رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إصلاح المؤسسات التربوية ضرورة لتحقيق نهضة مصر

بوابة الوفد الإلكترونية

مناهج الدراسة فى الغرب تضم مغالطات خطيرة زرعت الخوف من الإسلام

 يجب على الدعاة فتح أبواب الأمل وسد منافذ اليأس فى وجوه الناس

 

الدكتور أحمد على سليمان، كاتب وداعية وأكاديمي، عضو اتحاد كُتَّاب مصر وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وعضو اتحاد المؤرخين العرب، يسعى بإمكاناته ومواهبه التى وهبها الله إياه أن يبلور مشروعًا نهضويا إنسانيًّا منفتحًا على الآخر، يرتكز على المشترك الإنسانى والثقافي، ويتلاقى فيه بنو الإنسان على الخير والمحبة والسلام.. ويستند فى دعوته وأفكاره إلى الواقع الذى يعيشه مسقطا عليه مبادئ دينه وقيم عقيدته.

وُلِد «سليمان» بمحافظة الغربية عام 1974م، وتخرج فى قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية جامعة الأزهر بتقدير عام جيد جدًّا، وحصل على الماجستير فى أصول التربية الإسلامية بتقدير ممتاز، ثم الدكتوراه فى أصول التربية.. وقدَّم للمكتبة العربية والإسلامية دراسات وبحوثًا رصينة فى الفكر الإسلامى والفكر التربوي، تسهم فى استقراء الواقع بدقة، وتصف العلاج الناجع لعدد من مشكلات العالم الإسلامى والتحديات التى تواجهه... وتتويجا لجهوده العلمية والدعوية أُوفد إلى كثير من دول الغرب وقارة أستراليا؛ للدعوة إلى الله والتعريف بالإسلام، وقدم أنموذجًا دعويًّا حضاريًّا للداعية المعاصر، واختير لتدريب الأئمة المتميزين فى معسكر أبى بكر الصديق بوزارة الأوقاف.. ومع كثرة مشاغله حافظ على وشائج التواصل مع رابطة الجامعات الإسلامية التى عمل بها مدة طويلة..  «الوفد» التقت به فكان هذا الحوار.

< فى="" البداية ="" الداعية="" المعاصر="" الذى="" تنشده="" أمتنا..="" ما="" تصوركم="" له="" فضيلة="">

< هناك="" مجموعة="" من="" السمات="" والصفات="" أنشدها="" فى="" الداعية="" المعاصر،="" ومن="">

- يوقن بأن العقل شريك النص فى معرفة الحقائق.

- يداوم على التدريب والتعلم المستمر مدى الحياة.

- يحرص على أن يكون فى مكونِه المعرفى جديد كل يوم.

- يؤمن بأن رسالته فى الدنيا هى إحداث الإصلاح والتصالح والتسامح وإعمار الكون والنفس وإسعاد الحياة.

- يؤمن بأنه لا بد أن يكون قدوة حسنة طيبة، مأمونًا فى دينه وعقيدته، ورعًا تقيًّا نقيًّا مهذبًا نبيهًا مُهابًا فى قومه، زاهدًا متواضعًا، ومطلعًا على عدد من الثقافات.

- يبتعد عن الفتوى بغير علم؛ لأن أمر الفتوى خطير، فقد تعلمنا من أستاذنا الدكتور إبراهيم أبو محمد «أنه لا يكفى لسلامة الفتوى مجرد حفظ النصوص والقذف بها فى وجوه الآخرين على أنها أدلة دامغة، إنما لا بد من معرفة الواقع والأبعاد والملابسات والظروف المختلفة والآثار المترتبة على هذه الفتوى، فالفتوى قبل وقوع الفعل، غير الفتوى بعد وقوع الفعل، والفتوى قبل وقوع البلاء غير الفتوى بعد وقوع البلاء».

