عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعرف على أساليب سيدنا إبراهيم فى الدعوة إلى الله

بوابة الوفد الإلكترونية

الدعوة الى الله من الاعمال التى يحبها الله سبحانه وتعالى وقال اهل العلم 
أساليب إبراهيم في الدعوة أولاً : الأساليب النظرية
1 - تقرير توحيد الألوهية ببيان دلائل الربوبية :
جـمــيع دعــوات الرسل قائمة على تقرير توحيد الألوهية الذي من أجله خلق الله الثقلين ((ومَا خَلَقْتُ الـجِـنَّ والإنـسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ)) ، وهو الذي اختلف الناس فيه ، ووقع لديهم بسببه زيغ عظيم ، ولذلك أخـبـــرنا الله عن هدف بعث الرسل بقوله ((ولَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ واجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)).


أما توحيد الربوبية : فأكثر الناس مـتـفـقون عليه ، وهو الإقرار لله بالخلق والتدبير والملك ((ولَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأَرْضَ لَـيـَقـُولُنَّ اللَّهُ)) وتوحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية ، فالذي يستحق العبادة وحده هو الــذي يـخلق ويرزق ، ويحي ويميت ، وينفع ويدفع ، ويملك ويدبر ، وقد بيّن الأنبياء لأقوامهم هذا أتم بيان ، ومنهم إبراهيم ((إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ واتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * إنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وتَـخْـلُـقُـونَ إفْـكـاً إنَّ الَذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ واعْبُدُوهُ واشْـكـُـرُوا لَـهُ إلَـيْـهِ تُرْجَعُونَ)) فبين أن الله هو الرزاق ، فهو إذن المستحق للعبادة دون سواه ممن لا يملكون لأنـفـسـهـم - فـضـلاً عن غيرهم - رزقاً ولا نفعاً ولا ضراً، وقال: ((أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنتُمْ وآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ * فَإنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إلاَّ رَبَّ العَالَـمـِـينَ * الَذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * والَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي ويَسْقِينِ * وإذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * والَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ...)) وأمثلة ذلك كثيرة.


2 - التصريح بقصد النصيحة وأنه لا هدف للداعي إلا نفع المدعوين وأنه لا يريد على ذلك حظا من الدنيا :
إن إعـلان الـداعـيـة عـن هــذا للمدعوين من شأنه أن يلين قلوبهم ، ويدعوهم إلى تأمل ما يُدعون إليه ، ولقد درج على ذلك الأنبـيـاء جميعاً ، فقال نوح : ((ويَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إنْ أَجْرِيَ إلاَّ عَلَى اللَّهِ..)) وقـال هــــود: ((يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إنْ أَجْرِيَ إلاَّ عَلَى الَذِي فَطَرَنِي)) وفي سورة الشعراء ذكــر الله :((ومَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إنْ أَجْرِيَ إلاَّ عَلَى رَبِّ العَالَمِينَ)) ذكرها عن نوح وهود وصـالـح ولوط وشعيب ، وقال محمد -صلى الله عليه وسلم-:((قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إنْ أَجْــرِيَ إلاَّ عَلَى الله وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)) .


وحكى الله عن إبراهيم أنه قال لأبيه :((يَا أَبَتِ إنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْـمـَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ ولِياً)) فهـو لا يريد شيئاً من أبيه ، وإنما يخاف عليه من عذاب الرحـمن، فـيـكـون ولـيــاً للـشيطان ، وتأمل في العبارات التي نطق بها إبراهيم : (أخاف) و(يمسك) و(عذاب من الرحمن) تُلفها تعبر بصدق عما يكنه إبراهيم لأبيه.


