جاتك نيلة
أعرفها وأسمعها كثيراً، و(إتنيل) فيها ما بين حين وآخر، فعندما يحدث شيء على غير العادة، أو أفشل فى مهمة؛ يكون الجواب سريعًا (إتنيل على عينك)، وعندما يسألك أحد عن نتيجتك، وينتابك الكسوف من سوء التقدير، تقول له: (أيوه إتنيلت) وحتى فى مواطن التورية تجدها حاضرة، فعندما يأتيك صديق غلس فى صباحية زواجك، ويقول لك: طمنا عليك، وكلما هربت منه، يعيد السؤال، لترد عليه بغلظة: ياعم (إتنيلت)، وعندما تزوغ عيناك، وترى فتاة ممشوقة القوام، تنظر إلى زوجتك وتقول:(جاتنا نيلة فى حظنا الهباب)، ورغم سماعى المعتاد لـ(النيلة) وحضورها الدائم فى حياتنا اليومية، فإننى لم يخطر ببالى البحث عنها، وإذ بى أقرأ فى كتاب (دور مصر الحضارى فى السودان، دنقلة نموذجا 1820-1885) لمؤلفته الفاضلة الدكتورة «تحية أبوشعيشع» -عميدة كلية الدراسات الإنسانية للبنات-، وهو من الكتب المتميزة فى معرفة تاريخ مصر والسودان، فأجد من ضمن تطوير الحكومة المصرية للسودان فى ذلك الوقت الاهتمام بزراعة (النيلة)، وإرسال خبراء للإشراف عليها، وقد لاقت هذه الزرعة نجاحاً كبيراً؛ جعل الرحالة «هو سكنز» يقول: إنه خصص لريها فى دنقلة نحو خمسة آلاف ساقية، وقد فضلت الإدارة المصرية التوسع فى زراعتها بدلًا من القطن، ثم كانت من الصناعات المهمة هناك؛ حيث أنشئ لأول مرة خمسة مصانع فى دنقلة (مروى، حنك،