عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التجديد والتطوير والإصلاح مطلب قرآنى

المفكر الإسلامى الدكتور
المفكر الإسلامى الدكتور محمد داود

تنمية الأخلاق تبدأ بالتخلى عن الرذائل والتحلى بالمكارم

 

الإيمان دافع رئيسى وراء كل الفضائل الإنسانية

 

التزكية منهج ربانى لإنقاذ المجتمع البشرى من الأزمات والمشكلات

 

«المفكر الإسلامى الكبير الدكتور محمد داود، أستاذ علم اللغة بكلية الآداب جامعة قناة السويس والخبير السابق فى مجمع اللغة العربية داعية إسلامى شهير يمتلك شخصية علمية ثقافية وأدبية متجددة ونابضة بالعطاء والإبداع، فهو مفكر وأديب وأكاديمى وداعية، استطاع أن يتصدر الساحة بين زمرة من علماء الأمة الثقات وكتابها الكبار له حضور فى الفعاليات الدينية والثقافية والدوريات والمجلات والفضائيات المصرية، يشارك بفكره وقلمه فى مواجهة مشكلات العالم الإسلامى، التحق «داود» بجامعة «UCR» لدراسته علم اللغة الحديث ومناهج التفكير فى العلوم الإنسانية وأسس معهد معلمى القرآن واشتغل بالدعوة فى المراكز الإسلامية بأمريكا بولاية كاليفورنيا، وإنشاء جمعية المعرفة لتأليف الموسوعات وتحقيق التراث والتبادل الثقافية مع المراكز العالمية. اشتغل المفكر الإسلامى الكبير بقضية الإلحاد وقام بتدشين صفحة على الانترنت لمواجهة هذه الظاهرة عند الشباب وألف كتباً عديدة لمناقشة وتفنيد شبهات الملحدين بأسلوب علمى رصين، للرد عليها. كما ألف العديد من الكتب اللغوية والدينية مثل «القرآن الكريم وتفاعل المعاني»، واللغة والسياسة فى عالم ما بعد «سبتمبر» و«كمال اللغة القرآنية بين حقائق الإعجاز وأوهام الخصوم» و«كلمات السنة النبوية والتطور الدلالى» و«كلمات القرآن والتطور الدلالى» «الوفد» التقت المفكر الإسلامى الكبير الدكتور محمد داود وهذا نص الحوار:

 

التنمية سنة كونية حياتية فما مفهوم التنمية بشكل عام وما المقصود بالتنمية القرآنية؟

 

النمو سنة جارية فى الكائنات الحية «البنات، الحيوان، الإنسان، والحياة جميعاً» وهو من آثار قدرة الخالق سبحانه وتعالى، وكما يقع النمو فى الجانب الحسى المادى فى الحياة، فإنه كذلك يقع فى مجال المعنوى: فى الفكر وفى الأخلاق وفى الايمان، أما المعنى اللغوى للتنمية فى الزيادة الايجابية المستمرة فى الحياة، أما التنمية فى معناها الاصطلاحى فتعنى التقدم المستمر والرقى الدائم بالحياة فى الجوانب الحسية المادية والمعنوية، وللقرآن خصوصية فى تنمية الحياة الإنسانية، لقد نزل القرآن الكريم من أجل هداية الناس جميعاً، فى أمر الدين والدنيا قال تعالى: «هدى للناس» لقد جعل القرآن الكريم للإنسان قيمة ورسالة، فأما عن قيمة الإنسان فهى عالية غالية حين يؤمن، حيث تتأتى له كل الصفات المحمودة «وهذا عين التنمية» يشهد لذلك الآيات «قد أفلح المؤمنون» و«إنما المؤمنون الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم»» ومنازل المؤمنين فى القرآن لها الرفعة والسمو: «المتقون، المحسنون، الأبرار، السابقون أصحاب اليمين، عباد الرحمن... إلخ»

 

من خصائص القرآن الكريم انه كتاب هداية للناس جميعاً، وقد جعل الإنسان صاحب رسالة فى هذه الحياة فما هذه الرسالة؟ وما دور القرآن فيها؟

 

أما عن رسالة الإنسان فى الدنيا فقد بينتها الآيات من ذلك «هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها»، وعمارة الأرض وتنمية الحياة فيها مهمة ربانية للإنسان والقرآن يدعم الانسان للقيام بمهمة التنمية للحياة على الأرض، حيث سخّر الله للإنسان ما فى السماوات وما فى الأرض ليقوم بمهمته.. ليعيش فى الأرض بمنهج الله.. بالربانية وبالمقاييس الإلهية.

