سلمان الفارسي(9)
فارسي من أصفهان ,ابن ذهقان القرية، ومن شدة حب أبيه له حبسه فى المنزل ومنعه من الخروج، وكان متديناً بالدين المجوسى ومن شدة مكانته وعلوها كان هو «قطن النار» أى من يوقد النار. وذات يوم مر من أمام كنيسة للنصارى، وسمع أصواتاً منها، حيث كان الناس فيها يصلون، فاندهش من هذه الصلاة، فلم يكن يعرفها، وذلك بسبب حبس أبيه له، فأعجب بالصلاة، وقضى وقتاً طويلاً بالكنيسة، فلما رجع إلى بيته أخبر أباه بما رأى وأخبره بنيته باعتناق هذا الدين، فرفض أبوه الفكرة، فأصر سلمان، فربطه أبوه وقيده حتى لا يخرج, وكان قد سأل من رآهم فى الكنيسة عن أصل دينهم فأخبروه أنه فى الشام، فطلب منهم أن يبعثوا إليه عندما يقدم وفد عليهم من الشام. وفعلاً قدم وفد من الشام وعلم بقدومهم واستطاع الإفلات وهرب من حبسه معهم, وصل سلمان إلى الشام، وسأل عن أفضل عالم بهذا الدين، فدلوه على أسقف نصراني، فأخبره بنيته باعتناق دينه، وبنيته أن يخدمه ويتعلم منه تعاليم هذا الدين, وفعلاً بدأ سلمان يتعلم من هذا الأسقف، وعلى عكس المتوقع فقد كان هذا الأسقف رجلاً سيئاً لصاً محتالاً يأخذ أموال الناس بالباطل وباسم الدين ,فكرهه سلمان لأفعاله المشينة.
وتخبط سلمان حتى بعث محمد فى مكة، وهاجر إلى المدينة، فبينما كان يعمل إذ سمع رجلاً يشتم الأنصار بسبب اجتماعهم مع رجل قدم من مكة معتقدين أنه نبى مرسل من الله، ولقد سمع سلمان هذا القول وأقبل على هذا الرجل الذى سمع منه هذا الكلام وأمسكه وهزه وهو يقول له: ماذا تقول؟ أعد ماذا قلت؟ فضربه سيده ضربة قوية بسبب غضبه من تصرف سلمان آنذاك.
وعندما جاء الليل جمع ما جمعه من طعام وأخذه وذهب به ليقابل النبى ، وكان فى نية سلمان أن يتأكد من العلامات التى قيلت له عنه، فجلس بين يدى رسول الله أول مرة، وبدأ باختباره والتأكد من العلامات، فقدم إليه الطعام على أنه صدقة، وبرر له ذلك بأنه أراد أن يطعمه
وهكذا تحرر سلمان من العبودية، وانطلق ساعياً فى رحلة حياته الجديدة.