- أن يكون على اطلاع جيد بالديانتين اليهودية والمسيحية، وبالعقائد الدينية الأخرى ذات الأثر فى المجتمعات المعاصرة، وعلى دراية بعلوم النفس والاجتماع والأنثروبولوجيا والأيديولوجيات والفلسفات السائدة، والواقع السياسى والاقتصادى فى العالم المعاصر.

- يدرك معنى تنزيل النصوص الدينية والأحكام الشرعية إلى أرض الواقع، وتحويلها إلى سلوكيات رشيدة ومنهج حياة، وضرورة تنظيم ورش عمل نافعة للبلاد والعباد فى المساجد والمراكز والمنتديات مع الشباب والجماهير لبناء الشخصية الوطنية التى تسهم فى تقدم الدول، والحفاظ على هويتها، ودراسة شتى القضايا التى تمس المشكلات الحياتية.

- يأخذ طريقه إلى الأفئدة والقلوب بلباقة ورفق وحكمة، ويُشرِّع أبواب الأمل على مصراعيها فى وجوه الناس.. ويغلق أبواب اليأس والقنوط، حيث يمكن لشخص بكلمة واحدة أن يوصد بها أبواب الأمل أمام رجلٍ بائس فتدفعه إلى الانتحار المادى أو المعنوي، كما يمكن بكلمة واحدة أن تنقله من حالة اليأس إلى ساحة الرضا والرجاء وتفتح أمامه أبواب رحمة الله الواسعة.

ـ يدرب الناس على التأمل الدائم فى الكتابين، كتاب الله المسطور، وكتابه المنظور.

 ** باتت وسائل التواصل الاجتماعى تؤثر تأثيرًا مباشرًا فى الوعى والاتجاهات والأحداث بل وفى صناعة القرار وفى فرض الثقافات، الأمر الذى حيّر المربين فى كيفية التعامل معها.. نريد معرفة رأى فضيلتكم؟ 

* شبكات السوشيال ميديا لها أهمية بالغة فى حياة الإنسان المعاصر؛ فهى منصات ومطلات حرة للحوار مع العالم والاطلاع على أفكار الحضارات الأخرى وثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم وعقائدهم، بما يسهم فى تقريب الهوة الثقافية بين الحضارات والشعوب، والتفاعل والتقارب الحضاري، والقضاء على فكرة صدام الحضارات التى أرّقت العالم عقودا من الزمان، وهى فرصة للمجتمعات المسلمة أن تقدم نفسها للعالم من أجل نشر دعوة الخير فى كل مكان.

ومن الواضح أنها أسهمت فى إثراء المعرفة الإنسانية بشكل لم يسبق له مثيل، وهى أيضًا منبر للرأى والرأى الآخر تُعلّم الشباب الاختلاف وتقبل الآخر، وتزيد من تقارب العائلة الواحدة، كما تقدم فرصة رائعة لإعادة روابط الصداقات القديمة، ومن أهم فوائد مواقع التواصل الاجتماعى استخدامها فى أعمال الخير، وتعلم لغات جديدة. كما سبقت الفضائيات فى نشر الأحداث المهمة لحظة وقوعها، بل قادت الناس للقيام بأكبر عملية تواصل اجتماعى فى التاريخ الإنساني، وعلى الرغم من ذلك كله فإن لها أضرارا شتى، تتمثل فى التأثير السلبى على الهوية من خلال الوافد العاتي، وتؤثر على اللغة العربية، وتنتشر من خلالها المعلومات غير الموثقة والخرافات والشائعات، ناهيك عن تضييع الوقت أمامها... إلخ.

وأنتهز هذه السانحة لأؤكد أننا فى حاجة ماسة إلى مقررات فى التربية الإعلامية من أجل تقوية الجهاز المناعى والحصانة الفكرية والسلوكية لشباب الأمة لمواجهة أساليب الاختراق وتحديات الإعلام الجديد، وأدعو إلى الاستخدام الرشيد لمواقع التواصل الاجتماعي، وعدم إضاعة الوقت أمامها، وتوظيفها فى نشر العلم النافع والثقافة التى ترسخ الجانب الإيمانى والاجتماعي، وجعلها ساحة لنشر دعوة الخير للعالمين.

