الصيام الحقيقى

 

دكتور محمد الوجيه البحيرى إمام وخطيب جامع الفتح

ما معنى الصوم؟ هل الصوم أن نمتنع عن الطعام والشراب، ونأكل فى أجساد الناس بالغيبة والنميمة؟ لا.. لا.. إن مثل هذا الصوم لا يقربنا من رحمة الله وعفوه.

ذلك أن الصوم فى حقيقته إمساك عن كل ما يغضب الله.. إنه ارتباط بالله وعيش معه.. نعم، فليست غاية الصوم أن نمتنع عن الطعام والشراب ونحوهما من المفطرات، ذلك أن العبادات لا تقصد لأشكالها وصورها، وإنما تقصد لما تهدف إليه من تهذيب نفسى وصفاء روحى، ففى الحديث الذى رواه أبوهريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصيام جُنة، فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إنى صائم....».

وفى الحديث: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه»، «كم من صائم ليس

له من صيامه إلا الجوع والعطش، وكم من قائم ليس له من صيامه إلا السهر».

ويحيى الله من قال: إذا لم يكن فى السمع منى تصاون

وفى مقلتى غض وفي منطقى صمت

فحظى إذن من صومى الجوع والظما

وإن قلت إنى صمت يوما فما صمت

وهذا آخر يقول:

لا تجعلن رمضان شهر فكاهة

تلهيك فيه من القبيح فنونه

واعلم بأنك لن تنال قبوله

حتى تكون تصومه وتصونه

ويقول العلماء: الصوم ثلاثة أنواع:

الصوم العوام: وهو مجرد الكف عن شهوتى البطن والفرج، وصوم الخواص، وهو كف الجوارح عما حرم الله، وصوم خواص الخواص وهو الصوم عما سوى الله عز وجل.