هل يجوز التداوي بالمحرم مع وجود الدواء المباح الأقل فاعلية؟
يسأل الكثير من الناس هل يجوز التداوي بالمحرم مع وجود الدواء المباح الأقل فاعلية فأجاب الشيخ عطية صقر رحمه الله رئيس لجنة الفتوى بالازهر الشريف فقال روى البخارى ومسلم أن ناسا من قبيلة عُكْل أو عُريْنَة قدموا المدينة فمرضوا لعدم ملاءمة جوها لهم ، فوصف لهم النبى صلى الله عليه وسلم " أن يخرجوا منها إلى المراعى وأن يشربوا من أبوال الإبل وألبانها ، ففعلوا فصحت أجسادهم " . وروى مسلم عن طارق بن سويد الحضرمى أنه قال للرسول صلى الله عليه وسلم "إن بأرضنا أعنابا نعتصرها فنشرب منها فقال " لا " فراجعه وقال : إنا نستشفى للمريض ، فقال " إن ذلك ليس بشفاء ولكنه داء" . وروى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال " إن اللّه لم يجعل شفاء أمتى فيما حرم عليها " وروى ابن ماجه أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى أم سلمة تَغلِى نبيذا لتداوى به ابنتها فقال " إن اللَّه تعالى لم يجعل شفاء أمتى فيما حرم عليها " . وروى الترمذى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " يا عباد اللّه تداووا ، فان اللّه لم يضع داء إلا وضع له دواء " وفى رواية لأبى داود " فتداووا ولا تتداووا بالمحرم " .
وروى أيضا النهى عن الدواء الخبيث ، والخمر أم الخبائث .
إزاء هذه النصوص تحدث العلماء عن التداوي بالمحرم ، وبخصوص الخمر اتفق العلماء على أنه لا يجوز شربها إلا للضرورة القصوى كإنقاذ حياته من الموت لشدة العطش ، أو من لقمة غُصَّ بها فى حلقه ، ولا يجد شيئا حلالا أو أخف حرمة يرويه أو يمنع الغصة ، وذلك قياسا على ما نص عليه من تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وغيرها ثم قال تعالى فى الآية نفسها { فمن اضطر فى مخمصة غير متجانف لإثم فإن اللّه غفور رحيم } المائدة : 3 ، وهى الأصل الذى أخذت منه القاعدة المعروفة : الضرورات تبيح المحظورات . أما استعمال الخمر فى غير ذلك فالجمهور على منعه حتى لو تعينت الخمر ولا يوجد غيرها من الحلال ، بناء على ظاهر الأحاديث التى نصت على حرمتها مطلقا ، ولا يقاس التداوى بها على شربها للعطش أو الغصة، لأن فائدتها فيهما محققة، أما فى غيرهما فمظنونة غير مقطوع بها ، وأجاز بعضهم التداوى بها عند الضرورة قياسا على أكل الميتة والدم ولحم الخنزير بشرط أن يخبر بذلك طبيب مسلم عدل ، وألا يوجد دواء حلال أو شىء أخف حرمة يقوم مقام الخمر، سئل ابن تيمية عن التداوى بالخمر فقالع ما نصه : وأما التداوى بالخمر فإنه حرام عند جماهير الأئمة ، كمالك وأحمد وأبى حنيفة ، وهو أحد الوجهين فى مذهب الشافعى . انتهى .
ولو خلطت الخمر بالماء أو أضيف المخدر إلى مادة أخرى فالتناول والتداوى حرام ، أما العقوبة بالحد فتكون إذا غلب المخدر أو تساوى مع