عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أيام السلطان في الأقصر.. كيف تم إسكات الأصنام الناطقة؟ "الحلقة الثانية"

أيام السلطان في الأقصر
أيام السلطان في الأقصر

أسبوعًا كاملًا و6 ليال قضاها السلطان فؤاد متنقلًا بين آثار الأقصر، تلك الرحلة إلى الصعيد التي سميت بـ "الزيارة السلطانية" نسبة إلى فؤاد ومعيته الذي كان ــ وقت الزيارة 1921 يحمل لقب السلطان قبل تحول البلاد إلى المملكة المصرية في العام التالي، ظلت مجهولة ومتداخلة مع زيارات أخري للملك فؤاد قام بها إلى الصعيد لوضع أساس أو افتتاح مشروعات عامي 1928 و1930.

 

كانت أيام السلطان فؤاد في الأقصر مشحونة بالزيارات للمناطق الأثرية وكأنه كان حريصًا على إلا يفوته الإطلاع على مقبرة أو معبدًا حتي وإن كان غير كامل أو اندثرت أجراء كبيرة منه، وكذلك زيارات المدارس، وكان السلطان يفضل المبيت في الباخرة السلطانية التي أقلته إلى الصعيد "أربيا" رغم وجود فنادق فخمة في الأقصر وقت الزيارة.

 

ووفق مرافق السلطان فإن يوم "فؤاد" كان يبدأ في الثامنة صباحًا بزيارة المناطق الأثرية وفي منتصف اليوم يقوم بزيارة المدارس أو المشروعات ويختم جولاته مع غروب الشمس في الخامسة مساءً، وكان الملك فؤاد حريصًا على أن تكون زيارة السلطانة ملك زوجة السلطان حسين كامل بقصرها، في أول يوم وصل فيه إلى الأقصر، بعد أوفدت مدير أعمالها "التشريفاتي" ليستقبله فور وصله إلى المدينة، وربما يدلل ذلك على التأثير الذي كانت تمتع به أرملة حسين كامل بين أفراد الأسرة العلوية.

في يوم الخميس 27 يناير زار السلطان فؤاد معبد الكرنك وطاف بأفنيته وأروقته، وتكشف هذه الزيارة عن فيضان وقع في سنة 1887، يقول موثق الزيارة السلطانية "شاهد عظمته على احد المداخل كتابة باللغة العربية على أحد المداخل بلون أسود فيضان سنة 1887 فوق خط أفقي وهي على ارتفاع يعلو قامة الرجل بكثير وإلى هذا الخط وصل الفيضان في السنة المذكورة".

 

وتكشف زيارة الكرنك عن أساليب الترميم القديمة والتي أجريت للمعبد لرفع الأعمدة التي سقطت والتي أسماها الطريقة الفرعونية.. "ورأي عظمته العمد الكثيرة التي سقطت قبل سنوات وأعادتها مصلحة الآثار إلى مواضعها بالطريقة الفرعونية القديمة وهي الردم حول الجزء الذي يبني وتعلية الردم كلما صعد البناء وقد عادت هذه الطريقة بالفوائد الهامة على المصلحة والأهالي عند أخد الأتربة لإجراء عملية الردم حول الأعمدة التي تقيمها، فقد كشفت آثار كثيرة في الجهات التي أخذت منها الأتربة، وقد استفاد الأهالي من هذه الأتربة بعمل الطوب النيئ بدونا احتياج لإفساد أراضيهم بأخذ التربة منها لهذا العمل".

 

وفي السياق نفسه أبرز مرافق السلطان إجراء وزير الأشغال لعلاج الرطوبة والمياه الجوفية من المعبد "ومما لوحظ على كثير من الأعمدة أنّ الرطوبة ضاربة فيها إلى علو لا يستهان به مما يهدد كيان الآثار ولحضرة صاحب المعالي وزير الأشغال رأي في تلافي هذا الخطر وهو حفر خندق كبير حوالي الآثار تتصرف فيه المياه التي تشبعت بها الأرض وتركب آلة رافعة على الخندق تنزح المياه أولا فأول".

 

كما أشار موثق الرحلة السلطانية إلى اكتشاف خبيئة الكرنك التي اكتشافها جورج ليجران ما بين عامي 1903 إلى 1907، أي قبل زيارة السلطان بحوالي 14 سنة، يقول "ولمّا فرغ عظمته من اختراق هذه الغابة من العمد الضخمة البالغ مساحتها عشرات الأفدنة شاهد البركة المقدسة وعلى مسافة قريبة منها منبسطا من الأرض عثرت فيها مصلحة

الآثار على دفائن من التماثيل يبلغ عددها ألفا وستمائة مكدسة بعضها على بعض ونقلت إلى المتحف بالقاهرة".

وأنهي السلطان زيارته للكرنك باعتلاء برجي المعبد لرؤية الأقصر من أعلي، ثم مر على طريق الكباش وهناك استمع لقصيدة من عبد الفتاح الجبالي الذي لم يذكر مرافق السلطان، صفته أو وظيفته.

 

وفي اليوم التالي 29 يناير، بدأ السلطان زيارة البر الغربي للمرة الثانية إلى وادي الملكات واستوقفه تمثالا ممنون وقصة الأصوات التي تصدر منهما.. "وكان في طريق عظمته إلى وادي الملكات صمنا ممنون القائمان وسط المزارع وهما تمثال أمنوفيس الثالث وكانا منصوبين في الزمن القديم على جانبي المعبد الذي تهدم فيما بعد ولم يبق منه  الآن إلا بعض قواعد الأعمدة لا تزال ظاهرة وسط المزارع شرع جناب مدير مصلحة الآثار يشرح لعظمته سبب الصوت الذي كان ينبعث من أحدهما وهو الذي على يمين الداخل إلى المعبد وذلك أن الجزء الأعلى من التمثال سقط على إثر زلزال فكان الندي فتخلل أثناء الليل بعض التجويفات الدقيقة التي داخل الحجر المكون لجزع التمثال فإذا ما أشرقت الشمس تبخر الندي بتأثير الحرارة من خلال هذه التجويفات ما يشبه الصفير فظنه الناس كلامًا وأطلقوا على هذين التمثالين اسم الأصنام المتكلمة ولجأوا إلى استشارتها ولكن عندما أعيد الجزء الذي سقط إلى موضعه الأصلي بطلت المعجزة وانتهي الكلام".

 

ثم سار ركب السلطان إلى وادي الملكات بالبر الغربي وزار مقبرة نفرتاري زوجة الملك رمسيس الثاني، وأثارت رسوم المقبرة إعجاب موثق الرحلة السلطانية وأسهب في وصفها "زار عظمته قبر الملكة  توفرتاري زوجة رمسيس الثاني من العائلة التاسعة عشر وقد رسمت الصور على جدران هذا المدفن بألوان زاهية وكأنها قد خرجت الآن من تحت يد الصانع من هذه الصور ما يمثل الملكة في أوضاع مختلفة بثوب شفاف قد عقد على وسطه حزام رفراف وعليها الحلي المتنوعة من أقراط وأساور وغيرها ومنها صورة الطائر المائي الذي يرمز به للروح وباقي صور كتاب الموتى ورسم الملكة وهي تلعب الضامة بأحجار تشبه قطع الشطرنج".

 

أيام السلطان في الأقصر .. حيلة «لاكاو الفرنسي» لإنارة مقبرة فرعونية «الحلقة الأولى»