عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الرضا بابُ اللهِ الأعظم

الرضا بالله
الرضا بالله

الرضا هو بابُ اللهِ الأعظم، ومُستراحُ العابدين، وأنسُ المحبين وحياةُ العارفين، وهو سكونُ القلبِ لما اختاره الربُّ للعبد، واليقينُ بأن الخيرَ فيما قضاه الله وقدره.

اقرأ أيضا: وكيل الأزهر يلتقي نائب الرئيس الإندونيسي

 زمن رزقه اللهُ الرضا فقد ملأ صدرَه أمْنًا وغِنى، وهو مِفْتاحُ السعادة، ونعيمُ الآخرة، والرضا على ثلاثةِ أقسام: الرضا بما قسمه اللهُ وأعطاه، والرضا بما قدره اللهُ وقضاه، والرضا باللهِ عن كلِّ ما سواه.

الرضا بما قسمه الله وأعطاه

الرضا بما قسمه الله وأعطاه: وثمرتُه: أن يصلَ العبدُ إلى درجةٍ عميقةٍ من الرضا بحاله، وبما قدّرَه الله له في الصحةِ والمالِ والولدِ وغيرِها من متاع الدنيا.وترك الشكوى والاعتراض على قسمة الله، قال رسولُ الله:" قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ "، فالدنيا ما اكتملَت لأحد، فمن الناس من ابتُلي في صحتِه أو مالِه أو ولده، ولا نجاةَ للعبدِ إلا بالرضا :" وارض بما قسمه اللهُ لك تكن أغنى الناس، وليس الغنى عن كثرةِ العرض، ولكن الغنى غنى النفس" فكم من أناس ملكوا الدنيا وهم فقراء، وكم من أناس باتوا بغير عشاء وهم سعداء.

 

  وأوحى الله إلى بعض أنبيائه: إذا أوتيتَ رزقاً مني، فلا تنظر إلى قلّتِه، ولكن انظر إلى من أهداه إليك، وإذا نزلت بك مصيبةٌ فلا تشكني إلى خلقي، وكيف تشكو ملكَ الملوك، وبيده ملكوتُ كلِّ شيء إلى عبدٍ مملوك لا يقدرُ على شيء" ، قال ـــ عليه الصلاة والسلام ــ:" مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا "، وليعنك على الرضا بما قسمه الله وأعطاه أن تنظرَ إلى من هو دونك، قال رسول الله: " انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عليكم " فنظرُك فيك يكفيك على أن صاحبَ الفضلِ عليك هو الله، وقليلٌ يكفيك خيرٌ من كثيرٍ يُطغيك، ولن تجد خيراً أفضلَ من الرضا بحالِك، وما عند الله خير وأبقى، كتب بعضُ بني أميةَ إلى أبي حازم، العالم الزاهد يعزمُ عليه إلا رفع حوائجَه إليه، فكتب له وقال: رفعتُ حوائجي إلى مولاي فما أعطاني منها قبِلت، وما أمسك عني رضِيت، إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ".

الرضا بما قدره اللهُ وقضاه

الرضا بما قدره اللهُ وقضاه: وهو درجةٌ رفيعة، ومنزلةٌ شريفة، أن ترضى بالقضاء وتصبرَ على البلاء، " ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه " ذكر المفسرون أنها المصيبة تصيبُ الرجلَ، فيعلمُ أنها من عند الله، فيسلّمُ لله ويرضى، يقول الإمامُ أبوحاتم: " لو لم يكن في الرضا إلا راحةُ النفس وهدايةُ القلب لكان الواجبُ على العاقل ألا يفارقَه الرضا في كل أحوالِه" ، وإن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، فإن صبر اجتباه، وإن رضي اصطفاه، وإن عظم الجزاء مع عظم البلاء، ولتعلموا عباد الله: أن شدائدَ الدنيا مما يجبُ على العبدِ أن يصبر عليها ويرضى بها؛ وهي نعمٌ في الحقيقة؛ لأنها تعرضُ العبدَ لمنافعَ عظيمةٍ ومثوباتٍ جزيلة، فظاهرُها الشدة، وباطنُها الثوابُ والرحمة " .

