عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر وسلطنة عُمان .. تاريخ طويل من العلاقات الاستراتيجية الراسخة

السلطان هيثم بن طارق
السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان

سفير القاهرة في مسقط: «الفراعنة» استخدموا «اللُبان العُماني» في المعابد .. والسلطنة «قِبلة» الجهود السلمية

 

منذ تولي السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان مسئولية الحكم العام الماضي، يحرص دوماً على تعزيز التعاون مع كافة الدول العربية وتنمية وتطوير هذا التعاون بما يقوي مسيرة العمل العربي المشترك، وقد أكد ذلك في أول يوم لتوليه الحكم 11 يناير 2020م حينما قال: «سنتعاون مع أشقائنا زعماء الدول العربية للرقي بحياة مواطنينا والنأي بهذه المنطقة عن الصراعات والخلافات والعمل على تحقيق تكامل اقتصادي يخدم تطلعات الشعوب العربية».

وتقوم السياسة الخارجية العُمانية في عصر النهضة المتجددة تحت قيادة السلطان هيثم بن طارق، على أسس ثابته وراسخة قوامها التعايش السلمي بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية للغير واحترام سيادة الدول وعلى التعاون الدولي في مختلف المجالات، والسعي لحل الخلافات بالطرق السلمية وإيجاد حلول مرضية لها بروح من الوفاق والتفاهم، تلك السياسة الخارجية التي أرسى دعائمها المغفور له السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه.

خصوصية العلاقات العُمانية المصرية

وبالحديث عن العلاقات العُمانية – المصرية، نجد أنها تتميز بالخصوصية فهي علاقات تاريخية عميقة واستراتيجية راسخة، فقد أثبتت وثائق التاريخ أن العلاقات بين البلدين ضاربة في جذور التاريخ، وتعود إلى عصر القدماء المصريين، وهذا ما أكده السفير محمد أحمد فهمي غنيم سفير مصر المُعتمد لدى سلطنة عُمان الأسبوع الماضي خلال حديثه مع وسائل إعلام عُمانية، حيث أكد أن العلاقات الثنائية بين مصر والسلطنة «ضاربة في عمق التاريخ»، مشيراً إلى أنها تعود إلى أكثر من 3 إلى 4 آلاف عام، وهو ما أثبتته الأدلة الموجودة في المعابد المصرية منها وجود «اللُبان العُماني» الذي استخدمه الفراعنة في المعابد.

كما أكد السفير المصري في عُمان أن العلاقات العُمانية المصرية لم تنقطع ومستمرة ومتواصلة، موضحاً أن السلطنة كانت داعمة ومساندة لمصر وللعرب في حرب أكتوبر وبعد عملية السلام، كما كانت الدولة الأولى التي لم تقطع علاقاتها بمصر، وهو ما يعكس العلاقة الراسخة القائمة على الاحترام المتبادل بين البلدين والشعبين الشقيقين.

ووصف سفير مصر في السلطنة، جهود عُمان في حلحلة العديد من القضايا على الصعيدين الإقليمي والدولي بـ «الإيجابي»، مؤكداً أنها نجحت في الاستفادة من الإرث الطويل لعلاقتها المُتميزة بمن حولها من خلال إيجاد وضعية خاصة لها لتكون واحة للهدوء والسلام .. وأشار إلى أن السلطنة كانت دائماً وأبداً راعية للجهود السلمية في المنطقة والعالم ويُنظر إليها بأنها قِبلة لحل المُشكلات، حيث استطاعت أن تكون رقماً إيجابياً في السياسة الدولية والأزمات الإقليمية، لافتاً إلى أن التفاهمات التي تقوم بها تتسم دائماً بالهدوء والسرية بعيداً عن الزخم الإعلامي وهذا ما تنفرد وتتميز به عن غيرها.

خطة لزيادة التبادل التجاري

وأشار السفير محمد غنيم سفير مصر في عُمان، إلى أن حجم التبادل التجاري بين القاهرة ومسقط قبل جائحة كورونا، تعدى الـ 400 مليون دولار سنوياً، موضحاً وجود خطة يتم العمل عليها للوصول إلى مليار دولار إلا أن جائحة كورونا أثرت كثيراً على هذا الجانب، وهناك استعداد لزيادة التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي .. وأكد أن مصر تعمل حالياً على سياسة جذب الاستثمارات وتشجيع الشركات المصرية للاستثمار في الخارج، الأمر الذي من شأنه أن يُسهم في مساعدة الشركات على النمو والانتشار وحتى تكون أقوى، وفي هذا السياق أوضح أن مصر تعمل على جذب المستثمرين والشركات العُمانية وكذلك العكس من خلال تشجيع المستثمرين والشركات المصرية للقدوم إلى السلطنة، مشيراً إلى أن العمل يتواصل حالياً للوصول إلى «مشاريع مشتركة» بين شركات عُمانية ومصرية لتعمل في البلدين وفي أماكن ثالثة .. وذكر أن السلطنة تضم أكبر عدد للجالية المصرية ويبلغ عددهم  من 60 إلى 65 ألف مواطن مصري، يعملون في مختلف المجالات والغالبية العظمى منهم في مجال التعليم.

