رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جاتك نيلة

بوابة الوفد الإلكترونية

 أعرفها وأسمعها كثيراً، و(إتنيل) فيها ما بين حين وآخر، فعندما يحدث شيء على غير العادة، أو أفشل فى مهمة؛ يكون الجواب سريعًا (إتنيل على عينك)، وعندما يسألك أحد عن نتيجتك، وينتابك الكسوف من سوء التقدير، تقول له: (أيوه إتنيلت) وحتى فى مواطن التورية تجدها حاضرة، فعندما يأتيك صديق غلس فى صباحية زواجك، ويقول لك: طمنا عليك، وكلما هربت منه، يعيد السؤال، لترد عليه بغلظة: ياعم (إتنيلت)، وعندما تزوغ عيناك، وترى فتاة ممشوقة القوام، تنظر إلى زوجتك وتقول:(جاتنا نيلة فى حظنا الهباب)، ورغم سماعى المعتاد لـ(النيلة) وحضورها الدائم فى حياتنا اليومية، فإننى لم يخطر ببالى البحث عنها، وإذ بى أقرأ فى كتاب (دور مصر الحضارى فى السودان، دنقلة نموذجا 1820-1885) لمؤلفته الفاضلة الدكتورة «تحية أبوشعيشع» -عميدة كلية الدراسات الإنسانية للبنات-، وهو من الكتب المتميزة فى معرفة تاريخ مصر والسودان، فأجد من ضمن تطوير الحكومة المصرية للسودان فى ذلك الوقت الاهتمام بزراعة (النيلة)، وإرسال خبراء للإشراف عليها، وقد لاقت هذه الزرعة نجاحاً كبيراً؛ جعل الرحالة «هو سكنز» يقول: إنه خصص لريها فى دنقلة نحو خمسة آلاف ساقية، وقد فضلت الإدارة المصرية التوسع فى زراعتها بدلًا من القطن، ثم كانت من الصناعات المهمة هناك؛ حيث أنشئ لأول مرة خمسة مصانع فى دنقلة (مروى، حنك،

حفير، دنقلة العجوز، دنقلة الجديد)، وكانت تشكل للحكومة مصدرًا طيبًا للدخل؛ ولهذا السبب فكانت تخضع للاحتكار، إلى أن أعلن محمد على حرية الاتجار فيها مما كان له الأثر الطيب فى نفوس الأهالى، وحتى لا أطيل عليك عزيزى (المتنيل) فى قراءة هذه (النيلة) التى أكتبها لك، فقد أخذت الفكرة من هذا الكتاب؛ لأبدأ البحث عن نبات النيلة، فأكتشف أنها نبتة تشبه القطن وتستخدم فى صباغة الملابس وتشتهر باسم (النيلة، النيلج) ويستخرج صبغها من ورق نبات النيل، ويصعب محو هذه الصبغة، وكانت تستخدم قديماً فى ملابس الحزن والحداد، وكان من عادة النساء أن يضعن بعضًا من هذا النبات؛ فيصبغن به وجوههن أو ملابسهن عند موت أو فقد عزيز، إلى أن مرت الأيام وصارت كلمة مشهورة (جاتك نيلة– اتنيل– ينيلك– بلا نيلة) للتعبير عن ارتباطها بالأحزان والمصائب والأشياء غير السارة.