رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يا نهار أزرق

بوابة الوفد الإلكترونية

كثيرا ما أسمع «يا نهار أزرق» و(هتشتغلى فى الأزرق، العفاريت الزرق بيتنططوا قدامي) وعندما بدأت البحث فى (النهار الأزرق) وجدت صعوبة، لأنى لا أفقه فى الألوان فكان بحثى (نهاره أزرق)، إلى أن عثرت على هذا النهار الأزرق فى كتاب (كلمات العامية المصرية من أصل قبطي) الذى طبعته كنيسة مارمرقس بالكويت للراهب «بيجول الأنبا بيشوي» والذى ذكر فيه أنه كان فى مصر قديما يصحب المتوفى فى طريقه إلى المقبرة اثنتان من النائحات، إحداهن عند رأسه، والأخرى عند قدميه، ويلطخن وجوههن بالطين، وعادة كان اللون الأزرق هو اللون المخصص لثياب الحداد، وللآن يقولون: «يا نهار طين»، وفى الصعيد يقولون على «الأرض الخصبة»:  «الأرض الزرقاء»، حتى وإن كان لونها أسود، كما عثرت عليه فى ( معجم لغة الحياة اليومية) لمحمد الجوهري: إنه تعبير يفيد الأسى والأسف والدهشة أحيانا، وقد شغل اللون الأزرق اهتمامًا لدى قدماء المصريين؛ لأن الوصول إلى تركيبات هذا اللون استدعى وقتًا طويلًا وعمليات مركبة ومتعددة، إلى أن تم التوصل له، وصار منتشرًا فى رسوماتهم؛ ولهذه الصعوبة نجد أننا نقول: (انت هتشتغلى فى الأزرق) لتعبر عن كونه ليس شخصًا سهلاً، وإنما يخفى الكثير من الحقائق، وقد تفردت مصر بهذا اللون فى العصور السابقة، ولاتزال؛ فقبل اختراع الصبغات الصناعية، نجد أن لوحات الفنانين الغربيين بها رسوم قليلة جدا من اللون الأزرق، فى حين يكثر هذا اللون فى المناطق الأثرية المصرية، ولأن هذا اللون ارتبط فى تراث المصرى بتأثيرات نفسية صعبة،

وهى تخصيب النساء لملابسهن بهذا اللون فى الحداد، فقد اشتهر حتى عصرنا هذا فى كل شيء يمت لهذا الحزن والضيق بصلة، - سواء كان بقصد أم دون قصد-، فظهر فى كل الأحداث والأعمال الشاقة التى تنبئ عن (النهار الأزرق بعينه)؛ فسيارات الترحيلات التى تنقل المساجين تكون باللون الأزرق، وملابس المسجونين الذين حكم عليهم بالسجن تكون باللون الأزرق، وعمال المناجم والتراحيل يرتدون الزى الأزرق، ومعظم الكسالى – أمثالى وأمثالك- يرتدون الجينز الأزرق؛ لأن هذا اللون يتحمل الأوساخ، ولا يحتاج للتنظيف بشكل دوري، ونجد هذا اللون يظهر فى حياتنا المؤلمة؛ فإذا أصبت فى جسدك، أو أسفل عينيك؛ فسرعان ما يتحول لون جلدك -عندما يشتد الألم- إلى اللون الأزرق، وهو على العكس تمامًا من اللون الأزرق الفاتح، الذى يعرف فى ألوان الطيف باللون الأزرق النيلي، فيظهر لونه فى السماء والبحار والأنهار فيعطى شعورًا بالراحة ويخفف التوتر والعصبية، منحك الله – عزيزى القارئ- «الأزرق الفاتح» ومنعك «الأزرق الفاقع» .