رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رمضان الذي لا نعرفه

صورة_ تعبيرية
صورة_ تعبيرية

رمضان شهر الانتصار على المبطلين والمستكبرين والطغاة، فكيف به، وقد جاءنا وسط يقظة عامة من الشعوب ضد جميع الطغاة فى الشرق والغرب. إنها صحوة وفرحة عامة من المقهورين والمغلوبين والمعذبين فى الأرض الذين سلبت حرياتهم، وسرقت أموالهم، وذاقوا الخسف والهوان، وصبروا وصابروا، واحتملوا ما لا تحتمله الجبال من أذى وهوان، وكيد، ثم انطلقوا بعد كل هذا يطالبون بحقوقهم، ويدفعون المعتدى عليهم، لا يحملون سلاحا، لأن ما معهم من حق فى الحياة الكريمة هو أقوى من كل سلاح، إنهم فى كل مكان يمثلون انتفاضة المغلوبين والمعذبين فى الأرض، وهذه الأدوات لا يستطيع أن يقف أمامها أحد، ولو كان يحمل الصاروخ ويركب الدبابة.

ولقد تساقط الشهداء، ومازالوا يتساقطون برصاص الجزارين الذين سرقوا أموال الأمة، وضيعوها فى ملذاتهم وشهواتهم، سقط الضحايا فى الميادين، وسقط أكثر هؤلاء فى السجون، وعاشوا فى ذل وخوف ورعب من مستقبلهم المظلم، ومن عاقبتهم على أيدى قضاة العدل، المتأمل فى أحداث شهر رمضان عبر التاريخ الإسلامى يجد أمورًا عجيبة هذه الأمور ليست مصادفة فكل شىء عند الله عز وجل بمقدار، سيجد أن المسلمين ينتقلون كثيرا من مرحلة إلى مرحلة أخرى فى رمضان من ضعف إلى قوة ومن ذل إلى عزة، ارتبط شهر رمضان بالجهاد، حتى آيات الصوم فى سورة البقرة تنتهى فى ربع من القرآن ثم يبدأ ربع جديد وثانى آية فيه تتحدث عن القتال والجهاد هذه آيات كثيرة تحض على الجهاد والقتال بشدة والطلاقة واضحة بينها من آيات الصيام فالإعداد لجهاد هو إعداد للنفس والجسد بل والأمة كلها.

 

 العلاقة بين الصيام والجهاد وثيقة جدا فالتاريخ الإسلامى يؤكد هذا الارتباط فأول خروج المسلمين لقتال مشركى قريش كان فى رمضان وليس المقصود هنا غزوة بدر فقد خرج جيش إسلامى لأول مرة لقتال المشركين بعد الإذن لهم بالقتال، وكان ذلك فى السنة الأولى للهجرة، ولم يكن صيام رمضان قد فرض بعض وكانت هذه هى سرية حمزة بن عبدالمطلب عم الرسول عليه الصلاة والسلام، وكانت السرية فى مكان يعرف باسم «سيف البحر». إذن أول مرة يرفع المسلمون فيها سيوفهم للدفاع عن حقوقهم وأنفسهم كانت فى رمضان ولم يحدث قتال فى هذه المرة.. وتمر الأيام ويأتى شهر رمضان فى السنة الثانية من الهجرة ليشهد حدثا هائلا من أهم الأحداث فى تاريخ الأرض وليس فى تاريخ المسلمين فقط ألا وهو غزوة بدر الكبرى فى السابع عشر من رمضان وقد انتهت بالنصر الباهر للمسلمين، وهو أول صدام حقيقى بين المسلمين ومشركى قريش وكانت قريش تحمل لواء الكفر فى الجزيرة العربية فلماذا تكون أول غزوة فى رمضان؟ ولماذا يكون أول صدام حقيقى مع المشركين فى رمضان؟ ولماذا هذا الانتصار الرائع فى رمضان وليس أى شهر آخر؟

الإجابة ببساطة أن هذا رسم لسياسة الأمة وتخطيط لمستقبلها، فأمة لديها شهر تستطيع أن تغير فى نفسها تماما بعد موقعة بدر وأصبح لهم دواة معترف بها وشوكة قوية ومكانة ووضع مستقر انتقل المسلمون إلى مرحلة جديدة تغير هائل حدث فى كل شيء، تغير فى مجرى التاريخ ولذلك سميت غزوة بدر يوم الفرقان وربطها المولى عز وجل بشهر رمضان من أجل أن نتفكر دائما فى هذا الشهر ونتأكد أن النصر من عند الله وليس بالعدة والعتاد.

 

والموقف فى فتح مكة مختلف عن بدر، ففى غزوة بدر كان الخروج فى رمضان على غير اختيار المؤمنين، لأن القافلة المشركة بقيادة أبى سفيان جاءت فى ذلك التوقيت فخرجوا لها، لكن الخروج فى فتح مكة كان بتخطيط وتدبير من رسول الله ومن المؤمنين، كان من الممكن أن يؤخروا الخروج 3 أسابيع فقط ليخرجوا فى شوال بعد انتهاء رمضان، كان من الممكن أن يقول بعضهم: نستفيد بالصيام والقيام وقراءة القرآن، ونؤخر الجهاد 3 أسابيع فقط.. لكن كل هذا لم يحدث.  فرمضان شهر الجهاد، ليس فيه تعطيل للقتال، لا توجد به راحة للمؤمن، بل على العكس.

هذا الشهر تتغير فيه أحوال الأمة بشكل رائع، علامات فى منتهى الوضوح، فى هذا الشهر الكريم الرسول هدم صنم هبل، ومعه أكثر من 360 صنما بداخل الكعبة المشرفة، وهذه الأصنام ظلت داخل الكعبة 21 سنة، بداية من نزول البعثة على الرسول عليه الصلاة والسلام، وبالتأكيد ظلت هذه الأصنام سنين طويلة قبل البعثة موجودة، فى كل هذه الشهور والسنوات السابقة فتدمر وتكسر وتقع فى شهر رمضان.

هذا شهر إعزاز الإسلام وتمكين الدين، ونصر المؤمنين، رمضان شهر الانقاذ والنجدة والنصر والعزة، فلا يصح ألا يعلم المسلمون هذه المعاني، ويظنوا أنه شهر الأعمال الفنية الجديدة، والدورات الرياضية، والخيم الرمضانية، ليس هذا هو رمضان الذى يريده ربنا سبحانه و تعالى.