رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دور الصيام فى تنمية المسلم

بوابة الوفد الإلكترونية

تمثل فريضة الصيام فى تكوينها المادى- إن صح التعبير- الإمساك عن الطعام والشراب وبعض الملذات الخاصة، وتمثل فى مدلولها الروحى، العمل الذى يأتى به الإنسان متقرباً إلى الله، فى ما تعنيه عبادية العمل من انطلاقة من معنى التقرب به إلى الله.

فإذا وحدنا بين الجانب المادى والروحى، كانت النتائج الحاسمة: يقظة روحية متحركة فى داخل الإرادة وإرادة ثابتة قوية فى حركة الروح، ما يوحى للإنسان بالمراقبة الدائمة لخطواته العملية، ومشاعره الذاتية وأفكاره الخاصة، من خلال ما تحققه المراقبة اليومية فى مسألة الملذات العادية التى يريد أن يحفظ نفسه من ممارستها، فإن الالتزام بالكف عنها على أساس هدف القرب من الله، يعمق فى الذات بشكل متحرك معنى القرب من الله كعنصر أساس من العناصر الحية من غايات الإنسان فى الحياة، وهو ما ينعكس إيجابياً على كل جوانب شخصيته الأخرى فى الفكر والشعور والعمل، لأن القاعدة الثابتة واحدة فى ذلك كله، فالإنسان لا يمكن أن يحقق القرب من الله فى حياته إلا إذا تحول كيانه إلى حركة دائبة شاملة فى هذا الاتجاه فى جميع المجالات العملية التى يستهدفها فى الحياة.

وهذا ما تعمل التربية الإسلامية الهادفة على تحقيقه فى عملية تدريب الإنسان المسلم، عندما توجه كل اهتماماته نحو الله، باعتبار أنه غاية الغايات، فلا يتحرك الإنسان إلا من خلاله، على أساس الشعور الحميم العميق بالخوف منه أو المحبة له.. وهذا هو معنى العبودية فى ما تعنيه من الخضوع المطلق لله، فى كل منطلقاته وتطلعاته، وذلك هو سر التوحيد الإسلامى الذى يمثل وحدة الدرب والهدف من خلال وحدة الخالق فى ما يوحيه لنا قوله تعالى: «إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون» «فصلت: 30». وقوله تعالى: «قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا

أول المسلمين».. «الانعام: 162 - 163».

وقد يستطيع الصيام، فى مدلوله الإنسانى، أن يحوك الجانب الاجتماعى فى شخصية المسلم، وذلك من خلال بعض المشاعر الذاتية التى يعيش فيها الشعور بالجوع والحرمان فى ظروف اقتصادية صعبة، ليثير فى نفسه الاحساس بالمسئولية فى الخروج من هذا الواقع الذى يفرض مثل هذه المشكلات والآلام، فيتحرك تبعاً لذلك، من أجل المواجهة العملية للواقع، بالجهد الفردى تارة، أو بالجهد الجماعى أخرى، أو بالتحرك السياسى المتجه نحو التغيير فى حالة ثالثة.

وقد يثير الصيام مشاعر الإنسان فى الأجواء الروحية نحو أفق أبعد، فينتقل من الشعور بالجوع والحرمان إلى ما ينتظره فى يوم القيامة من جوع وعطش، عندما يطول وقوفه بين يدى الله على أساس الأعمال المنحرفة التى تنتظر من خلالها الحسابات الدقيقة الطويلة، فيعمل فى الدنيا ليخفف عن نفسه هذا الموقف الطويل، لما يتراجع فيه من خطوات، وما يصحح من أخطاء، وما يتحرك نحوه من مشاريع وأهداف، وهذا ما عالجه النبى صلى الله عليه وسلم فى بداية خطبته التى استقبل بها شهر رمضان المبارك: «واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعشطه».

وهكذا نجد فى الصيام مجالاً واسعًا للانطلاق إلى آفاق متنوعة واسعة فى ما يريد الله للإنسان أن يعيشه من آفاق الخير والتقوى والصلاح.