عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكايات من تاريخ الظلم.. حمامة المسجد انقلب طاغية

بوابة الوفد الإلكترونية

 

مصطفى عبيد

يُعتبر عبد الملك بن مروان المؤسس الثانى للدولة الأموية، ذلك أن الدولة سرعان ما شهدت ضعفًا فى ظل ثورات مُتكررة انتقامًا لاستشهاد الحسين بن علي، وبويع عبد الله بن الزبير بالخلافة وقام بتعيين بعض الولاة على أقاليم الدولة.

والمُثير فى شخصية عبد الملك بن مروان، أنه كان أحد أشهر النُساك فى المدينة المنورة، وأنهم كانوا يسمونه حمامة المسجد لمداومته علي قراءة القرآن فى المسجد. وذكروا أنه كان أحد أربعة فقهاء فى المدينة، كانت الناس تستفتيه فيفتيهم.

وانقلب الرجل بفضل السُلطة إلى جبار طاغ، يتعالى على الناس، ويُنكر الحق. يتعسف مع الناس ولا يكترث لبريء. لا يقبل رأيًا ولا يعتد بحرمة.

ذكر جلال السيوطى فى «تاريخ الخلفاء» أنه كان جالسًا فى المسجد يرتل القرآن عندما أخبروه بأن الخلافة أفضت إليه وأن الناس تُبايعه، فأغلق المُصحف قائلًا: هذا آخر عهدى بك.

تغيُر الرجل بدا دراميًا إذ كان مُمكنًا أن يكون حازمًا فى غير ظُلم، وقويًا فى غير جور، إلا أن عقلية الطاغية كانت تستحكم رأسه ولم تتضح من قبل بسبب قناع التدين الظاهرى الذى ارتداه قبل الخلافة.

لا عجب إذن أن يعتبره الدكتور إمام عبد الفتاح فى كتابه « الطاغية» أكثر الُحكام الأمويين استبدادًا وعسفًا وسفكًا للدماء.

وإذا كان أول قرار اتخذه كان إعداد جيش ضخم يتكون من 40 ألف مقاتل لمحاربة ابن الزبير بقيادة الحجاج بين يوسف الثقفى، صاحب القلب الميت، فإنه أوضح دستوره فى التعامل مع المحكومين من خلال خطاب أولى قال فيه» إنى لا أداوى أدواء هذه الأمة إلا بالسيف. والله لا يأمرنى أحد بتقوى الله إلا ضربت عنقه».

وأطلق عبد الملك بن مروان يد الحجاج الثقفى للظفر بخصومه مانحًا

إياه صلاحيات لا حدود لها ليقتل، ويحبس، ويمنح، ويمنع، ويفعل بالناس ما يشاء، مادامت النتيجة المطلوبة هى ترسيخ دعائم سُلطانه وتحقيق أمن النظام.

وساح الحجاج فى خلق الله، يقطع الرقاب ويسفك الدماء ويزهق الأرواح، ولم يراعى حتى حرمة الكعبة الشريفة عندما انهزم فيها عبد الله بن الزبير، فحاصره داخلها وضربها بالمنجنيق سنة 73 هجرية وسرعان ما سقط ابن الزبير صريعًا فصلبه ومَن معه حتى جافت جثته.

وشكا كثير من كبار التابعين وأبناء الصحابة إلى عبد الملك صنائع الحجاج، فثبّته وأقره ولم يلتفت لشاكٍ بل نصح أبناءه من بعده باعزاز الحجاج وإكرامه.

واستبد الظلم بعبد الملك بن مروان فلم يعد يلتفت لذكر أو نصيحة، وسنجده يزجر أصحابه يومًا لأنهم كانوا يتحادثون بسيرة عمر بن الخطاب فيما بينهم وقال لهم إن ذلك فيه مفسدة للرعية . وعاتبته السيدة أم الدرداء يومًا وقالت له : بلغنى أنك شربت الطلاء بعد الخلافة، فرد عليها : والله والدماء أيضًا.

انقلاب الناسك المتدين إلى قاتل مُتبجح يستعذب الظُلم درس لا يمكن محوه من التاريخ. يتكرر الأمر مرارًا وتكرارًا فى أزمنة أخرى وأماكن مغايرة.

 

 

[email protected]