عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى الذكرى الخامسة للحدث التاريخى.. ثورة 30 يونيه.. مكاسب الأقباط

بوابة الوفد الإلكترونية

كتب- عبدالوهاب شعبان:

مساء ليلة عيد الميلاد المجيد في السادس من يناير الماضي، أعرب قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية- بطريرك الكرازة المرقسية- عن تفاؤله بالعام الحالي، واصفاً مصر بعد ثورة «30 يونيه» أنها تحمل تجديدًا، وتطويرًا في الحياة، نظير افتتاح كاتدرائية العاصمة الإدارية الجديدة- أكبر كاتدرائية بالشرق الأوسط- وإقامة قداس العيد بها، في حضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو ما اعتبره حدثا تاريخياً ينضم إلى تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

ولم تتوقف تصريحات البطريرك المتفائلة خلال السنوات الخمس الماضية ما بعد (30 يونيه 2013)، حيث كانت متجددة دائمًا مع حلول ذكراها، ومهدت الطريق أمام التفاعل وانفتاح الحياة السياسية أمام الأقباط، وكسرت العزلة المفروضة عليهم منذ سنوات- حسب وصفه.

واعتبرت الكنيسة «30 يونيه» لحظة فارقة في مستقبل مصر، قياسًا على ما أنجز من قوانين كانت عالقة لفترات طويلة خلال فترة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، أبرزها قانون «تنظيم بناء الكنائس»، وكانت بمثابة حجر ألقاه الرئيس في مياه المواطنة الراكدة بزيارته التاريخية للكاتدرائية المرقسية بالعباسية لتهنئة الأقباط بـ«عيد الميلاد»، كأول رئيس مصري يقدم التهنئة خلال القداس.

وفي الذكرى الخامسة لـ«30 يونيه» التي أطاحت بالرئيس المعزول «محمد مرسي»، وجماعته، يتذكر الأقباط ما أنجز خلال السنوات الخمس الأخيرة، معطوفًا على سعي الدولة لإلغاء التمييز بين أبناء الوطن الواحد، وعدم تصنيف «السيسي» بين المسلم والمسيحي، وإنما عزز من المساواة في خطابه الموجه دائمًا لكل المصريين.

 

ترميم الكنائس المتضررة

أول الملفات التي أنجزتها القوات المسلحة كان ترميم وإعادة بناء «72 كنيسة» موزعة على الطوائف الثلاث «الأرثوذكسية، الإنجيلية، والكاثوليكية»-على مستوى الجمهورية-، وتراوحت الاعتداءات على الكنائس ما بين الحرق، والهدم على خلفية فض اعتصامي «رابعة العدوية، والنهضة».

وأنهت القوات المسلحة ترميم وإعادة بناء الدفعة الأولى (ثلثا المباني) في أكتوبر 2015، بينما تم الانتهاء من الدفعة الثانية في مرحلة لاحقة.    بعدها زار الرئيس السيسي الكاتدرائية المرقسية بالعباسية للمرة الثانية، كأول رئيس مصري يهنيء الأقباط خلال قداس عيد الميلاد، وتعهد في «يناير 2016» بإنهاء ترميمات الكنائس بنهاية العام ذاته، معتبرًا تعهده بأنه حق للمسيحيين، ومعتذرًا عن الاعتداءات، في سياق شكره لـ«البابا تواضروس» على موقفه الوطني.

كما برز خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي منزوع التمييز بين المصريين على رأس مكتسبات الأقباط في مرحلة ما بعد «30 يونيه»، وحسبما يتجدد سنويًا في كلمته خلال تهنئته بـ«عيد الميلاد»، وفي خطاباته العامة، من تأكيد على وحدة الوطن كعامل رئيسي في تماسكه وتقدمه: «عايز أوصيكم، وكل المصريين، محدش أبدا يفرق بيننا»، دون تجاوز لقيمة التنوع، والاختلاف بين أبناء مصر.

 

تعزيز المواطنة

وحسبما أفاد القمص عبدالمسيح بسيط- كاهن كنيسة العذراء- مسطرد- وأستاذ اللاهوت الدفاعي، فإن أحدًا لا يستطيع إغفال تسمية زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لـ«الكاتدرائية» في أعياد الميلاد بـ«الإنجاز»، لافتًا إلى أن خطابه، فضلًا عن زيارته يعد خطوة نحو تعزيز المواطنة، والتأكيد على كونه رئيسًا لكل المصريين.