 

القرآن يدعو للتنمية المتجددة المستمرة «التنمية المستدامة» فكيف؟

 

التجديد والتطوير والإصلاح مطلب قرآنى متجدد قال تعالى: «إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم» فالأقوم والأحسن والأكمل مطلب متجدد، مستفاد من أفعل التفضيل «أقوم» وهذا عين التنمية، وقوله تعالى: «الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه» فاختيار الأحسن اصطفاء فى التلقى والتعلم وهو عين التنمية.

 

 

ماذا عن شمول التنمية القرآنية للحياة الإنسانية؟

 

تبارك الله ربنا العليم الحكيم الذى أنزل القرآن تبياناً لكل شىء، من أجل هداية الإنسان فرسم فيه المنهاج العملى للإنسان ليرقى لمنزله خير أمة أخرجت للناس، فتنمية القرآن للحياة الإنسانية شاملة لكل جوانب الحياة الإنسانية، فبين القرآن علاقة الإنسان بنفسه التى سواها ربنا بقدرته فقال تعالى: «ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها» «الشمس  الآيتان 7و8». ووضح الله علاقة الإنسان بالكون أن يتأمله وينظر فيه ليهتدى به الى خالقه ومبدعه قال تعالى: «قل انظروا ماذا فى السماوات والأرض» «يونس: 101» ووضح الله للانسان علاقته بالحياة الدنيا أن يتخذها مزرعة للدار الآخرة قال تعالى: «ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» «البقرة 201» ووضح علاقة الإنسان بأسرته فأقامها على المودة والرحمة وقال تعالى: «وجعل بينكم مودة ورحمة» «الروم: 31» ووضحت آيات القرآن علاقة الإنسان بجيرانه وإخوانه من حوله كما رسمت الآيات الآداب الرفيعة التى يتعامل بها الإنسان فى مجتمعه قال تعالى «وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً» «الفرقان 63». ثم وضح القرآن علاقة الإنسان بأمته الكبرى أمة الإسلام ـ أن يغار عليها ويذود عنها داعياً إلى الخير، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، قال تعالى: «ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون» «آل عمران 104» كما حدد القرآن علاقة الإنسان بغير المسلمين أن يسالم من سالموه، فأحل أكل ذبائح أهل الكتاب والتزوج من نسائهم، وفى هذا إنشاء جسور للمودة والسلام بما يجعل العلاقات الدولية آمنة ومثمرة، منهج القرآن منهج خالق النفس العليم بما يصلحها.

 

ما دور الإيمان فى التنمية القرآنية للحياة الإنسانية؟

 

المنهج الإسلامى يبدأ فى التنمية بغرس القيم الإيمانية فى النفوس من خلال تعميق الإيمان بالله تعالى، وتصحيح المفاهيم التى عانى المجتمع منها خلال السنوات الأخيرة، تكفير، تفسيق، انعزال عن المجتمع.. إلخ، وما من شك فى أن تعميق مسائل الإيمان فيه إشباع روحى يساعد على ترسيخ القيم والفضائل ويصون أبناءنا من سلبيات خطيرة مثل الإدمان والعنف وعدم الانتماء.. إلخ، والذى أود أن ألفت الانتباه الى أهميته أن الدافع الحقيقى وراء كل الفضائل هو الإدمان فمع الإيمان تصح كل الأخلاق والفضائل وبدون الايمان تنهار منظومة الأخلاق.

 

التنمية القرآنية للحياة الانسانية تنمية شاملة فما

آفاق وجوانب هذه التنمية؟

 

