عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

استجماع للنفس لا عزلة

بوابة الوفد الإلكترونية

من العبادات التى تُشرَع فى هذا الشهر الكريم- خاصة فى العشر الأواخر منه- الاعتكاف؛ وهو الجلوس فى المسجد على صفة مخصوصة بنية التقرب إلى الله تعالى.

ولاشك أن الاعكتاف يساعد النفس على السمو والارتقاء؛ لأنه يقطع عنها الشواغل، ويجعلها أكثر تفرغًا للعبادة، وأكثر إقبالاً عليها.. وقد كان النبى صلى الله عليه «يعتكف فى كل رمضان عشرة أيام؛ فلما كان العام الذى قُبض فيه اعتكف عشرين يومًا»، كما روى البخارى عن أبى هريرة.

الاعتكاف يجعل المسلم ملازمًا للمسجد الذى هو «بيت الله»، فالمعتكف فى ضيافة الرحمن.. ويجعله أيضًا يبتعد بعض الشيء عن بيته، وما يألفه فيه من وسائل الراحة؛ فكأنما الاعتكاف تذكيرٌ بالرحيل الذى لابد منه عن الحياة، وتنبيهٌ إلى الفراق المحتوم لمن نحب؛ فهو تدريب عملى على هذه المعانى التى ينبغى ألا تغيب عن الأذهان؛ إذ فى غيابها فساد للقلب، وانحراف للبوصلة عن المسار الصحيح.

ونريد هنا أن نلفت النظر إلى معنى يتصل بالمغزى الأساسى من الاعتكاف؛ فقد يظن البعض أن

الاعتكاف نوع من الانعزال عن الحياة.. ويتساءل: كيف يستقيم هذا الانعزال مع ما هو ثابت من أن الإسلام متصالح مع الحياة ولا يخاصمها، ويدعو إلى عمارتها لا إلى الابتعاد عنها؟

ونقول: إن الاعتكاف استجماع للنفس لا عزلة عن الحياة، وتكثيف للعبادة فى أيام محدودة تشحذ الهمة، وتمد الإنسان بالطاقة لما بعده (بما يشبه معسكرات التدريب).. ولو كان الاعتكاف انعزالاً تامًا عن الحياة، لكان من الجائز أن يكون فى البيت لا فى المسجد؛ لكن الاعتكاف يكون فى المسجد، أى بين الناس، لا بعيدًا عنهم!

وما أحوجنا لاستجماع النفس، وترتيب الأوراق، وإعادة النظر فيما نقول ونفعل.. وليس شيء يعين على ذلك مثل الاعتكاف.