها هنا أو هناك عن طرق القيام ببعض العمليات الصغيرة، لكننا نؤكد لكم أن العراق يمتلك اليوم رصيداً أمنياً مهماً سيدفع تلك الفلول إلى التلاشى مستقبلا، ومدننا تعيش استقراراً أمنياً لافتاً لم تشهده من قبل، لكن داعش الفكر سيبقى موجودا إذا لم تتضافر جهود دول العالم العربى والإسلامى فى تجريده من منابره ومغذياته المالية والبشرية، لذلك يجب أن نتجه جميعا صوب تجريم خطاب العنف والكراهية والتحريض الطائفى والمذهبى فى القنوات الفضائية أو الاذاعات أو الصحف، وتدويل ملف الإرهاب بإصدار قرارات فاعلة من مجلس الأمن تهدف إلى محاسبة الدول والمنظمات والجمعيات الراعية للإرهاب، وفرض الرقابة على حركة الأموال والعنصر البشرى والمواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعى التى يسعى الإرهابيون من خلالها إلى غسل العقول بالأفكار الشاذة، ومن الضرورى أيضا أن تسهم الفواعل الإقليمية فى مبادرات لتسويات سياسية للأزمات بتشجيع الفرقاء على الحوار وتبنى قوة الكلمة لا قوة الرصاص التى فتكت وأرهقت الجميع.

وحول ترديد كثيرين أن العراق دخل مستنقع الصراعات الطائفية بعد 2003 رغم وعود أمريكا بجعلها «يابان» الشرق الأوسط، أوضح السفير العراقى أن هناك لغطا كبيرا فى تحميل فترة ما بعد عام 2003 وزر الطائفية، مع أن ممارسة الطائفية السياسية فى أبشع صورها كانت فى زمن النظام البائد، الذى ارتكب الإبادة الجماعية بحق الاكراد، كما أقدم على جرائم بشعة من ضمنها المقابر الجماعية ضد أبناء محافظات الجنوب، ووضع قواعد تكرس الطائفية السياسية فى تقلد الوظائف الحكومية، ولم يكتف الطاغية بذلك بل زاول التمييز العشائرى والمناطقى على نحو ظالم، ووصل الأمر إلى إعطاء العلوية فى إدارة الدولة لأسرته، لذلك ما ظهر هنا وهناك من احتقان هو بسبب تراكمات تلك السياسات البغيضة، ونؤكد لكم بوضوح أن العراق لم يعش

صراعًا طائفيا مجتمعيًا، لأن هذا الأمر يتنافى مع قيم وأصالة الشعب العراقى ونسيجه الاجتماعى، فالعشائر العربية لدينا فيها التعدد المذهبى، ولو وصل الخلاف الطائفى إليها لانهارت وتفككت، لأنها قائمة علي الأخوة ووحدة الدم وما الانتماء المذهبي لديها إلا من الثانويات، وبخصوص الصراع القومي نؤكد لكم أن مدن كردستان العراق كمثيلاتها من مدن الجنوب كانت مضيفًا كبيرًا لعشرات الآلاف من الأسر النازحة من المحافظات التى وقعت تحت أسر الإرهاب فى حينها، كما لدينا فى العراق زيجات مختلطة، وهى من أنجح العلاقات الاجتماعية، لكننا هنا لا ننكر وجود بعض ممارسات «الطائفية السياسية»، وهذه الممارسات لها بعض ممتهنيها على نطاق ضيق، وقد كان لأصواتهم صدى مسموع فى فترة سابقة، لكن هذه البضاعة أصبحت كاسدة اليوم ليس لها سوق، بسبب وعى الشعب العراقى، أما بشأن وعود تحويل العراق إلى يابان الشرق الأوسط فنود أن نشدد هنا علي أن نهضة البلدان تكون بسواعد أبنائها عندما تتوفر الإمكانيات والخطط اللازمة لذلك، ونعول على المستقبل فى حمل نسمات الخير فى البناء والتنمية والنهوض، خصوصًا ونحن خرجنا أقوى من أصعب منعطف تاريخى تمثل بالحرب الشاملة على الإرهاب والانتصار عليه.

