رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إقصاء أنصار القذافي عن المشهد يُطيل أمد الأزمة في ليبيا

بوابة الوفد الإلكترونية

 على مدى نحو 10 سنوات لم تتقدم ورقة التفاوض الليبية خطوة واحدة إلى الأمام! على رغم عدم توقف المؤتمرات والاجتماعات والمبادرات الدولية والإقليمية التي تعقد بين الفينة والأخرى من أطراف خارج وداخل ليبيا بهدف إيجاد حل نهائي للصراع الدموي على السلطة.

 

 كل الشواهد على الأرض تثبت أن الحل بيد الليبيين أنفسهم، لكن المتصدرين للمشهد الليبي مصرون على الأخذ بالأمور إلى حيث مصالحهم الخاصة، بدافع من الأطماع والإملاءات الخارجية بعيداً عن المصلحة العامة التي يتوجب معها جلوس الجميع على طاولة واحدة من دون إقصاء لأحد، بما في ذلك أنصار الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، خصوصًا أن النظام الجماهيري في ليبيا مازال يتمتع بشعبية جارفة في مختلف مدن ومناطق ليبيا، لاسيما مناطق سيطرة الإخوان وحفتر.

 

بداية التفاوض:

 في منتصف ديسمبر من العام 2015 وقبل نحو 5 سنوات من اليوم تم التحضير لمؤتمر يجمع الفرقاء الليبيين تحت مسمى "اتفاق الصخيرات"، الذي جرى انعقاده في مدينة "الصخيرات" المغربية تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة بإشراف المبعوث الدولي إلى ليبيا آنذاك، مارتن كوبلر، لكن المؤتمر الذي تمخض عنه تشكيل حكومة "الوفاق" التي لم تحظَ بتوافق الليبيين على الأرض، وإن كانت نجحت في نزع اعتراف دولي لشرعيتها لكنها فشلت من الناحية الأخرى في لم شمل الليبيين وتوحيد الجميع لتصبح بعد ذلك هي الكارثة الحقيقية لمعاناة الشعب الليبي بعد أن هيمنت تركيا على هذه الحكومة.

 

 وبمرور الوقت وقع الاقتتال بين الشرق والغرب الليبي نتيجة الصراع على مقدرات الشعب من نفط وغاز واختلاف على المناصب والحقائب بعد محاولات إقصاء أطراف بعينها عن المشهد، وتلقي طرفي الأزمة أوامر من الخارج، مما أكد أن ما حدث في مدينة "الصخيرات" المغربية تحت مسمى "الوفاق"، لم يكن سوى فشل جديد للمجتمع الدولي واختياراته في حلحلة الأزمة الليبية التي تشعبت لتنعكس سلباً على دول الجوار ومحيط ليبيا العربي والأفريقي بل والأوروبي بعد أن أصبحت هذه الدولة بيئة حاضنة للجماعات المتطرفة والمليشيات الإرهابية من كل جنسية.

 

توقف المفاوضات:

 ما أن تقلد المجلس الرئاسي لحكومة "الوفاق" مهام عمله في عام 2015 حتى انفجرت الأوضاع وذهبت إلى الأسوأ، حيث مزيد من الانقسام والتناحر نتيجة سوء الاختيار وإقصاء بعض الأطراف مما أدى في النهاية إلى عجز المجلس الرئاسي في احتواء الشارع الليبي وكسب ثقة الجميع لتتوقف المفاوضات وتحل محلها الحرب التي اندلعت بين الشرق والغرب الليبي ولم تتوقف إلى اليوم بل تفاقمت الأزمة إلى حد جلب مرتزقة سوريين إلى ليبيا وتدخل تركيا بشكل مباشر في الصراع وأطراف دولية أخرى.

 

 وبينما الحرب الطاحنة مشتعلة بين طرفي الأزمة الليبية هناك على الأرض تعلو صيحات المطالبين بتولي الدكتور سيف الإسلام، نجل الزعيم الليبي معمر القذافي، قيادة البلاد والشروع في إجراء مصالحة ليبية - ليبية من دون أقصاء لأي طرف، وأن كانت تلك المطالب لم تتوقف منذ رحيل النظام الليبي إلا أنها باتت قوية رغم محاولات استبعاد كل من يدعم سيف الإسلام سواء من قبل دول بعينها أو من الأجهزة التابعة لطرفي الأزمة عن المشهد السياسي في ليبيا رغم معرفتهم أن الإقصاء يعقد الأزمة ويطيل في عمرها.