** انتشرت فى العقود الأخيرة عمليات قتل عنصرية ممنهجة طالت المسلمين وغير المسلمين وكلما هدأت النيران وُجد من يُشعلها.. ما وجهة نظركم لاحتواء هذه الأعمال العدوانية؟

* الواجب علينا نحن المسلمين أن نفهم جيدًا طبيعة العلاقة بين المسلمين والأوروبيين؛ ذلك لأن المجتمع الغربى يغلب عليه الطابع العلمانى الذى يعتقد أنه لا توجد حاجة لوجود دين..!!، كما يعتقدون أيضًا أن التطور الذى سيحدث بعد ذلك فى أوروبا ينبئ بأنه لن يكون ثمة حاجة للدين بصفة عامة، ويشعرون بإشكالية تؤرقهم وتتبلور فى أنه مع قدوم المسلمين من الدول الأخرى، أصبح هناك بعض التغير فى المجتمع الأوروبي، وليس فقط من الإسلام، فهناك جماعات من المسيحيين قدمت أيضًا من إفريقيا وغيرها، وهناك مبادئ لإحياء المبادئ الدينية الموجودة لدى القدماء.. وهذا يعنى أن المشكلات الخاصة بالدين أصبحت حاليا تحت الأضواء فى أوروبا.. ومع ازدياد عدد المسلمين فى أوروبا أمسى هناك شعور بأن الدين لم يذهب للأبد، بل أصبح هناك نوع من الشعور بالإحياء الديني.

وقد أتى عليهم من الخارج دين قوى له معتقداته وأفكاره، وهم يعتقدون أن هذه القضية تهدد أيديولوجيتهم ومستقبلهم وحريتهم وهذه هى أهم مخاوفهم.. ويمكن إذابة هذه المخاوف من خلال استراتيجية متكاملة للتعريف بالإسلام ترتكز على الحوار، وتجديد خطابنا للغرب؛ بحيث يكون مبنيًا وبإحكام على المنهج العلمى والمنطق، ومنطلقًا من فقه الواقع ومراعيا لأيديولوجيات الدول الغربية وفلسفاتها السائدة، والتواصل مع مجتمع الجاليات لسد حاجاتها وتوجيههم إلى الأداء الحضارى المتميز، والتعاون العالمى لنشر ثقافة التعايش، وسن القوانين الدولية لمنع ازدراء الأديان والمقدسات، وإدارة الأزمات بالمنهجية العلمية.

* فضيلة الدكتور: انتشرت فى الآونة الأخيرة ظاهرة خطرة جدا وهى «الإسلاموفوبيا» كيف نشأت وترعرعت وكيف نواجهها؟

ـ  إن المكون المعرفى للغربيين من خلال الإعلام المزور، ومن خلال الأخطاء الواردة فى الكتب الدراسية الغربية أسهم فى هذه القضية بشكل كبير جدا.  وقد بُحَّ صوتنا وصوت مؤسسات إسلامية كثيرة من أجل تنقية الكتب الدراسية التى تدرس للطلاب فى الغرب خصوصًا كتب التاريخ، التى تشتمل على مغالطات كثيرة عن الإسلام، والتى أسهمت فى زرع الخوف من الإسلام والمسلمين، وتجذير الكراهية فى نفوس النشء الغربي، وكان مما ترتب على ذلك انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا - ولعل الأحداث الإرهابية الأخيرة فى نيوزيلندا وغيرها من تداعيات ذلك - ومن هذه المغالطات التى لن يغفرها لهم التاريخ: الأحكام المسبقة، والتفسيرات المشوهة عن العرب والمسلمين، وتجريد الحضارة الإسلامية من منجزاتها الإنسانية، وقلب الحقائق التاريخية ومن بينها ما يتعلق بالحروب الصليبية والقدس وغيرها، وخلط بين القرآن الكريم والسنة، وذكر قصص أسطورية أقرب للخيال منها إلى الحقيقة، ولا نجد لها أصلا فى المراجع التاريخية، وغيرها كثير، وما زلنا نطالب بالتعديل، خصوصًا أن هذه الكتب الدراسية عمل بشرى قابل للحذف والإضافة والتعديل والتبديل والتصويب والشرح، ولكن من دون جدوى، وسنظل نطالب بالتعديل ولن نيأس حتى يتم التعديل.

