رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

«الأسبلة».. لمسة جمال من أوجه الحضارة الإسلامية

بوابة الوفد الإلكترونية

بئر «رومة» أول سبيل أوقعه عثمان بن عفان لسقاية المسلمين

 

300 سبيل فى القاهرة أهمها «محمد على» و«خسرو باشا» بشارع المعز لدين الله الفاطمى

 

رغبة فى الأجر والعلو درجات كانت الأسبلة إحدى الطرق لتلك الغاية، فكانت أعظم ما يثاب عليه المرء من أعمال البر عملاً بالحديث الشريف عن سعد بن عبادة أن أُّمهُ ماتت فقال: يا رسول اللَّه إن أمى ماتت أفأتَصدق عنها ؟ قال: نعم، قال: فأُّى الصدقة أفضل ؟ قال: «سَقْيُ الْمَاءِ».

ويعود تاريخ ظهور الأسبلة فى المجتمعات الإسلامية إلى العهود الأيوبية والمملوكية، وقد ازدادت فى العهد العثمانى بشكل كبير فمنذ القدم كان الاهتمام ببناء الأسبلة عادة قديمة عند الملوك والسلاطين، ولكن عند المسلمين أخذت طابعًا مميزًا بحيث سارع أهل الخير والأغنياء للتنافس فيما بينهم لعمل الخير حيث سعوا لإنشاء الأسبلة فى الأزقة والطرقات وفى الأماكن العامة حتى يعم الخير، وبذلك ينالون الأجر والثواب.

ويعتبر أول صاحب سبيل فى الإسلام هو «عثمان بن عفان» رضى الله عنه عندما اشترى بطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بئر رومة فى المدينة المنورة، فاشتراه من صاحبها اليهودى وأوقفها لسقاية المسلمين بعد أن كان اليهودى يأخذ مبالغ طائلة من المسلمين ثمناً للمياه التى يأخذونها من البئر.

 

 

وكان ومازال الغرض من الأسبلة تيسير الحصول على ماء الشرب، وهى من المنشآت والأعمال الخيرية الجارى ثوابها، وقد انتشرت فى الأقطار العربية والإسلامية وبلاد العرب ومكة والمدينة ومصر ودمشق، وقد يبنون بجوارها بيوتًا تأوى إليها المارة وعابرو السبيل.

وأول بناء للأسبلة فى مصر فى العصر المملوكى كان ابتداء من القرن الـ 6 الهجرى وكان معظمها من أعمال الأمراء والسلاطين ككفارة عن الذنوب والآثام كما بنى الأغنياء تلك الأسبلة صدقة جارية لأنفسهم أو لأبنائهم المتوفين، وكان يسمح للمارة من كل الجنسيات والملل من المسيحيين واليهود والأجانب كذلك باستعمالها دون تمييز.

 

 

ووُصف السبيل بأنه مبنى يحتوى على طابقين، الأول عبارة عن بئر محفورة فى الأرض بها ماء الأمطار أو ماء النيل يعلوها غطاء أو سقف من الرخام، أما الطابق الثانى فيرتفع عن سطح الأرض وتسمى حجرة التسبيل أو المزملة لتوزيع الماء على الراغبين ويقوم الشخص المعين من قبل منشئ السبيل لرفع المياه من فتحة البئر والمسمى «المزملاتي» برفع الماء من البئر بواسطة قنوات يجرى تحت البلاط المصنوع من الحجر الصلب وينتهى الماء إلى فتحات معدة لرفع الماء، وكان الماء يرفع من تلك الفتحات

بواسطة كيزان مربوطة بسلاسل مثبتة بقضبان النوافذ، أما طريقة التشغيل فكانت تتم بواسطة بكرة فوق البئر محمولة على خشبه مربوط بها حبل، وكان بطرف الحبل سطل يرفع به المزملاتى الماء إلى القنوات الموجودة تحت بلاط المزملة فيجرى إلى النوافذ القائمة عند فتحات القنوات، وكان طالب الماء يصعد على سلالم موجودة أسفل كل نافذة إلى حيث يجد الماء فيحصل على حاجته بالكوز.

 

 

ولم تقتصر وظيفة السبيل على توفير الماء فقط بل كان له وظيفة أخرى مهمة خاصة فى مصر وهى وظيفة التعليم، حيث كان يلحق بالسبيل وفى الجزء العلوى منه والذى يمثل الطابق الثالث فى السبيل كتاب ليتعلم فيه أبناء المسلمين مبادئ القراءة والكتابة وتحفيظ القرآن الكريم، وقد استمر ذلك التقليد منذ فترة الحكم المملوكى وهو الشيء الذى يعطى السبيل المصرى خصوصية وتفرده من الأسبلة الأخرى التى أنشئت فى معظم مدن العالم الإسلامى.

 

ومن أهم الأسبلة الإسلامية:

 

سبيل محمد على، ويقع بجوار باب زويلة الشارع المعز لدين الله الفاطمى، وقد بناه والى مصر محمد على باشا إهداء لروح ابنه الأمير طوسون الذى مات وهو فى الثانية والعشرين من العمر بمرض الطاعون، فقرر بناء هذا السبيل على روحه بعد وفاته بثلاثة أعوام.

والآخر هو سبيل خسرو باشا بناه خسرو باشا أحد ولاة مصر فى العصر العثمانى، ويقع هذا السبيل فى شارع المعز لدين الله الفاطمى أيضًا، وهو سبيل عثمانى لكنه يشبه فى تصميمه الطرز المحلية وليس الطراز العثمانى الخالص.

ويوجد فى القاهرة اليوم أكثر من ثلاثمائة سبيل عثمانى ومملوكى، يظهر فيها جمالية الفن المعمارى، وكذلك فى القدس وفى دمشق وحلب واسطنبول.