 

 يجري القضاءُ وفيه الخيرُ نافلةٌ   لمؤمنٍ واثقٍ بالله إن جاءَه فرحٌ أو نابه ترحٌ    في الحالتين يقولُ: الحمد لله ، "عجباً لأمر المؤمن إن أمرَه كله له خير، إن أصابته سراءُ شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيرًا له " ، جاء رجلٌ إلى رسولِ الله يسأله وصيةً جامعةً موجزةً، فقال له النبي:" لا تتهم اللهَ في شيءٍ من قضائه" فكلُّ قضاءِ الله خير، وهيا بنا نتعلم من سعدِ بنِ أبي وقاص ــ رضي الله عنه ــ الذي

قدم مكة، وقد كُف بصرُه، وكان مجابَ الدعوة، وكان الناس يهرعون إليه ويطلبون منه الدعاء، يقول عبدُالله بنُ السائب: فأتيتُه وأنا غلام، وقلتُ له: يا عم، أنت تدعو للناس فلو دعوتَ لنفسك ليرد اللهُ عليك بصرَك، فتبسم وقال: " يا بُني قضاءُ الله عندي أحسنُ إلي من ردّ بصري"، وعروةُ بنُ الزبيرِ بنِ العوام قطعت ساقُه، ومات ولدُه في يومٍ واحد، فجاءه الناسُ ليواسوه ويخففوا عنه، فقال: إني والله لراضٍ عن ربي، فقد أعطاني الله أربعةً من الولد، فأخذ واحدا وأبقى ثلاثة، فالحمد لله، وأعطاني أربعةً من الأطراف فأخذ واحداً وأبقى ثلاثة فالحمد لله " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.

 

 

الرضا بالله عن كل ما سواه

 

الرضا بالله عن كل ما سواه: وهو أعظمُ المقامات وأكملُها، وعلامةُ هذا الرضا: دوامُ حبِّ اللهِ في القلبِ بعد القضا، فإذا علم العبدُ أن اللهَ كافٍ جميعَ عبادِه وثِق بضمانه، فاستراح من تعبه، وأزال الهمومَ والأكدارَ عن قلبه، فيدخلُ جنةَ الرضا والتسليم، ويهُبُّ عليه من روحِ الوصالِ وريحانِ الجمالِ نسيم، فيكتفي بالله ويثق بضمانِه، ويرضى بقدره وقضائه" يهربُ من كل شيء إلى الله ولا يرضى بأحدٍ سوى الله ويعلمُ أن المصائبَ في باطنها تقوده إلى الله، يقول أهل الله: " رحمك بأكدارِ الدنيا ليزعجَك إليه، وأشهدك محاسنَ الآخرةِ لتُقبِل بكلِّيتك عليه، وإنما سلَّط الخلقَ عليك بالأذى حتى لا يشغلَك عنه شيء، أراد أن يزعجك من كل شيء كي لا تركنَ إلا إليه، ومتى أوحشك من خلقه، فاعلم أنه يريدُ أن يفتحَ لك بابَ الأنسِ به، ومن لم يقبلْ على الله بملاطفات الإحسان سِيق إليه بسلاسل الامتحان" ، فليست الغايةُ تعذيبَك بالابتلاء، وإنما الإقبالُ عليه والفرارُ إليه، ورضاك بقضائه وقدره.  عباد الله

كيف نحقق الرضا ؟ قيل ليحيى بن معاذ: كيف يبلغُ العبدُ مقامَ الرضا؟ قال: إذا أقام نفسَه على أربعةِ أصولٍ فيما يعاملُ به ربَّه، فيقول: " يارب، إن أعطيتَني قبِلت، وإن منعتَني رضيت، وإن تركتَني عبدت، وإن دعوتَني أجبْت " ، وسُئل الفضيلُ بنُ عياض، كيف يحقق العبدُ الرضا ؟ قال: إذا استوى عنده المدحُ والذم، والعطاءُ والمنع يشكرُ على النعماء ويصبرُ على البلاء، إذ الكلّ من الله "

  ولتعلم أن اختيارَ اللهِ لك هو اختيارُ الحكيمِ الخبير الذي يعلم السرَّ وأخفى، وأن اختياره لك أفضلُ من اختيارِك لنفسك، ولو اطلعتَ على الغيبِ لما اخترتَ إلا ما أنت فيه.

لمزيد من الأخبار..اضغط هنا