‎ ** وماذا عن استقرائكم وتقييمكم لمجزرة المسجدين فى  نيوزيلندا التى جرت وقائعها مؤخراً؟

* نحن ندين العنف فى كل مكان، وهذا الحادث الإرهابى الذى استهدف المسجدين فى مدينة كرايست تشيرتش بنيوزيلندا، قد أدمى قلوبنا وقلوب الأحرار فى العالم، وستظل مشاهده الرهيبة عالقة فى ذاكرة التاريخ.. ومن المحن تأتى المنح، وهنا يجب أن نشيد برئيسة وزراء نيوزيلندا السيدة «جاسيندا أرديرن» التى حفرت اسمها بشكل غائر فى سجلات الخالدين، وأسست لقواعد جديدة فى العيش المشترك والمساواة، وأبدعت فى إدارة التاريخ والجغرافيا وإدارة العقول والقلوب والوجدان العام، وفى تحويل الأزمة إلى مبادئ عالمية للعيش المشترك.. حيث أقامت جنازة رسمية وشعبية مهيبة للشهداء وكانت على رأس المشيعين للشهداء، وارتدت الحجاب، وصلَّت على النبى عليه الصلاة والسلام واقتبست أمام العالم والتاريخ من كلامه الشريف، وأذاعت الأذان فى كل مكان، وافتتحت البرلمان بالقرآن، وقررت عدم ذكر اسم الإرهابي، وأوقفت شعبها حدادا على الشهداء، وعبَّأت وطنها وأحرار العالم حزنا عليهم، ونشرت ثقافة الاعتذار الصريح والمتكرر عن المجزرة، وعن تأخير الدفن لأسباب طبية وقانونية، وأوغلت فى تنفيذ كل مطالب المسلمين (مقبرة جماعية، جنازة جماعية ضخمة، وحشد عالمى لإحداث النكير العام للمجزرة البشعة والرهيبة)، وحظرت اقتناء الأسلحة، وبدأت فى جمع أسلحة المواطنين، وقررت سنّ قانون عاجل يحظر على المواطنين اقتناء الأسلحة نصف الآلية

وما فوقها، وكذلك حظرت تصنيعها، وأدت صلاة الجمعة مع المسلمين، ودعت نساء بلدها لارتداء الحجاب اليوم الجمعة تضامنا مع المسلمين، كل ذلك حزنا على الشهداء والمصابين وجبرا لخواطر ذويهم وخواطر المسلمين فى كل مكان.

** لكم دراسة بعنوان «أطلس الأوقاف المصرية.. مضبطة لإدارة حق الفقراء»، حدثنا عن مردود هذا المشروع على أرض الواقع؟

* لقد طبَّق الرسولُ الكريم (صلى الله عليه وسلم) الوقفَ مبكرًا، منذ أوائل عهد الدعوة؛ بهدف إيجاد مصادر دائمة وثابتة للدخل القومي، وتأمين الإنفاق منه على أعمال البر وعلى المصالح العامة فى بلاد الإسلام.. ثم توسع الخلفاء الراشدون فى تطبيقاته، وتفنن المسلمون من بعدهم فى تخصيص أوقافهم وتوجيهها؛ لخدمة الفرد والمجتمع والإنسانية، حتى بلغت الأوقاف ما لا يخطر على بال إنسان، فلم يترك المسلمون صغيرة ولا كبيرة من الحاجات الأساسية للمجتمع الإنسانى إلا ووقفوا عليها ما يسد خلتها ويدفع بها إلى الأمام، وبما يساعد على خلق مجتمع مترابط ومتعاون تسوده المودة والرحمة والتآلف بين الناس.