أضاف بسيط في تصريح لـ«الوفد» أن قانون تنظيم بناء الكنائس يأتي على رأس مكاسب الأقباط في فترة ما بعد «ثورة 30 يونيه»، مشيرًا إلى أن أعمال البناء في قرى الصعيد كانت نواة لإزكاء«الطائفية» نظير أفكار متطرفة، وعادات انتشرت، واستقرت هناك، وكونه لم يفعل بالشكل المطلوب في بعض المحافظات، فإن إقراره رسميًا من مجلس النواب يعد حدثًا تاريخيًا، على أمل تعديل بعض بنوده متى أتيحت الفرصة.

وأعرب بسيط عن أمله في تفعيل أكثر للمواطنة خلال الفترة المقبلة، ومراعاة تمثيل الأقباط بالوزارات المختلفة، بما يتسق مع دعم الرئيس للمساواة بين المصريين.

 

تمثيل برلماني

وحقق الأقباط في برلمان «30 يونيه» تمثيلًا غير مسبوق في تاريخ الحياة النيابية المصرية، حيث حازوا في برلمان 1942/ 27 مقعدًا، في حين بلغ عدد النواب في برلمان «2015»-38 نائبًا.

وفسر البابا تواضروس الثاني الطفرة النيابية القبطية بأنها منجز من منجزات «30 يونيه» التي أعادت المسيحيين للمشاركة السياسية بعد فترة انقطاع خلال السنوات الماضية.

في حين لفت د. إيهاب رمزي عضو مجلس الشعب السابق- إلى أن الأقباط حققوا تمثيلًا برلمانيًا غير مسبوق في الحياة السياسية المصرية، وهو ما يعكس سعي الدولة إلى إقرار المواطنة، والمساواة بين الجميع على معيار الكفاءة، مشيرًا إلى أن غياب التمثيل في مناصب المحافظين، والوزراء يعد أملًا مشروعًا في الفترة المقبلة، في ضوء رغبة الدولة في تأكيد المواطنة بين المصريين.

وقال رمزى لـ«الوفد»: إن الذكرى الخامسة لثورة «30 يونيه» تأتي محملة بمكاسب وإنجازات للأقباط على وجه الخصوص، أبرزها على الإطلاق إنهاء ملف الكنائس المغلقة، وحل الكثير من المشاكل العالقة في محافظات مصر، مؤكدًا أن قانون بناء الكنائس على رأس المنجزات، مع الاحتفاظ بمطلب مراجعة بعض بنوده..

واستطرد قائلًا: (نأمل الاهتمام بمشاركة الأقباط في الأندية الرياضية، والسعي إلى تغيير طريقة التعامل مع القضايا العالقة بالعقلية القديمة، خلال الفترة المقبلة).

وجدد عضو مجلس الشعب السابق تأكيده على مكاسب الأقباط، مطالبًا بإقرار قانون الأحوال الشخصية الموحد، وطرح حلول عاجلة لـ«اختفاء القاصرات»، كأزمتين تؤرقان الأسر القبطية في الفترة الأخيرة.

 

قانون بناء الكنائس

عطفًا بخلاف التمثيل البرلماني كأبرز مكتسبات مرحلة ما بعد»30 يونيو»، أنجز مجلس النواب «قانون تنظيم بناء الكنائس» أحد أهم القوانين العالقة، والتي سعت الكنيسة القبطية خلال سنوات متعاقبة لـ»إقراره» دون جدوى.

واعتبر البابا «قانون بناء الكنائس» تصحيحًا لخطأ استمر نحو 100 عام-حسب وصفه-، لافتًا إلى أنه صفحة جديدة بعد سنوات «الخط الهمايوني»-قانون ترميم وبناء الكنائس منذ فترة الحكم العثماني-.

وفى ٢٦ يناير ٢٠١٧صدر قرار رئيس الوزراء رقم ١٩٩ لسنة ٢٠١٧ بتشكيل لجنة توفيق أوضاع الكنائس المنصوص عليها فى القانون، كخطوة نحو تقنين أوضاع الكنائس غير المرخصة.

وضمت اللجنة التي ترأسها رئيس مجلس الوزراء عشرة أعضاء، 6وزراء «الدفاع، الإنتاج الحربي، الإسكان والمجتمعات العمرانية، التنمية المحلية، الشئون القانونية ومجلس النواب، العدل، الآثار، و٣ ممثلين عن مؤسسات» المخابرات العامة، الرقابة الإدارية، والأمن الوطني»، بالإضافة إلى ممثل الطائفة المعنية.