 

مفاوضات "برلين":

 في مطلع العام الجاري وبرعاية الأمم المتحدة، ومشاركة أكثر من 12 دولة وعدد من المنظمات الدولية، تبنت ألمانيا عقد مؤتمر لحل الأزمة الليبية، تحت عنوان "مؤتمر برلين" وتبنى المؤتمر 3 مسارات أبرزها احترام حظر الأسلحة المفروض على ليبيا مع ووقف دائم لإطلاق النار، وإجراء 6 بنود تتعلّق بإصلاحات اقتصادية وأمنية، وإلزام ممثلي أكثر من 10 دول مدعوة بالعودة إلى العملية السياسية في ليبيا والالتزام بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، لكن مخرجات هذا المؤتمر لم تنفذ ولم يأخذ بها المتصارعون على السلطة ليتفاقم الوضع إلى مزيد من أراقة الدماء ونهب ثروات الليبيين.

 

 وعلى رغم إعلان القاهرة وتحديد خط أحمر للحفاظ على الأمن القومي المصري، يبدأ من مدينتي "سرت - الجفرة" بعد سيطرة المليشيات المسلحة المدعومة من تركيا على كامل العاصمة وضواحيها وزحفها باتجاه الموانئ النفطية والسيطرة على قاعدة "الوطية" الجوية وغيرها من المواقع المهمة التي فقدها الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر بعد أنسحابها المفاجئ من تخوم العاصمة طرابلس، لم يتوقف القتال بين قوات الشرق والغرب الليبي حتى أن الشعب ضاق ذرعًا بهؤلاء المتصارعين مطالبًا برحيلهم جميعًا عن المشهد.

 

الشارع الليبي يغضب:

في 20 من أغسطس الماضي وفي ظل تعقيد الأزمة السياسية وتأثيرها المباشر على حالة المواطن وارتفاع نسب الفقر والبطالة قرر الشباب الليبي الانتفاضة لإسقاط الحكومتين في شرق وغرب ليبيا على خلفية تردي الوضع المعيشي مما دفع بالحكومتين إلى إجراء تغييرات في المشهد السياسي، واللجوء إلى التفاوض مجددًا لكسب الوقت في مدينة "الزنيقة" المغربية تحت رعاية المبعوثة الأممية وستيفاني ليامز، بهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية ومدة الفترة الانتقالية إلى 18 شهرًا وإقصاء فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق، وعبدالله الثني، رئيس الحكومة المؤقتة عن المشهد، وهو الأمر الذي أجج غضب الشباب المطالب بضرورة إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.

 

الإقصاء يطيل الأزمة:

 أكدت المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقًا، أن النضج السياسي لدى بعض الأطراف في ليبيا، بما في ذلك الأطراف التي تؤمن بمبادئ معمر القذافي، متمثلة في "الاستقلال الوطني التام ووحدة الوطن والعروبة والقومية"، ستظل ثابتة في ذاكرتهم كـ"تيار"

يؤمن بهذه المعاني حتى وإن رحل النظام سيأتي يوم ويعبرون عن أنفسهم وعن أفكارهم في المستقبل بشكل أو بآخر.  

 

 قالت "الجبالي": إن سقوط نظام معمر القذافي لا يعني سقوط هذه المرحلة التاريخية من ذاكرة الشعب الليبي، فهناك من يؤمنون بالحرية والاستقلال، مضيفة، أن البحث عن حل في ليبيا يجب ألا يتوقف عند أطراف معينة بل يجب أن يشمل الجميع من أجل ليبيا من دون إقصاء لأحد على أن يكون التفاوض من دافع سرعة تحديد موعد لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، ووضع وثيقة دستورية تحوي المعاني العريضة التي يؤمن بها الشعب الليبي، وهي الوحدة والاستقلال وتقسيم الثروات على أبناء الشعب وعدم الركون إلى الخارج.

