فضل كتمان السر
كتمان الأسرار من سلوكيات الصالحين وقال أهل العلم عن ثابت بن أسْلَمَ البُنَاني، عن أنس رضي الله عنه قال: "أتىَ عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وأنا ألعبُ مع الغِلْمان، فَسلَّم علينا، فبعثني إلى حاجةٍ، فأبطأتُ على أمي، فلمَّا جئتُ، قالت: ما حَبَسَكَ؟ قلت: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجةٍ، قالت: ما حَاجَتُهُ؟ قلت: إنَّها سِرٌّ، قالت: لا تُحَدِّثَنَّ بسرِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أحدًا، قال أنس: واللهِ لو حَدَّثتُ به أحدًا لَحَدَّثْتُكَ به يا ثابت"، رواه مسلم
ومن أجل ذلك جاء التحذير الشديد من إفشاء السر، وجاء الأمر بحفظه وصيانته، وتأمل قوله تعالى على لسان يعقوب لابنه يوسف حينما قص عليه رؤياه بسجود الكواكب والشمس له : " قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ " [يوسف: 5]، ومن السنة تأمل أيضًا، قال -عليه الصلاة والسلام- : «إن العبد ليقول الكلمة لا يقولها إلا ليضحك بها المجلس، يهوي بها أبعد مما بين السماء والأرض، وإن المرء ليزل على لسانه، أشد ما يزل على قدميه» (رواه البيهقي ) , وقال صلى الله عليه وسلم : «إن أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها» ( صحيح مسلم) .
وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال : «استعينوا على قضاء حاجاتكم بالكتمان فإن كل
قال علي رضى الله عنه : (سرك أسيرك، فإن تكلمت به صرت أسيره) .
وقال عتبة لابنه الوليد : (من كتم سره كان الخيار بيده، ومن أفشاه كان الخيار عليه) (الإحياء) .
وقال صلى الله عليه وسلم : «من استمع إلى خبر قوم وهم له كارهون، صُبّ في أُذنه الآنُك يوم القيامة»(رواه البخاري ) .
وروى أحمد بسنده عن سعدي بن المقبري قال : (رأيت ابن عمر يناجي رجلاً، فدخل رجل بينهما فضرب صدره وقال له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا تناجى اثنان فلا يدخل بينهما الثالث إلا بإذنهما» (غذاء الألباب ).
وحفظ الأسرار وكتمانها أمانة عظيمة، يجب الوفاء بها، وقد حثنا الشرع عليها، وحذَّرنا من فشو الأسرار والتفريط فيها، قال تعالى : " وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا " [الإسراء: 34]، وقال تعالى : " وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ " [المؤمنون: 8] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : «استعينوا على قضاء الحوائج بالكتمان» (رواه الطبراني وصححه الألباني) .