رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أبوحنيفة النعمان

بوابة الوفد الإلكترونية

أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي فقيه وعالم مسلم، وأول الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الحنفى فى الفقه الإسلامي. اشتهر بعلمه الغزير وأخلاقه الحسنة، حتى قال فيه الإمام الشافعي: «من أراد أن يتبحَّر فى الفقه فهو عيال على أبى حنيفة»، ويُعد أبو حنيفة من التابعين، فقد لقى عدداً من الصحابة منهم أنس بن مالك، وكان معروفاً بالورع وكثرة العبادة والوقار والإخلاص وقوة الشخصية. كان أبو حنيفة يعتمد فى فقهه على ستة مصادر هي: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، والقياس، والاستحسان، والعُرف والعادة. وُلد أبو حنيفة بالكوفة ونشأ فيها، وقد كانت الكوفة إحدى مدن العراق العظيمة، ينتشر فيها العلماء أصحاب المذاهب والديانات المختلفة، وقد نشأ أبو حنيفة فى هذه البيئة الغنية بالعلم والعلماء، فابتدأ منذ الصبا يجادل مع المجادلين، ولكنه كان منصرفاً إلى مهنة التجارة، فأبوه وجده كانا تاجرين، ثم انصرف إلى طلب العلم، وصار يختلف إلى حلقات العلماء، واتجه إلى دراسة الفقه بعد أن استعرض العلوم المعروفة فى ذلك العصر، ولزم شيخه حماد بن أبى سليمان يتعلم منه الفقه حتى مات حماد سنة 120 هـ، فتولى أبو حنيفة رئاسة حلقة شيخه حماد بمسجد الكوفة، وأخذ يدارس تلاميذه ما يُعرض له من فتاوى، حتى وَضع تلك الطريقةَ الفقهيةَ التى اشتُق منها المذهب الحنفي.

وقعت بالإمام أبى حنيفة محنتان، المحنة الأولى فى عصر الدولة الأموية، وسببها أنه وقف مع ثورة الإمام زيد بن علي، ورفض أن يعمل عند والى الكوفة يزيد بن عمر بن هبيرة، فحبسه الوالى وضربه، وانتهت المحنة بخروجه إلى مكة عام 130 هـ، وظل مقيماً بها حتى صارت الخلافة للعباسيين، فقدم الكوفة فى زمن الخليفة العباسى أبى جعفر المنصور. أما المحنة الثانية فكانت فى عصر الدولة العباسية، وسببها أنه وقف مع ثورة الإمام محمد النفس الزكية، وكان يجهر بمخالفة المنصور فى غاياته عندما يستفتيه، وعندما دعاه أبو جعفر المنصور ليتولى القضاء امتنع، فطلب منه أن يكون قاضى القضاة فامتنع، فحبسه إلى أن توفى فى بغداد سنة 150.

انصرف أبوحنيفة إلى العلم بعد نصيحة الشعبي، وصار يختلف إلى حلقات العلماء، وكانت حلقات العلم فى ذلك العصر ثلاثة أنواع: حلقات للمذاكرة فى أصول العقائد، وهذا ما كان يخوض فيه أهل الفرق المختلفة، وحلقات لمذاكرة الأحاديث النبوية وروايتها، وحلقات لاستنباط الفقه من الكتاب والسنة، والفتيا فيما يقع من الحوادث.

وتثقف أبوحنيفة إذن بالثقافة الإسلامية كلها التى كانت فى عصره، فقد حفظ القرآن على قراءة عاصم، وعرف قدراً من الحديث، وقدراً من النحو والأدب والشعر، وجادل الفرق المختلفة فى مسائل الاعتقاد وما يتصل به، وكان يرحل لهذه المناقشة إلى البصرة، وكان يمكث بها أحياناً سنةً لذلك الجدل، ثم انصرف بعد

ذلك إلى الفقه واتجه إلى دراسة الفتيا على المشايخ الكبار الذين كانوا فى عصره، ولزم واحداً منهم، أخذ عنه وتخرج عليه، ولقد كانت الكوفة فى عهده موطن فقهاء العراق، كما كانت البصرة موطن الفرق المختلفة، ومن كانوا يخوضون فى أصول الاعتقاد، وقد كانت تلك البيئة الفكرية لها أثرها فى نفسه، حتى قال: «كنت فى معدن العلم والفقه، فجالست أهله ولزمت فقيهاً من فقهائهم».

ولزم أبو حنيفة حماد بن أبى سليمان، وتخرج عليه فى الفقه، واستقر معه إلى أن مات، وإن حماداً قد مات فى سنة 120هـ، فكأنه مات وأبو حنيفة فى الأربعين من عمره، وعلى ذلك فإن أبا حنيفة لم يستقل بالدراسة إلا وهو فى سن الأربعين.

رُوى عن الإمام أبى حنيفة أنه قال: آخذ بكتاب الله تعالى، فإن لم أجد فبسنة رسول الله، فإن لم أجد فى كتاب الله ولا فى سنة رسول الله أخذت بقول الصحابة، آخذ بقول من شئت منهم وأدع قول من شئت منهم، ولا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبى وابن سيرين والحسن وعطاء وسعيد بن المسيب - وعدَّد رجالاً- فقوم اجتهدوا، فاجتهد كما اجتهدوا.

نشأ أبوحنيفة فى بيت من بيوت أهل اليسار والغنى، فأبوه وجده كانا تاجرين، ويغلب على الظن أن تجارتهما كانت فى الخز (وهو نوع من الأقمشة)، وهى تجارة تدر على صاحبها الخير الوفير، وأخذ أبو حنيفة عنهما هذه التجارة.

وقد كانت تجارة أبى حنيفة تدر عليه الدر الوفير، ويُروى أنه كان يجمع الأرباح عنده من سنة إلى سنة، فيشترى بها حوائجَ المشايخ والمحدثين وأقواتَهم وكسوتَهم وجميعَ حوائجهم، ثم يدفع باقى الدنانير من الأرباح إليهم، فيقول: أنفقوا فى حوائجكم، ولا تحمدوا إلا الله، فإنى ما أعطيتكم من مالى شيئاً، ولكن من فضل الله علىّ فيكم.