 

 ولفت "الجبالي" إلى أن ما يعقد الأزمة في ليبيا هو أن التفاوض الذي يجري على مستقبل ليبيا الذي يتم من خلال أطراف لها امتدادات ومرجعيات خارجية، وهذا أخطر ما في الأمر، مؤكدة أن الشعب يستطيع تغيير المعادلة على الأرض من خلال تنظيم "حراك" يضم المكوناتات الليبية كافة "الشبابية والقبلية والنسائية والنقابات العمالية والمثقفين والفئات الاجتماعية"، مثل "الأطباء والمعلمين والمهندسين والمحامين" وغيرهم لوقف التدخلات الخارجية التي تحرك في أدواتها الداخلية باتجاه وضع الأمور رهن التفجير. 

 

 وتابعت أن في ليبيا من يسعى إلى التقسيم، ومن يسعى إلى نهب الثروات، ومن يسعى إلى تسليم ليبيا إلى مناطق نفوذ لقوى استعمارية، مضيفة: يكفي ما فعل فايز السراج بليبيا بعد أن سلمها للأتراك بموانئها البحرية والبرية وقواعدها العسكرية ومدنها الغربية، مختتمة أن المسألة في ليبيا أصبحت مرهونة بالنضج السياسي وبالمبادئ التي صنعها القذافي، التي ستكون هي الأساس لبناء ليبيا الجديدة، وهذا لن يتم بدعاوى الإقصاء المزيفة.

 

لن نقبل بالإقصاء:

 المستشار الإعلامي محمد الرميح، مؤسس حراك "رشحناك"، الداعي لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في ليبيا، أكد أن محاولات الإقصاء المتعمد لأنصار الزعيم الليبي معمر القذافي من المشهد السياسي يطيل أمد الأزمة ولا يدع سبيل للحل، مطالبًا البعثة الأممية بإيضاح التناقض الذي نوهت عنه بأن المشهد الليبي المقبل سيكون أكثر فاعلية من خلال انطلاق مفاوضات بمشاركة كل الأطراف على أن تلبي مخرجاتها مطالب الشعب الليبي.

 

 قال مؤسس الحراك إنه يستنكر سياسة فرض الأمر الواقع من الأمم المتحدة بتمرير مخرجات مدينة "الزنيقة" المغربية الذي يعد حوارًا بين جسمين سياسيين مغتصبي السلطة التشريعية وأجسام منتهية الولاية والصلاحية، على حسب وقله، واصفًا مخرجات تلك المفاوضات بأنها لعبة "قذرة" لإشباع رغباتهم وأطماعهم في الاستمرار وإطالة عمر الأزمة والفوضى وزيادة أعباء المواطن.

 

 وأضاف مؤسس "الحراك"، أن مخرجات الزنيقة لا تمثلنا وتمريرها وفرضها على الشعب يعد اختراقًا واضحًا لإفشال مساعي الحل السلمي بالانتقال السلطة التشريعية بعقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية مطلب الليبيين لإنهاء حالة الفوضى والسرقة بإدارة غربية بامتياز من خلال دمى سياسية تتحرك وفق أجندات خارجية.  

 

 ودعا الحراك في الختام الشعب الليبي بكل مكوناته ومدنه ومناطقه وقراه وأريافه بكسر السلبية التي هيمنت عليه وأتاحت الفرصة للفاسدين السياسيين العبث والاستمرار في تدمير الوطن، فالوقت يتطلب خروج الشعب بأكمله والوقوف ضد تمرير مخرجات الزنيقة ومطالبة البعثة الأممية والدعم في ليبيا الانحياز لمطالب الشعب.

 

 وأضاف الحراك أن كل ذلك يأتي في الوقت الذي تعاني فيه ليبيا من حروب ودمار واستنزاف ممنهج لمواردها ومقدراتها مما نتج عن ذلك كثير من الأزمات التي لا حصر لها تستعد القوى السياسية المهيمنة على المشهد والحاملة للأجندات الخبيثة والدنيئة التي ساهمت طيلة السنوات الماضية في ضياع الوطن تنفيذًا لمخططات وأجندات قوى خارجية جعلت من هؤلاء الخونة أوصياءً على الليبيين.