وأوضح السفير المصري في السلطنة، أن رؤية «عُمان ٢٠٤٠» لتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط بشكل رئيسي، تُمثل فرصة مُهمة لمصر وخاصة للشركات والمستثمرين المصريين للعمل في مجالات كثيرة مثل السياحة والزراعة والثروة السمكية، متوقعاً أن تكون هناك نقلة نوعية اقتصادية وتجارية بين البلدين الصديقين بعد الجائحة.

دعم مستمر

على مدار التاريخ، كانت سلطنة عُمان داعمة باستمرار لمصر، وفي عهد النهضة العُمانية المتجددة، أعلنت السلطنة منذ أيام مضت عن تضامنها مع مصر وتأييدها في جهودها لحل الخلاف حول سد النهضة الإثيوبي عبر الحوار

والتفاوض وبما يحقق الاستقرار للمنطقة ويحفظ مصالح جميع الأطراف، وذلك في بيان لوزارة الخارجية العُمانية بعد ساعات قليلة من تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي في المؤتمر الصحفي العالمي بهيئة قناة السويس، التي أكد خلالها أن المساس بحق مصر في مياه النيل «خط أحمر» وسيكون له تأثير على استقرار المنطقة بكاملها.

وقد سبق هذا الموقف العُماني المساند لمصر في ملف سد النهضة مواقف دعم أخرى، فخلال اجتماعات الدورة 155 لمجلس الجامعة العربية في شهر مارس الماضي، أكدت السلطنة خلال كلمتها في اجتماع الدورة على مستوى وزراء الخارجية – والتي ألقاها السفير عبد الله بن ناصر الرحبي سفير عُمان بمصر ومندوبها لدى الجامعة العربية – أنها تدعم أي مبادرات للوصول إلى حلول توافقية تلبي احتياجات الجميع لحل ملف سد النهضة بما يدعم حقوق مصر والسودان في مياه نهر النيل، مُشددة على دعمها لأي تحرك يحقق تطلعات البلدين، والإيمان بأن الحوار هو جوهر الحل من خلال المبادرة بإشراك المجتمع الدولي.

وبالعودة إلى شهر مارس من عام 2020م الماضي، فقد أكد السلطان هيثم بن طارق خلال استقباله في مسقط لسامح شكري وزير الخارجية، على مساندة عُمان لمصر في ملف سد النهضة ودعمها المُستمر للشقيقة مصر في إطار العلاقة الأخوية والتاريخية والاستراتيجية بين البلدين والشعبين الشقيقين، وكون مصر هي العمق الاستراتيجي للمنطقة.

جهود مشتركة

ومن أبرز مواقف دعم سلطنة عُمان أيضاً لمصر العظيمة، كان في شهر ديسمبر الماضي، حيث نجحت الجهود العُمانية المصرية المشتركة في عودة ربان بحري مصري كان محتجز لفترة في اليمن، وأصدرت السفارة المصرية في مسقط بياناً وقتها تقدمت خلاله بخالص الشكر والتقدير إلى قيادة وحكومة وشعب السلطنة، على نجاح التعاون والجهود المقدرة التي بُذلت على مدار شهور طويلة لتأمين عودة الربان البحري المصري/ فاروق محمد عبد العال، إلى مصر بسلام، بعد فترة من احتجازه باليمن .. وثمنت السفارة المصرية في بيانها تعاون السلطات العُمانية في التنسيق والمتابعة مع السفارة ومع الأطراف اليمنية المعنية، لمتابعة موقف المواطن المصري منذ الأيام الأولى لاحتجازه، واتخاذ كافة الإجراءات وبذل كافة الجهود اللازمة للإفراج عنه وتسهيل عودته إلى مصر بسلامة الله، حيث تكللت تلك الجهود بالنجاح بعد وصول المواطن المصري إلى أرض الوطن .. وأشارت السفارة المصرية في مسقط إلى استمرار مدرسة السياسة الهادئة الحكيمة غير المنحازة التى تنتهجها عُمان فى تحقيق المزيد من الإنجازات والمساهمة فى حل المزيد من المشاكل والتعقيدات على مختلف الأصعدة الإقليمية وبما يسهم فى دعم وتحقيق السلم والأمن الدوليين.

نهج السلطنة الثابت

ولا يترك السفير العُماني الجديد بالقاهرة عبد الله الرحبي، مناسبة مصرية إلا ويكون حاضراً، فهو يؤكد دوماً على بذله كل ما من شأنه دعم التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين وتعزيز العلاقات الوثيقة بينهما على كافة الأصعدة، خاصة في مجالات الاستثمارات الاقتصادية المشتركة، سيراً على نهج السلطنة الثابت فى العلاقات مع مصر.