الاستماع للقرآن الكريم
من عجائب القرآن الكريم أن قراءته لها أثر، وتدبره له أثر، وسماعه أيضًا له أثر.. وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم، وهو من أُنزل عليه القرآن، حريصًا على أن يسمع القرآن من غيره!
عن عبدالله بن مسعود قال: «قال لى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأْ عليّ»، قلتُ: أَقرأُ عليك وعليك أُنزل؟ قال: «إنى أحبُّ أنْ أسمعَه من غيري»، فقرأتُ سورة النساء، حتى أتيتُ إلى هذه الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} (النساء: 41). قال: «حَسْبُك الآن»؛ فالْتَفَتُّ إليه، فإذا عيناه تذرفان» (متفق عليه).
وفى الحكمة من طلب النبى صلى الله عليه وسلم، قال ابن بطال: «يحتمل أن يكون أحب أن يسمعه من غيره ليكون عَرْضُ القرآن سُنة؛ ويحتمل أن يكون لكى يتدبره ويتفهمه، وذلك أن المستمع أقوى على التدبر ونفسه أخلى وأنشط لذلك من القارئ لاشتغاله بالقراءة وأحكامها».
ولا شك أن الاستماع للقرآن بصوتٍ ندى، يكون أدعى للخشوع وللتدبر؛
وحسنًا ما تفعله إذاعة القرآن الكريم من إذاعة تسجيلات لكبار القراء، خاصة قبيل المغرب والنفوس فى حالة خشوع تنتظر الأذان.. إن هذه التلاوات فى هذا الوقت يكون لها مذاق خاص.
لقد ميز الله تعالى مصر بقراء للقرآن الكريم أحسنوا تلاوته بأصوات ندية خاشعة، وكانوا خير سفراء لمصر فى العالم.. يكفى أن نذكر منهم الشيخ محمد عبدالعزيز حصان الذى كان عبقريًّا فى أدائه: وَقْفًا وابتداءً، وجعل لكل كلمة من القرآن معنىً بأدائه الخاشع الذكى.. رحمهم الله تعالى جميعًا.