عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أيام السلطان في الأقصر.. آثار فرعونية للبيع بالبر الغربي «الحلقة الثالثة»

السلطان فؤاد
السلطان فؤاد

ألهمت زيارة السلطان فؤاد الأولى إلى الأقصر في مطلع القرن العشرين إلى إصداره قرار بتدريس اللغة المصرية القديمة «الهيروغليفية» ضمن المناهج لدراسي التاريخ، كما يكشف توثيق تلك الزيارة أن القطع الأثرية كانت تباع كتجارة على استحياء قبل إصدار قانون يجرم الاتجار فيها يقول عبد الحليم المصري «سار الركب العالي بالسيارة إلى مدينة هبو وكان بعض باعة التحف الأثرية قد نشروا بضاعتهم على مقربة من مدخل المعبد فتفضل عظمته ووقف قليلًا أمامها وكان جناب مدير الاثار يبين لعظمته الصحيح من هذه التحف والمزيف منها».

 

وأقر فؤاد خلال زيارته للأقصر عدة هبات مالية  بإجمالي 623 جنيها كالتالي ..«200 جنيه للفقراء و159 جنيه إعانة لمدرسة الجمعية الخيرية القبطية و129 لمدرسة الأمريكان الإنجيلية لإنشاء جائزة باسم السلطان فؤاد الثاني تعطي للأول والثاني من الناجحين في الامتحان النهائي و70 جنيهًا لمدرسة الصنائع للتلامذة والخدم و45 جنيهًا لمدرسة البنين والبنات للتلامذة والخدم و20 جنيهًا للمدرسة الأولية للبنات للتلاميذ والخدم».  

 

في الليلة الأخيرة للسلطان فؤاد في الأقصر الموافق 29 يناير، بدأ يومه بزيارة البر الغربي مثلما استعرضنا في الحلقة الماضية، ثم زار معبد دير  المدينة الذي يرجع للعصر البطلمي، ومنه بالسيارة إلى معبد مدينة هابو.

 

 وكان «فؤاد» حريصًا على التقاط كل التفاصيل في ذلك المعبد ...«وطاف عظمته الأفنية الواسعة القائمة حواليها الأروقة ذات العمد الضخمة على شئ من المسحة الآسيوية وقد صورت على الجدران وقائع رمسيس الثالث من العائلة العشرين وتغلبه على أعدائه واستقباله لقواده المنتصرين وقد صور الملك على جدران المعبد متوجًا بتاج الأسيويين وعلى جدار آخر صورة الأيدي المقطوعة تعد بها القتلى في الحروب لأنهم كانوا يقطعون يد القتيل في الحرب وبذلك يعرفون عدد من أبادوا من أعدائهم».

 

ثم طاف بهيكل المعبد وشرح مدير مصلحة الاثار طريقة بناء صفوف الأعمدة بحيث لا تعترض الكهنة وهم يحملون المعبود، واسترعي انتباه السلطان فؤاد مناظر صيد البر والبحر المنقوشة على المعبد ودار نقاش بينه وبين مدير مصلحة الاثار عن كونها أسيوية أم إفريقية، ثم زار البحيرة المقدسة الملحقة بالمعبد والبئر القريبة منها، ثم صعد إلى أعلي المعبد ليري المنطقة المحاورة من أعلى.

 

كان السلطان فؤاد الأول مهتمًا بالتعليم فقد كان حريصًا على زيارة المدارس في كل البلدان التي زارها، أثناء وجوده في الأقصر قام بزيارات لمدارسها وهي مدرسة البنات والبنين الإيطاليتين ومدرسة الأقباط الخيرية للبنين ومدرسة الأمريكان للبنين، ويصف موثق الرحلة السلطانية استقبال السلطان في هذه المدارس .. «كان الاحتفال بمقدم عظمته في حوش المدرسة حيث اصطفت التلميذات في صدر الفناء الكبير وأمامهن المقعد العالي المعد لعظمته تحفه مجالس أخري للحاشية وكانت الأعلام الإيطالية إلى جانب الأعلام المصرية وقد ألقيت عبارات الترحيب بلغات مختلفة بدأتها تلميذة متشحة بوشاح مصري ألقت كلمتها بالعربية ثم تلميذة أخري متشحة بالوشاح الإيطالي

وألقت كلمتها باللغة الإيطالية وتلتها مصريتان أنشدت كل منهما نشيدًا ثم تقدمت فتاة فرنسية متشحة بالوشاح الفرنسي وألقت كلمتها بلغتها وأخيرًا تقدمت فتاة على صدرها الوشاح الإيطالي والمصري معًا وقدمت هدية المدرسة».

 

ويمكننا أن نعرف من هذا الوصف وجود مدارس للجاليات الأجنبية في مدينة الأقصر ومدي النظام الشديد الذي كانت تعمل بها إدارتها، وهو معروف على مدارس الإرساليات الأجنبية في مصر بشكل عام.

 

وفي مدرسة الأقباط البنين استقبل السلطان الأنبا مرقص مطران إسنا والأقصر وأعيان الطائفة القبطية، وألقي المطران كلمة ترحيب ثم تلاه يسي بك أندراوس الثري القبطي المعروف وقنصل عددً من الدولة الأوربية في الأقصر وهو نفسه شقيق توفيق بك أندراوس الذي سيصبح نائبًا للأقصر عن حزب الوفد المصري لاحقًا سنة 1926.

بروفايل.. "توفيق أندراوس" الصعيدي الذي هتف سعد زغلول باسمه

https://bit.ly/2DE5TPA

 

 يقول عبد الحليم المصري «فتقدم نيافة الحبر الجليل الأنبا مرقص مطران الأقصر وإسنا وطيبة داعيًا لمولانا أطيب الأدعية وأصدقها فردد الجميع دعاءه ثم تلاه يسي بك أندراوس وقدم بين يدي عظمته وقفية منه ومن أخوته حبس فيها 53 فدانًا على هذه المدرسة زيادة عن السبعة والأربعين فدانًا  التي وقفها المرحوم والده أندراوس باشا بشارة فبارك عظمته هذه الأربحة مثنيًا مسرورًا وتمني لهذه المدرسة كل رقي ونجاح. وتلاها حضرة صاحب العزة الكريم بولص بك حنا وأعلن أنه وقف على الجمعية الخيرية التي تدير هذه المدرسة خمسين فدانًا إجلالًا لزيارة عظمته فقبل مولانا السلطان».

 

وأنهي السلطان فؤاد زيارته لمدينة الأقصر  في صباح 30 يناير 1921 متوجهًا إلى أحد توابعها وهي مدينة إسنا 60 كيلو متر جنوب الأقصر .. «وفي الساعة السابعة صباحًا غادرت السفن السلطانية مرسي الأقصر قاصدة مدينة إسنا فمرت في طريقها بالبياضية والضبعية وأرمنت الحيط وتوت وأرمنت والرزيقات والريانية والمحاميد والشغب وتفتيش المطاعنة وصلت بسلامة الله إلى إسنا في الساعة الثانية بعد الظهر».