اللجنة التى عقدت أول اجتماعاتها فى أكتوبر ٢٠١٧، وشكلها مجلس الوزراء لبحث تقنين أوضاع الكنائس غير المرخصة اجتمعت عدة مرات مع ممثلى الطوائف المسيحية، تم خلالها تقديم الأوراق المرفقة مع طلبات تقنين الكنائس وبيوت الخدمة والخلوة، والأماكن التى تشهد صلوات قبل إصدار قانون بناء الكنائس، وتضمنت الأوراق المرفقة مع الطلبات عقود الملكية والرسومات الهندسية وغيرها.

وأسفرت اللجنة عن تقنين 167 كنيسة ومبنى خدمات، بينما تستمر أعمال الفحص والمراجعة بالمحافظات، وفق ما قدمته الطوائف المسيحية من ملفات لكنائسها غير المرخصة.

 

تراجع الفتن الطائفية

في السنوات الخمس الأخيرة تراجعت معدلات الطائفية، رغم وقوع بعض الأحداث في نطاق محافظة المنيا على رأسها حادث «سيدة الكرم»، وقدمت الدولة ممثلة في الرئيس السيسي ملمحًا جديدًا في التعامل مع القضايا ذات البعد الطائفي، حيث اعتذر الرئيس للسيدة المصرية التي تعرضت للسحل والتعرية-وفق روايات الأهالي.

وقال في خطابه: «إن القانون سيأخذ مجراه على الجميع، ومن يخطئ سيحاسب أيًا كان».

وعلى الصعيد ذاته قال الأب رفيق جريش المتحدث السابق باسم الكنيسة الكاثوليكية: إن أبرز مكاسب المسيحيين بشكل خاص تراجع نسب الأحداث الطائفية في المحافظات، وميل الدولة الواضح إلى تطبيق المواطنة، وتفعيل خطاب التعايش، والمساواة.

وأضاف في تصريح لـ«الوفد» أن المواطنة في طريقها للتحقق كأحد أبرز منطلقات البناء في «مصر الجديدة بعد 30 يونيو»، مؤكداً أن تطبيقها لم يكتمل بعد، لكن هناك سعياً ملحوظاً لتفعيلها منذ وصول السيسي للحكم.

وأعرب جريش عن رغبته في الاهتمام بالتعليم، والصحة، والثقافة، وبناء الإنسان خلال الفترة المقبلة، واستغلال القوة الناعمة، على وقع تصريحات «السيسي» المطالبة بتعزيز الثقافة، واستطرد قائلًا: (نحتاج إلى وقت طويل لتغيير ذهنية البعض في ضرورة التعايش).

وجدد جريش تقديره للدولة في حرصها على إقرار قانون لـ»تنظيم بناء الكنائس»، وتقنين أوضاع الكنائس المغلقة.

 

عودة رفات شهداء ليبيا

لم تخل مكتسبات الأقباط بعد ثورة «30 يونيه» من تعامل استثنائي في القضايا العالقة في مقدمتها حادث مقتل «21 مواطنًا مصريًا مسيحيًا» بليبيا على يد مسلحي تنظيم داعش الإرهابي في فبراير عام 2015.

حيث تحركت الدولة المصرية للثأر عبر عملية عسكرية، وقدم الرئيس العزاء لـ«البابا تواضروس الثاني»، غير أن تعزيات المسئولين بالمقر البابوي لم تكن وحدها دليلًا على تقديم الدعم الكامل لأسر «الضحايا»، وظلت المساعي الرسمية حاضرة لاستعادة رفات المصريين لتخفيف آلام الأسر المنكوبة، وتكريمًا لهم، حتى تحققت العودة في مايو الماضي.

وعقب الأنبا اسطفانوس أسقف ببا والفشن على عودة رفات جثامين «شهداء ليبيا» قائلًا: الرئيس وعد فأوفى كعادته، معربًا عن تقديره لجهود الدولة في الاهتمام بأبنائها في الداخل، والخارج.

كما يضاف إلى سجل المكتسبات إعادة ترميم الكنيسة البطرسية بعد 15 يومًا من تعرضها لتفجير إرهابي، وتجهيزها للاحتفال بـ«عيد الميلاد» في يناير 2016، وفقًا لتعهدات الرئيس.

يذكر أن قداسة البابا تواضروس الثاني وصف «٣٠يونيه» بأنها ثورة شعبية حماها «جيش الشعب»، لافتًا إلى أنها أنقذت مصر وغيرت المسار، وأعطت الوطن بداية الطريق الصحيح.

وقال: إن مصر في الذكرى الخامسة  تسير على الطريق، معربًا عن ثقته في المشروعات القائمة، في مقدمتها مشروعات الطاقة، والصناعات الغذائية، داعيًا إلى الحفاظ على الثورة مثل الحفاظ على على الوطن.