ونظرا لأن الأشياء الموقوفة فى مصر وفى غيرها كثيرة جدا، ومترامية الأطراف، وتشمل الأطيان والأعيان والمبانى السكنية والتجارية والإدارية، والحوانيت والمشافى والمدارس وغيرها من الأوقاف الثابتة، إضافة إلى الأوقاف المنقولة، ونظرا لمرور عقود طويلة تعرضت فيها لإهمال وتحرش، نظرًا لكل ذلك، فقد أنجزت وزارة الأوقاف هذا المشروع الضخم الذى يسمى أطلس الأوقاف المصرية لحصر هذه الأوقاف وتحديدها بدقة وبجلاء، ولتكون فى مأمن من اللصوص وأصحاب الحيل؛ ولتبقى هذه الأوقاف مهابة ومعظمة ومصانة تحت سلطان الدولة.

وهذا المشروع الضخم الذى أشرف عليه وزير الأوقاف الدكتور مختار جمعة، من شأنه تعظيم الاستفادة من هذه الأوقاف، فبعد أن تم تحصينها بقوة سلطان الدولة (واقعيا) وبسط حمايتها على أرض الواقع، و(توثيقيًّا) بحفظ وثائقها فى أماكن آمنة ومؤسسات حكومية متخصصة، تأتى مرحلة الاستثمار الأمثل لهذه الأمانات، لتأتى بريع متعاظم يوما بعد يوم، ومن ثم زيادة سبل الإنفاق ومضاعفته على أنشطة الدعوة وأعمال البر، وغيره مما سطَّره الواقفون فى حجج أوقافهم تحقيقًا وتطبيقا للقاعدة الفقهية (شرط الواقف كشرع الشارع). 

** تنتشر فى مجتمعنا ظاهرة أو خطيئة -إن صحّ التعبير- وهى الإسراف فى استخدام الماء.. بماذا تنصح القارئ وبخاصة أننا مقبلون على فصل الصيف؟

* حارب الإسلام الإسراف فى الماء حتى ولو كان الإنسان على نهرٍ جارٍ، ونهى عن تلويثه بأى صورة من الصور، وحذر من الإسراف فى زراعة نباتات الزينة - التى تستنزف كميات كبيرة من الماء الصالح للبشر- فى حالة احتياج الأمة إلى الماء والغذاء، كما جعل علاقة جليلة بين الماء والعبادة لترسيخ السلام الروحى والنفسى للإنسان، ولقد أبدعت الحضارة الإسلامية فى عصرها الزاهر والعلماء المسلمون فى استثمار المياه بصورة فريدة، ومواجهة مشكلات المياه قبل حدوثها، وسبقوا العالم كله فى اكتشاف أماكن المياه الجوفية، ومعرفة أماكنها على وجه الدقة بالاستدلال على وجودها بوجود نباتات معينة وحيوانات معينة وأحجار معينة، وبما يفوق الأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار عن بُعد حاليًا والتى تعطى مؤشرات فقط عن وجود شقوق معينة قد تحوى مياه جوفية وقد لا تحوي. وهنا لابد أن نؤكد أن الإسلام حرَّم الإسراف فى الماء وحرَّم تلويث الماء بأى صورة من الصور، وجعل الناس شركاء فيه، ومن هنا يلزم أن نحافظ عليه ونعامله بأسمى وأرقى درجات الرشد الحضاري.

