قصة حادثة الإفك وبراءة السيدة عائشة رضى الله عنها
التدبر فى كتاب الله من صفات الصالحين وقال ابن كثير كان النبي يقترع بين نسائه قبل كل غزوة، فمن خرج سهمها منهن رافقته، وقد خرج سهم أم المؤمنين عائشة في غزوة بني المصطلق، فلما فرغ النبي من غزوته تجهّز الجيش للمسير، فأرادت السيدة عائشة قضاء بعض حوائجها، ثم عادت لتجد نفسها قد فقدت عقدًا، فلما ذهبت تبحث عنه سار الركب، وقد حُمل هودجها على الجمل، ولم يشكّوا بخفة الهودج، فقد كانت عائشة نحيلة خفيفة الوزن، وعادت السيدة عائشة، وجلست في مقامها تنتظر عودة من يسأل عنها، فأخذها النعاس فنامت، فإذا بالصحابي صفوان بن المعطل يلحظها، وكان مأمورًا بالتأخر عن الجيش لاستطلاع الطرق وإخبار الجيش إذا ما أراد الأعداء مباغتتهم من الخلف، فأتى إلى عائشة، فعرفها، وأناخ لها الجمل فركبت، والتحقا بالركب.[٢] وبدأت هنا قصة حادثة الإفك فقد استغلّ رئيس المنافقين عبد الله بن أُبيّ بن سلول تأخّر عائشة ووصولها مع صفوان، وبثّ تهمة ارتكاب السيدة عائشة لفاحشة الزنا، وقد سار المنافقون بالكلام، ووقع به بعض الصحابة، واهتم لها رسول الله هما كبيرًا، فقد رافق كلام الناس انقطاعٌ في الوحي، وكانت السيدة عائشة حينها تعاني من مرض أصابها، فلم يصلها خبر التهمة إلا بعد شهر تقريبًا، فلما عرفت واصلت الليل بالنهار باكية إلى أن نزلت براءتها في القرآن.[٢] براءة السيدة عائشة في القرآن حاول المنافقون في قصة حادثة الإفك الطّعنَ في عرض رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لكن الله أظهر الحق بتبرئتها في عدة آيات من سورة النور، أولها قوله تعالى :{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}،[٣] وقد حكت السيدة عائشة قصة حادثة الإفك في حديث طويل يظهر تغير الرسول في معاملتها بسبب تأخر الوحي، وكثرة القيل والقال، وهو مما يثبت أنّ الوحي ليس شعورًا نفسيًا