رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عزيزى الإنسان.. إذا كان إلهكم عادلاً وحكيماً.. فلماذا يبتلى عباده؟

بوابة الوفد الإلكترونية

مثل تربوى:

يضرب علماء التربية مثلًا مفيدًا فى أثر الشدائد والابتلاءات فى بناء قدرة الإنسان على التحمل والمواجهة.. إنها نوع من التربية.

فالفحم حين تَعَرَّض لضغوط عالية بين الصخور لملايين السنين تحوَّل إلى المعدن النفيس (معدن الماس)، أما الفحم الذى لم يتعرض لضغوط عالية بين الصخور لملايين السنين فقد ظل فحمًا كما هو، وهكذا تفعل فينا الشدائد، تُحوِّلنا إلى الأفضل ببناء القدرة على المواجهة والتحمل وزيادة رصيد الخبرة فى الحياة.

 

حكمة الخالق من ابتلاء الإنسان:

الخالق حكيم فى كل شأنه، ومن حكمته أنه يبتلى الإنسان لمقاصد عالية أخبر عنها، منها:

- تكفير السيئات وغفران الذنوب، قال الله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) «الشورى».

- رفع لدرجة العبد ومنزلته عند الله تعالى، إذن ينبغى أن ينظر للابتلاء (مرض/ فقر.. إلخ) باعتبار العاقبة والنتيجة، فهو خير للإنسان؛ لأنه يكفر عنه السيئات، ويرفع له الدرجات.. ويضاف إلى ذلك أثر الابتلاء فى تهذيب النفس المتمردة المتكبرة الطاغية، فإنَّ من أهم ثمار الابتلاء أنه يقرب الإنسان من خالقه، ويكسر حدة الغرور والكبر فيه ويدفعه إلى التواضع.

- والمتأمل لآيات الذِّكر الحكيم عن هذه السُّنة الإلهية سنة الابتلاء يجد أن هناك أمورًا ثلاثة ارتبطت ببعضها فى محيط الفتنة والابتلاء:

الأول: أمر الفتنة والابتلاء.

الثانى: الصبر على الابتلاء.

الثالث: البشارة والفرج.

وحين نتدبر الآيات القرآنية نجد أن هذه الثلاث كلها من الله.

فالابتلاء من الله الحكيم، وفعل الحكيم كله حكمة: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) ) «العنكبوت».

والصبر هبة من الله، ولا يفلح العبد فى الصبر على البلاء إلا بتوفيق الله وعونه وتأييده، لقوله تعالى مخاطبًا نبيه صلى الله عليه وسلم: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ) «النحل: 127».

والبشارة إنما هى فضل ونعمة من الله.. فماذا بقى للعبد؟!

وهذا يؤدى بالعبد إذا فَقِه هذه الحقيقة الإيمانية إلى التسليم والرضا.

ومن الحقائق التى تتعلق بهذه الأمور أن البشارة لا تتأتى إلا إذا امتثل العبد أمر ربه، وأيقن أن الأمر كله لله، وأن الخلق كله لله، وأن الله يفعل ما يشاء: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21) «يوسف».

كيف لا؟! وربنا قد بيَّن ذلك فى قرآنه، قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) «لبقرة».

وإذا ما انتبهنا إلى أن اللام فى (لله) للملكية، بمعنى

أننا ملك لله، فالعبد وما ملكت يداه ملك لسيده ومولاه، وللمالك أن يتصرف فى ملكه كيف يشاء.

من هنا ندرك أن الابتلاءات فى الأفراد والجماعات والأمم لا تُرفَع إلا بالامتثال لأمر الله، والصبر على المكاره، وعدم السخط على قدر الله.

ومن حقائق الابتلاء فى القرآن الكريم: أن الابتلاء لا يكون بالشر وحده، وإنما يكون بالخير أيضًا، لقول ربنا تبارك وتعالى: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) «الأنبياء»، بل إن نعمة الحياة كلها اختبار وابتلاء ليميز من يُحسن ومن يُسىء، من يشكر ومن يكفر: (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّى غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) «النمل».

ومن حقائق الابتلاء فى السنة النبوية: أن الابتلاء لا يكون فقط عقوبة بسبب الذنوب والآثام، بل هو سبب رحمة، به تُغفر الخطايا وتُرفع الدرجات، وفى الحديث:

- عن الحارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُوعَكُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّـهِ, إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا! قَالَ: أَجَلْ إِنِّى أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ. قُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ قَالَ: أَجَلْ، ذَلِكَ كَذَلِكَ, مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا إِلا كَفَّرَ الله بِهَا سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا» (متفق عليه).

- عن أَبِى سَعِيدٍ الـخُدْرِى وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِى صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا يُصِيبُ الـمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُّهَا إِلا كَفَّرَ الله بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» (متفق عليه).

فليس الابتلاء شرًّا وإن بدا فى ظاهره كذلك، بل هو بالنظر إلى نتيجته وعاقبته خير عظيم ونفع كبير يناله الإنسان المؤمن.