** باعتباركم خبيرا تربويا.. أين مكمن الداء فى مؤسساتنا التربوية؟

*علينا أن نوقن أن إصلاح المؤسسات التربوية ضرورة حياتية لتحقيق النهضة المنشودة لمصرنا الغالية ولعالمنا الإسلامي، ومن ثم فلابد من وضع أيدينا على مكمن الداء، ويمكن المضى فى إصلاح المؤسسات التربوية وإيجاد المناخ المحفز للتعلم والإبداع، وتكوين المواطن الصالح، من خلال إيجاد مناخ داعم وبيئة محفزة على التعليم والتعلم والإبداع، فلا إصلاح حقيقيا إلا بجعل المؤسسات التعليمية بيئات جاذبة ومحببة إلى الطلاب وكل المنتسبين لها، من المعلمين والباحثين والطلاب والإداريين وتطوير المناهج، بحيث تركز على التعلم بدلا من التعليم وتركز على التفكير الإبداعى والنقد والتحليل وحل المشكلات بدلا من دورها فى ترسيخ الحفظ والتلقين من خلال (عمليات الشحن والتفريغ فى أدمغة الطلاب المساكين) أى شحن المعلومات وتفريغها فى الامتحانات وقضى الأمر!، ولابد من الاهتمام بالمعلم، حجر الزاوية فى تطوير التعليم ومن هنا يلزم أن تركز برامج إعداد المعلم على التربية بالقدوة، ولا بد من تدريب المعلم ليكون جاذبا لطلابه، وأن يتحلى بالحلم والصبر وأن يكون قدوة لطلابه فى أقواله وأفعاله وهندامه، وأن يرسخ العلاقات الإنسانية بينه وبين المتعلم، وسيادة السلوك الرشيد فى المؤسسات التربوية، وإشاعة القيم الإسلامية (الصدق - التسامح - العدل- الصبر- الحلم - الروية - العفو - العطاء- الرضا- الأمانة- الوسطية.... إلخ) بصورة عملية فى البيئة الدراسية، مع التركيز على قبول الآخر بمعناه الواسع، وهنا يؤدى الفرد واجباته الدينية والمجتمعية بقوة وروية وثبات. أضف إلى ذلك العناية التامة بذوى الاحتياجات الخاصة من الطلاب واكتشاف مواهبهم والتركيز على تنميتها، وتدريب المتعلمين على العطاء بمفهومه الشامل، وإيجاد إدارة لمواجهة الأزمات وتدريب الطلاب على الأساليب التى بها يواجهون أى أزمات تقابلهم فى الحياة. وذلك كله يقع على عاتق المعلم الذى يجب أن نستثمر فى تكوينه وإعداده وتدريبه وتنميته.

** هناك مَن يجابه فكرة جودة التعليم برمتها، بحجة أنها عملية «تستيف أوراق»، فضلًا عن أنها فكرة لم تختمر بعد فى بيئتنا العربية الإسلامية.. ما تعليقك؟

* الجودة والإتقان والإحسان والتحسين.. قيم بانية جاء الإسلام ليؤكد عليها؛ لتسود فى شتى جنبات المجتمع وفى كل أنشطته، باعتبارها ركائز مهمة لبناء مجتمع يتحقق فيه معالى الأمور. وحينما تقترن الجودة بالتعليم، فإن أهميتها تتعاظم فى ظل عالم سريع التغير والتطور، بتقنياته الحديثة، وأسواقه المفتوحة وتحدياته المختلفة.. وما يتطلبه ذلك من تعليم متطور، يهدى للمجتمع خريجين قادرين على العطاء والابداع والابتكار والتعاطى الإيجابى مع هذه المتغيرات المتسارعة.. والقيمة عندما تستمد قداستها من العمق الديني، فإن حرية ممارستها تنبعث من أقوى المشاعر تأثيرا فى حياة الناس.

ومن يدقق النظر فى ممارسات جودة التعليم الحديثة يجدها تتسق فى روحها وذاتيتها مع مبادئ ديننا الحنيف، وإن كانت أخذت شكلًا معياريًّا وقياسيًّا. والجودة فى المنظور الإسلامى شاملة لشتى الأنشطة العلمية والتعليمية والتربوية والعملية والحياتية.. وهى قيمة ذاتية تنبع من المنهج الإسلامى بربانية مصدره، وعالميته، وخاتميته، وصلاحيته لكل زمان ومكان. يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه).