رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أثر القرآن فى اللغة العربية (4)

بوابة الوفد الإلكترونية

< توحيد="" لهجات="" العربية:="">

بسبب انعزال القبائل عن بعضها، وضعف وسائل الاتصال بينها، بالإضافة إلى العلل الخِلقية المتصلة بالعملية اللغوية من سوء السمع وسوء الأداء؛ كان للعرب لهجات كثيرة متباينة؛ منها ما كان لأهل الحضر، ومنها ما كان لأهل البدو وما ببيئتهم من خشونة وجفاف، ومن الشواهد المشهورة لتباين اللهجات الأمثلة الآتية:

(أ) اختلاف هيئة النطق للكلمة الواحدة

وأوضح مثال لذلك هو ظاهرة الإمالة، وأشهر أمثلتها: «الضحى»، «سجى»، «قلى»، «دعا»، بإمالة الفتحة الأخيرة إلى كسرة، والألف التى بعدها إلى ياء فى الأمثلة السابقة. وللإمالة ألوان متنوعة يرجع إليها فى كتب القراءات واللغة.

(ب) اختلاف معانى الكلمات

روى أن أبا هريرة لما قدم من دَوْس عام خيبر لقى النبى وقد وقعت من يده السكين، فقال: «ناولنى السكين». فالتفت يمنة ويَسْرة ولم يفهم مراده، فكرر له القول وأشار إليها، فقال: آلمديةَ تريد؟ فقال: «نعم».

قال: أوَ تُسَمَّى عندكم سكينًا؟! ثم قال: والله لم أكن سمعتها إلا يومئذ.

فهذا شاهد على تعدد الدوالّ والمدلول واحد، فجاء القرآن الكريم يصطفى من لغة العرب ولهجاتها أفضلها، ليقدم للعرب لغة واحدة فصيحة ولهجة واحدة عذبة،

ولا يستعصى على أحد فهمها.

(جـ) اختلاف تركيب الكلمات

تحفل كتب اللغة بشواهد على تعدد أشكال الصياغة التركيبية للكلمات، فقضاعة مثلًا كانت تقلب الياء جيمًا إذا كانت ياء مشددة أو جاءت بعد العين، وهو ما أطلق عليه اللغويون: «عجعجة قضاعة»، ومن ذلك قول شاعرهم:

خالى عويفٌ وأبوعَلِجِّ المطعمان اللحم بالعَشِجِّ

يريد: أبوعلى، بدلًا من (أبوعلج)، وبالعشى بدلًا من (بالعشج).

وهناك أيضًا «الشنشنة» فى لغة اليمن؛ يجعلون الكاف شينًا مطلقًا؛ فبدلًا من أن يقول الرجل: لبَّيك، يقول: لبَّيش، و«العنعنة» فى لغة تميم وقيس؛ يجعلون الهمزة المبدوء بها عينًا يقولون: عِذَنْ أكرمك، بدلًا من: إذن أكرمك، و«الفحفحة» فى لغة هذيل؛ يقولون: علت العياة لكل عىّ، يريدون: حلت الحياة لكل حى، وبلهجتهم قرأ ابن مسعود: «عتى عين» فأرسل إليه سيدنا عمر-: إن القرآن لم ينزل بلغة هذيل، فأقرئ الناس بلغة قريش.

وهناك طمطمانية حمير؛ حيث كانت تنطق «ام» بدلًا من «الـ» للتعريف فى صدر الكلمة. ومن ذلك قول رسول الله: «ليس من امبر امصيام فى امسفر» والمراد: ليس من البر الصيام فى السفر، وغير ذلك كثير يرجع إليه فى كتب اللهجات.

ولقد أدى اختلاف هذه اللهجات وتباعدها إلى صعوبة الفهم بين القبائل، ويشهد لذلك قول علىٍّ ـ لرسول الله، وقد سمعه يخاطب بنى نهد فيمن وفد عليه من قبائل العرب عام الوفود: يا رسول الله، نحن بنو أب واحد، ونراك تكلم وفود العرب بما لم نفهم أكثره، فقال له النبى: «أدبنى ربى فأحسن تأديبى».

وواضح من الحديث أن النبى كان يخاطب كل قوم بلسانهم؛ كيما يفهموا.

(5) إثراء وتنمية اللغة العربية

لقد أضاف القرآن الكريم نموذجًا للتعبير بالعربية لم تعرفه العربية من قبل، نموذجًا له الخلود والبقاء

لا تمسه يد التغيير والتحريف.

لقد كانت العربية قبل نزول القرآن تُصَنَّف إلى شعر ونثر، فلما نزل القرآن صارت نماذج التعبير اللغوى فى العربية ثلاثة: قرآنًا، وشعرًا، ونثرًا.

ولا ينبغى أن يصنف القرآن تحت عنوان النثر؛ لأن القرآن ليس بنثر، ولا بشعر، إنه كلام رب العالمين.

كما استحدث القرآن الكريم أسماء جديدة، من ذلك ما يعرف بـ(الألفاظ الإسلامية) التى جاءت تعبيرًا عن المعانى الإيمانية الجديدة، التى لم يكن للعرب معرفة بها؛ من ذلك:

< الإيمان:="" كان="" بمعنى="" التصديق="" مطلقًا،="" ثم="" صار="" له="" المعنى="" الشرعى="" الذى="" حدده="" رسول="" الله="" فى="" الحديث:="" «أن="" تؤمن="" بالله="" وملائكته="" وكتبه="" ورسله="" واليوم="" الآخر،="" وتؤمن="" بالقدر="" خيره="">

< الكفر:="" كان="" بمعنى="" الستر="" مطلقًاً,="" ثم="" صار="" له="" المعنى="" الشرعى="" المعروف="" ومنه="" تعريف="" حجة="" الإسلام="" الغزالى="" بأنه:="" تكذيب="" الرسول="" فى="" شيء="" مما="" جاء="">

< الصلاة:="" كانت="" بمعنى="" الدعاء="" مطلقًا،="" ثم="" صار="" لها="" المعنى="" الشـرعى="" المعروف،="" من="" أفعال="" محددة="" وأقوال="" مخصوصة="" حددها="">

< الزكاة:="" كانت="" بمعنى="" النماء="" مطلقًا،="" ثم="" أصبح="" لها="" المعنى="" الشـرعى="" المعروف،="" وهو:="" القدر="" الواجب="" إخراجه="" لمستحقِّيه="" فى="" المال="" الذى="" بلغ="" نصابًا="" معينًا،="" بشروط="">

< الحج:="" كان="" بمعنى="" القصد="" مطلقًاً،="" ثم="" صار="" له="" المعنى="" الشـرعى="" المعروف،="" وهو:="" القصد="" إلى="" بيت="" الله="" الحرام؛="" لأداء="" أفعال="" مخصوصة="" نص="" عليها="" القرآن="" الكريم="" وبينتها="" السنة="" المطهرة،="" كالإحرام="" والطواف="" بالبيت،="" والسعى="" بين="" الصفا="" والمروة="" والوقوف="" بعرفة،="" ونحو="">

< المغفرة:="" كانت="" بمعنى:="" الستر="" مطلقًا،="" وأصبحت="" بمعنى:="" الصفح="">

كذلك الألفاظ الاصطلاحية التى نشأت فى رحاب العلوم الشرعية المرتبطة بالقرآن الكريم؛ مثل: التوحيد، الفقه، أصول الفقه، التفسير، النحو، الصـرف.. إلخ. ويوضح الإمام السيوطى فى «الإتقان» أن هناك أكثر من ستين علمًا من علوم العربية نشأت فى رحاب القرآن الكريم؛ للمحافظة عليه من اللحن من جانب، ومن جانب آخر لمحاولة فهمه والوقوف على أسرار معانيه.

والحديث موصول إن شاء الله تعالى.

[email protected]