ماهى الحكمة من تحريم الزنا
يسأل الكثير من الناس عن ماهى الحكمة من تحريم الزنا فأجاب الشيخ عطية صقر رحمه الله رئيس لجنة الفتوى بالازهر الشريف وقال يقول الله سبحانه : { ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا} الإِسراء : 32
وإن الزنا هو مباشرة الرجل لامرأة بغير عقد زواج صحيح ، وقد سمَّاه الله فاحشة والفواحش هى كبائر الذنوب ، كما ذمه سبيلا إلى المتعة الجنسية ، فاللّه سبحانه جعل فى الرجل والمرأة هذه الشهوة من أجل تكاثر الجنس البشرى ، كما يحصل التكاثر والإِنتاج بعاملين لا بعامل واحد فى الحيوان والنبات وغيرهما ، قال تعالى {ومن كل شىء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون } الذارايات : 49 وتكاثر الجنس البشرى لابد أن يكون منظما لينشأ الجيل فى بيئة مستقرة تؤهله لتحمل المسئولية بعد والديه ، ولا تكون البيئة المستقرة إلا بالزواج الشرعى الذى تحدد فيه الحقوق والواجبات للزوجين وللذرية الناتجة منهما .
والاتصال الجنسى مع الموانع من الحمل لا يكون به تناسل إذا جاز لكل إنسان أن يلجأ إليه ، وفيه تعطيل لحكمة الله فى خلق آدم وحواء لتحقيق الخلافة فى الأرض ، كما أن الاتصال الجنسى بدون حدود لا يؤهل لهذه الخلافة .
ومن هنا تظهر الحكمة فى تحريم الزنا المتمثلة فيما يأتى :
1 - ضمان التناسل الجدير بتسلسل النوع البشرى وبقائه لتحقيق خلافة الإِنسان فى الأرض .
2 - حماية الغيرة الطبيعية الموجودة فى الإِنسان ، وهو أجدر بها من بعض الحيوانات والطيور التى تغار فيها الذكور على إناثها ، لأنها كلها مسخرة له بأمر الله فلا يكون أقل منها فى الغيرة .
3 - وقاية الإِنسان من أمراض خطيرة سببها الاتصال الجنسى غير المنظم ، ويؤكد هذا ما ظهر أخيرا من انتشار مرض فقد المناعة المعروف بالإيدز، ويلتقى مع الحديث الشريف المقبول فى مثل هذه المواطن " يا معشر المهاجرين ، خصال خمس إن ابتليتم بهن ونزلن بكم أعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة فى قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الأوجاع التى لم تكن فى أسلافهم ، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين - أعوام القحط - وشدة المؤنة وجور السلطان ، ولم يمنعوا زكاه أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ، ولا نقضوا عهد الله وعهد رسوله
4 - حماية الأنفس من القتل بسبب الغيرة التى تأبى أن يتصل شخص بزوجة آخر أو بنته أو قريبته بغير عقد شرعى .
5 - ضمان التوارث الصحيح بين أعضاء الأسرة المعروفة بالنسب الصحيح ، ومنع الدخيل من التوارث .
6 - عدم ضمان التناسل مع وجود الموانع من الحمل ، فإرادة اللّه غالبة ، وهنا يضيع النسل أو ينسب زوراً لغير أصله ، والإِسلام حرم إلصاق الشخص نسبه بغير أصله ، كما حرم التبنى .
7 -المحافظة على كرامة المرأة ، حتى لا تكون سلعة مباحة يتداولها كل من يريد قضاء شهوته ، كأى متاع آخر يعرض لمن يريد .
من هذا وغيره نعرف حكمة تحريم الزنا وأنها ليست قاصرة على حفظ الأنساب فقط ، ولخطورة آثاره وصفه اللّه فى الآية بأنه فاحشة وساء سبيلا، وحرَّمته كل الأديان من أجل ذلك ، وحتى القوانين الوضعية لم تبحه على إطلاقه ، فالطبيعة البشرية السوية تأباه ولذلك جعل الإِسلام عقوبته قاسية، فهى للبكر مائة جلدة وللثيب الرجم حتى الموت . وقسوة هذه العقوبة تتضاءل أمام الأخطار الناشئة عن الزنا ، وأمام الفوائد الناجمة عن تحريمه ، والله سبحانه حكيم خبير فى تشريعه للناس قال تعالى { وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون } البقرة : 216.