3 - الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة :
وقد جاءت جلية في دعوته لأبيه وخطابه الرقيق الحاني المتدفق ليناً - وعطفاً ولطفاً ، اتباعاً للحكمة التي تقرب المدعو من الدعوة وتلين قلبه للاستجابة.
4 - التشنيع على المعبودات الباطلة وعابديها :
لما بين إبراهيم لقومه دعوته ، وألان لهم الخطــاب ، لعنهم يستجيبون ، وما زادهم ذلك إلا التمادي في باطلهم ، فما كان من إبراهيم إلا أن أظهر تهافت معبوداتهم وأحنق النكير عليهم ، فقال :((مَا هَـذِهِ التَّمَاثِيلُ الَتِـي أَنـتُــــمْ لَهَا عَاكِفُونَ)) فسماها تماثيل ولم ينعتها بوصف (الألوهية)، ولمـا ظهر له أنهم لا يعتمدون فيما فعلوا على حجة وبرهان قال لهم: ((لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)) وزاد فقال :((أُفٍّ لَّكُمْ ولِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفـَــلا تَعْقِلُونَ)) ولقد برهن لهم على سفههم ما سوغ في تهكمه بتصرفاتهم حيث سألهم: ((هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ)) فإن أقل ما يقال في هؤلاء المعبودين أنهم لا يسمعون كعابدين فكيف يجلبون لهم نفعاً أو يدفعون عنهم ضراً؟


5 - التذكير بنعم الله على عباده :
جبلت النفوس على حب من أحسن إليها ولذلك عنىَ الدعاة إلى الله بتذكير الخلق إحسان الله إليهم ليكون ذلك أدعى إلى قبول الدعوة فهذا هود يقول :(( واذْكُرُوا إذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وزَادَكُمْ فِي الخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)). وقال صالح :(( واذْكُرُوا إذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وتَنْحِتُونَ الجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ ولا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ)) وأما إبراهيم فقال :(( أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنتُمْ وآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ * فَإنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إلاَّ رَبَّ العَالَمِينَ * الَذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * والَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي ويَسْقِينِ * وإذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * والَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * والَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ)).


6 - التذكير بأيّام الله :
ما مـن أمــة تَخْلف في الأرض إلا وتنظر في أحوال من سلف من الأمم تتبع مواطن العبرة فيها، فتستفيد من الإيجابيات ، وتحذر من السلبيات ، وكان أنبياء الله يذكرون أممهم بأحوال الغابرين ممن كذبوا أو آمنوا ، فيذكرونهم بعاقبتهم ، وينذرونهم أن يحل بهم ما حل بمن كفر من أمم الأرض، لعلهم يتعظون أو يرتدعون، ولذا قال إبراهيم لقومه :(( وإن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ومَا عَلَى الرَّسُولِ إلاَّ البَلاغُ المُبِينُ)) أي فـقــد كذبت أممٌ أنبياءهم فحل بهم ما تعلمون من العذاب ، فإن فعلتم عوقبتم بمثل عقابهم، ومــــا على الرسول إلا البلاغ المبين.
7 - المناظرة والتدرج في إفحام الخصم :


قال ابن القيم في مناظرات إبراهيم : »وهو الذي فتح للأمة باب مناظرة المشركين وأهـــــل الباطل ، وكسر حججهم ، وقد ذكر الله مناظرته في القرآن مع إمام المعطلين ، ومناظرته مع قومه المشركين ، وكسر حجج الطائفتين بأحسن مناظرة ، وأقربها إلى الفهم وحصول العلم(1) »وسنذكر هنا مناظرتين وقعتا لإبراهيم، وذكرهما القرآن الكريم :
- الأولى : مناظرته لعبدة النجوم قال الله تعالى ((وإذْ قَالَ إبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إنِّي أَرَاكَ وقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ * وكَذَلِكَ نُرِي إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ ولِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ

قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى القَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ
قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ القَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إنِّي وجَّهْتُ وجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ والأَرْضَ حَنِيفاً ومَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ * وحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وقَدْ هَدَانِ... الآية)) إلى قوله ((وتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ إنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ))*.


لقد عني إبراهيم وإخوانه من الأنبياء بالتوحيد وإيضاحه،والاستدلال له أيما عناية،وسلك في سبيل بيان الحق ، وتزييف الباطل كل وسيلة تؤدي إلى ذلك، ومنها هذه المناظرة التي قامت بينه وبين قومه لبيان حقيقة ما هم عليه من الضلال.