وحول ما قبل من أنه بعد انسحاب الولايات المتحدة من المشهد العراقى لماذا تركته لعدوها اللدود إيران، قال «الصدر»: نحن نستغرب من هذا التحليل، العراق بتاريخه ودوره لا يمكن أن يرضى بأن يكون دمية قش بيد هذا أو ذلك، العراق هو الذى طلب من الولايات المتحدة الانسحاب دون قيد أو شرط وبدون قواعد على أراضيه، وكان هذا الأمر يمثل انتصارا تاريخيًا لنا، ونشير إلى أن للعراق مواقف ورؤية قد لا تنسجم مع الرؤية الأمريكية فى عدد من المواقف المفصلية، كما أننا لسنا رهينة بيد أى طرف جار، ودليلى فى ذلك أن العراق يحظى بعلاقات جيدة مع روسيا، بالرغم من كونها منافسا استراتيجيا للولايات المتحدة فى المنطقة، ويمتلك علاقات متطورة مع المملكة العربية السعودية، فى الوقت الذى وصل فيه الخلاف بين الرياض وطهران إلى صراع وتصدع كبير.

والعراق طلب من الدول العربية اتخاذ إجراءات دبلوماسية واقتصادية صارمة تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، ردا على قرار الرئيس «ترامب» المؤسف بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل فى الاجتماع الوزارى العربى الذى ناقش تلك القضية إلا دليل على ما أقول، وكذلك كان للعراق موقف فى رفض حرق السفارة السعودية فى طهران، لذلك نؤكد أن العراق دولة مستقلة لها رؤيتها الاستراتيجية المبنية على ثوابت وطنية محددة، وهناك مشروع قرار سيتم عرضه على مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزارى فى سبتمبر المقبل يدين كلا من «إيران» و«تركيا» لإضرارهما بالواقع المائى العراقى.

ونشدد على أن الحكومة العراقية أمينة ومؤتمنة على الالتزام بسيادة العراق، ونحن لا نجامل فى مسألة السيادة. أما بشأن علاقتنا مع جمهورية إيران الإسلامية فنؤكد أنها قائمة على أساس حسن الجوار والتعامل بالمثل وتنمية المصالح المشتركة، وهذا هو منهجنا مع تركيا أيضا ومع دول الجوار العربى وبقية دول المنطقة.

وبشأن الحرب الإعلامية بين أمريكا وإيران، علق السفير العراقى بالقول: تشهد العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران حربا وصراعًا ساخنًا عبر اتخاذ واشنطن إجراءات عدة من ضمنها الخروج من الاتفاق النووى والسعى لفرض عقوبات اقتصادية شديدة للضغط على طهران داخليا، والتهديد كذلك بإجراءات عسكرية، والعمل على صياغة تحالفات ومحاور فى المنطقة للتحضير إلى صراعات ومواجهات جديدة، نحن لا ننكر أن المنطقة تعيش فى صراعات مستمرة وأزمات ملتهبة، وإرهاب يعشش فوق ركام الصخب الإعلامى والتناحر والاستقطابات المتعددة، لكننا نأمل أن يسعى الطرفان الإيرانى والأمريكى إلى الحلول السلمية عبر التفاوض وطاولة الحوار، ونحن نقدر أن الحوار سوف لن يكون عاديا، لأن أمريكا ما زالت القوة العظمى الأولى فى العالم، وإيران تعد دولة مركزية فى الشرق الأوسط باعتراف باراك أوباما الرئيس الأمريكى الأسبق، ونشير إلى أن الاستراتيجية الأمريكية تجاه إيران ستكون بالدفع نحو المزيد من الإجراءات والضغط من أجل احتواء نفوذها فى المنطقة، ووضع حد لبرنامجها الصاروخى ودورها فى سوريا، لكن إيران أيضا لها قوة سياسية مهمة فى الشرق الأوسط ولديها اطلالة رئيسية على منطقة الخليج وخصوصا مضيق هرمز الاستراتيجى، وفى تقديرنا أن من شأن الركون إلى تسخين الأجواء وافتعال الأزمات سيؤدى إلى العصف باستقرار المنطقة والعالم، لذلك نؤكد على ضرورات الحلول السياسية بعيدًا عن لغة السلاح والتهديد.