آفاق تنمية الإنسان لها جوانب عديدة منها التنمية الفكرية وأبسط الأمور فى مجال التنمية الفكرية لا تنال الاهتمام المطلوب فى مدارسنا وجامعاتنا، فأسس التفكير العلمى ينبغى أن تكون مادة أساسية تدرس بمستويات مختلفة تتناسب مع كل مرحلة تعليمية، وهذا هو السبيل للتخلص من منطق العشوائية فى حياتنا وسلوك الاندفاع العاطفى والانفعالات الطائشة التى تدفعنا الى العجلة والتسرع، وآفاق التفكير العلمى يؤكدها القرآن الكريم قال تعالى: «إنا كل شىء خلقناه بقدر» «القمر: 49» وقال تعالى: «كل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شىء قدير» «العنكبوت: 20».  وهذه دعوة صريحة للبحث العلمى ولنا فى رسول الله أسوة حسنة فى موقفه من أسرى بدر، فبدلاً من قتلهم أوكل الرسول إلى كل منهم تعليم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة، إن التربية المبنية على التفكير العلمى تنشئ مجتمعاً يتناول ظواهر الحياة المختلفة بأسلوب علمى، وبالتالى سيضيف كل إنسان فى موقعه إلى عمله ووظيفته ومن هنا يتقدم المجتمع.

 

وكيف يكون للأخلاق دور فى تنمية الحياة الإنسانية؟

 

القرآن الكريم ينتقل بالانسان، بالبشرية الى عالم أفضل يعيش على الصدق ولا يعرف الكذب، تحيا فيه الأمانة وتجرم الخيانة، يعيش على التراحم والتواضع دون حقد أو حسد، فالقرآن الكريم به أكثر من ستة آلاف آية منها ثلاثمائة آية فى الأحكام المختلفة والبقية فى الأخلاق المرتبطة بالعقيدة، وهذا يصور أهمية الأخلاق فى المنظور القرآنى.

لقد جاءت سورة الحجرات تبين الأمن الأخلاقى للمؤمنين، وهذا من أعظم جوانب التنمية للإنسان، التنمية للأخلاق بالتخلى عن الرذائل والتحلى بالمكارم، والعظيم والمدهش فى هذه التنمية الأخلاقية أسلوب تحقيقها فى أرض الواقع، حيث لا يكره القرآن أحداً على الفضائل، لأن الإكراه على الفضيلة لا يصنع الإنسان الفاضل، وفى هذا درس للمصلحين والعاملين فى مجال التنمية البشرية أن يجتهدوا فى إزالة أسباب الانحراف والدعم الايمانى والإقناع الفكرى.

 

التزكية مصطلح قرآنى هل له دور مهم فى منظومة القيم القرآنية؟

 

نعم التزكية مصطلح قرآنى له موقع مهم فى منظومة القيم القرآنية ومعناه تخليص الإنسان من الصفات المذمومة السلبية وتطهيره من كل دنس ومعصية، هذا من جانب ومن جانب آخر تنمية الإنسان باكسابه الصفات المحمودة، انها تجمع بين «التحلى والتخلى» وتأتى التزكية مرادفاً للمصطلح المعاصر التربية، وجاءت آيات القرآن بالأمر بتزكية الإنسان قال تعالى: «قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى» «الأعلى: 14 ـ 15» والتزكية مهمة الأنبياء فى الناس قال تعالى: «لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين» «آل عمران: 164» والتزكية اجتهاد من الإنسان بتزكية ماله بالزكاة والصدقة وأن يكون من حلال وبتزكية نفسه بالعبادات التى فرضها الله تعالى وبسنن النبى (صلى الله عليه وسلم) وهكذا تتحقق التزكية بكل الطاعات بذكر الله وحسن عبادته ولقد نهى القرآن من جانب آخر وحذرنا من التزكية المزمومة قال تعالى: «فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقي» «النجم: 32» وذلك بمدح الإنسان نفسه أو غيره بالباطل ومن أهم ما يعين على تزكية النفس، الصحبة الصالحة، فالمرء على دين خليله وكثرة ذكر الله تعالى لما له أثره فى القلب فيجعله يرغب فى طاعة الله تعالى ويميل إليها، فالتزكية فى المنهج الربانى هى جماع الفضائل والمكارم وهى إنقاذ للإنسان وتنمية له ودعم له فى الخير والتنمية، لأن الإنسان هو صانع الحضارة، هو صانع التنمية، هو صانع الرقى وبدون تزكية الإنسان بالقيم الإسلامية سيبقى المجتمع البشرى مهدداً بالأزمات الخانقة والمشكلات المستعصية فى المجال الإنسانى والاجتماعى، تحيط به أمراض القلق والإحباط والشقاء، إن الأساس فى كل إصلاح هو الإنسان، إنه الركيزة الأساسية فى كل رقى.