فأنكر على أبيه اتخاذ الأصنام آلهة ، ولما أشرك قومه معه شدد في إعلان النكير عليهم، وبين أن ما هم فيه ما هو إلا ضلال يبُين عن نفسه ، وذلك ليثير عواطفهم ، ويدفعهم إلى التفكير الجاد العميق فيما هم فيه ، وكان إبراهيـم قد بصره الله بالدلائل الكونية الدالة على وحدانية الله تعالى ، فآراه آياته في ملكوته ، ليعلم حقيقة التوحيد ، أو ليزداد علما به ، ويقينا إلى يقينه.


وأرشده إلى طريقة الاستدلال بها على المراد من العباد.
ودخل إبراهيم مع قومه الصابئة الذين يعبدون النجوم ، ويقيمون لها الهياكل في الأرض ، دخل معهم في مناظرة لبيان بطلان ربوبية هذه الكواكب المعبودة، ولم يشأ أن يقرر التوحيد مباشرة. بل جعل دعوى قومه موضوع بحثه ، وفرضها فرض المستدل لما لا يعتقده ، ثم كر عليها بالنقض والإبطال ، وكشف عن وجه الحق ، فحينما أظلم الليل ورأى النجم قال : هذا ربي فرضا وتقديرا ، وقال : أهذا ربي ، فلما غاب عن أعينهم علم أنه مسخر ليس أمره إليه ، بل إلى مدبر حكيم يصرفه كيف شاء ، ثم انتقل بهم في البحث إلى كوكب هو في أعينهم أضوأ وأكبر من الأول ، وهو القمر ، فلما رآه قال مثل مقالته الأولى ، فلما ذهب عن أعينهم تبين أنه ليس بالرب الذي يجب أن تألهه القلوب، ويضرع العباد إليه في السراء والضراء ، ثم انتقل بهم إلى معبود لهم آخر أكبر جرماً من السابقين فلما أفل، قال: يا قوم إني بريء مما تشركون ، إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ، فاستدل بما يعرض لها من غيرها على أنها مأمورة مسخرة بتسخير خالقها.


فإذا كانت هذه الكواكب الثلاثة في نظرهم أرفع الكواكب السيارة وأنفعها قد قضت لوازمُها بانتقاء سمات الربوبية والألوهية عنها ، وأحالت أن تستوجب لنفسها حقاً في العبادة فما ســواهـــا من الكواكب أبعد من أن يكون لها حظ ما في الربوبية أو الألوهية ، ولذا أعلن إبراهيم في ختام مناظرته براءته مما يزعمون من الشركاء ، وأسلم وجهه لفاطر السماوات والأرض ومـبـــدعهما ، دون شريك أو ظهير ، وضمَّن إعلان النتيجة الاستدلال بتوحيد الربوبية على توحيد الألوهية ، وهذا هو معنى (لا إله إلا الله) فإن ما فيه من البراءة من الشركاء نظير نفي الألهية الحقة عن الشركاء في كلمة التوحيد ، وبهذا يكون إبراهيم قد سنَّ للدعاة إلـى الله أسـلـوبــا متميزا في دعوة المنحرفين ، وذلك بالتنزل معهم بالتسليم بأباطيلهم فرضاً ، ثم يرتب عـلـيـهـا لوازمها الباطلة ، وآثارها الفاسدة ، ثم يكر عليها بالنقض والإبطال ، فإن الدعوة إلى الحق - كما تكون بتزيينه ، وذكر محاسنه - تكون بتشويه الباطل ، وذكر مساويه ومخازيه (بتصرف من مقالة الشيخ عبد الرازق عفيفي في مجلة التوعية الإسلامية عدد 6 ، 7).


وقد اختلف المفسرون هل كان إبراهيم ناظراً أو كان منظراً * [ والصحيح أن إبراهيم في هذا الموطن كان مناظرا لقومه لا ناظرا بنفسه ويدل على ذلك:
أ - قوله تعالى: ((ولَقَدْ آتَيْنَا إبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ)) والمراد بالقَبْلية ما كان قبل النبوة على الصحيح، وأي رشد آتاه الله إبراهيم إن لم يكن موحداً مؤمنا بالله.
ب - قوله تعالى: ((ومَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ)) يقتضي نفي الشرك عن إبراهيم في كل مراحل عمره السابقة.